Site icon IMLebanon

عون يقطع الطريق على “الحزب”: لا تضغطوا على باسيل!

أقل ما يقال في مشهد الانحدار السائد في الأداء الرئاسي إلى درك التراشق و”القال والقيل”، إنّ “العهد القوي” لم يعد يقوى سوى على تسطير بيانات “ردح” إعلامية لا ترقى إلى مقام “رئاسة أولى” من المفترض أنها للجميع وفوق الجميع، لكنها للأسف تحولت اليوم بأقلام كتبة القصر من موقع دستوري يعلو ولا يُعلى عليه، إلى موقع إلكتروني للرد على “أقاويل وتحاليل” وإلى أشبه بمنصة رئاسية متخصّصة بتبييض صفحة جبران باسيل. الجميع يعلم أنّ الرئيس ميشال عون يقرأ في “كفّ” باسيل، الصالح والطالح في كيفية تسيير شؤون البلد، والشواهد لا تُعد ولا تُحصى من أيام الرابية إلى بعبدا، حين كانت الحكومات ولا تزال “عمرها ما تتألف كرمى لعيون صهر الجنرال”، فهل بعد ذلك يصدّق عاقل في دوائر الرئاسة أنّ سطرين في بيان نفي إعلامي يستطيعان أن يدحضا تهمة العرقلة عن باسيل؟ الأرجح لا، والأكثر ترجيحاً أنّ من صاغ البيان الرئاسي أمس كان يعلم أنّ الموضوعية تقتضي حذف “لم” الجازمة من عبارة: “النائب باسيل لم يتعاطَ في عملية التشكيل”.

ففي البيان الصادر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الكثير من “الكليشيهات”، كما وصفتها مصادر مواكبة عن كثب للملف الحكومي، لكن بين السطور ثمة “رسائل مشفّرة على درجة عالية من الدقة، موجهة إلى كل من يعنيهم الأمر على خط الوساطات الجارية لتذليل عراقيل التأليف، وأبرزهم البطريرك الماروني بشارة الراعي بأنّ عون لن يستجيب لدعوته بالاتصال برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وجلّ ما يمكن أن يبادر إليه هو ما جاء في البيان لناحية التأكيد على أنّ رئيس الجمهورية ليس له أن يكرّر دعوة رئيس الحكومة المكلف إلى بعبدا، ذلك أن القصر لا يزال بانتظار أن يأتيه بطرح حكومي يراعي معايير التمثيل العادل عملاً بأحكام الدستور”. في حين كانت رسالة موازية لا تقل أهمية إلى “حزب الله” مفادها: لا تضغطوا على باسيل.

وتوضح المصادر في هذا المجال، أنّ حرص بيان بعبدا على الإشارة إلى أنّ “حزب الله لا يتدخل في أي قرار لرئيس الجمهورية بما في ذلك تأليف الحكومة” إنما أتى ليختزن بشكل غير مباشر رسالة مبطّنة من عون إلى قيادة الحزب بأنّ “قرار التأليف بيدي ولا أحد يمون عليّ فيه”، لافتةً إلى أنّ أوساطاً مقربة من “التيار الوطني الحر” كانت قد أبدت توجسها خلال الأيام الأخيرة من دخول “حزب الله” على خط الدفع باتجاه تليين المواقف المتصلبة لرئيس التيار في عملية تشكيل الحكومة، فجاء الرد رئاسياً أمس بمثابة “خطوة استباقية تلتف على أي محاولة ضغط حكومية من جانب الحزب، عبر التشديد على أنّ التوقيع على مراسيم التأليف هو بيد رئيس الجمهورية وحده فلا تقربوا باسيل ولا تقرعوا بابه”.

أما لرئيس الحكومة المكلف، فتأكيد متجدد على الاستمرار في مقارعة حقه الدستوري في التشكيل و”باختيار الوزراء وتسميتهم وتوزيعهم على الحقائب” وما عدا ذلك لن تبصر حكومته النور. وإزاء ذلك، لم يتأخر رد بيت الوسط على الإصرار العوني “على تبني معايير جبران باسيل في تشكيل الحكومة” برسالة مضادة من الحريري مفادها: “الحكومة بمعايير الدستور وقواعد المبادرة الفرنسية وخلاف ذلك دوران في حلبات الإنكار”.

وفي هذه الرسالة، ترى المصادر المواكبة تأكيد الرئيس المكلف على أنه “ليس في وارد الاستسلام ولا الرضوخ أمام الانقضاض العوني على صلاحيات الرئاسة الثالثة” وأنه باقٍ على موقفه في “التصدي لمحاولات تحريف المادة 53 من الدستور وحرف مرامي الشراكة الدستورية بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية في إصدار مراسيم التأليف، عبر بدع مكشوفة تهدف إلى فرض أمر واقع غير دستوري يطيح بالطائف ويكرّس نظاماً رئاسياً على أنقاضه”.

وتزامناً، استرعى الانتباه أمس تجديد رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط النصيحة للحريري بالتراجع عن تأليف الحكومة قائلاً له: “بلاها خليهم هني يحكموا”، مصوّباً على “الصهر الكريم والغرف السوداء” التي يديرها “سليم جريصاتي والمدام عون” للتحكم بالقضاء بالإضافة إلى “غرف عسكرية عجيبة غريبة”. وتوجّه إلى الرئيس المكلف بالقول: “يا شيخ سعد هم لا يريدونك، فليحكموا، ولاحقاً سنرى ما إذا كان سينجح هذا الحكم، وبرأيي لن ينجح فمشروعهم مشروع تدمير وإفقار”.