Site icon IMLebanon

هل تُهرّب حكومة تكنوسياسية؟

كتب رولان خاطر في “الجمهورية”:

فيما الحكومة «راقدة على رجاء القيامة»، مزوّدة كلمة سرّ محلية وببقية الأسرار الخارجية، تحتدِم على خط بعبدا – بيت الوسط. وبين «الكلام الخطّاط» والخطاب الناري، تغيب المعالجات، وتُغَيّب المبادرات، والناس تعيش حسرة على وطن يُفدّى في سبيل الغير، و»غربة» تتسلل إلى سطور القوانين والدستور.

بعيداً عن موجة الغضب العاطفية التي أثارها تسريب «الفيديو الرئاسي»، كانت النقزة من الرسائل التي حملها هذا الفيديو، والذي أتى بتوقيته بعد تصريحات رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وكلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن تحميل الفريقين مسؤولية التعطيل. فأتت الردود في مستوى حجم الرسائل التي تضمّنها الفيديو، ولم تقتصر على تيار”المستقبل” فقط، بل انخرط فيها «الحزب التقدمي الاشتراكي»، فكان تكرار رئيسه وليد جنبلاط القول أمس، إنّ “الصهر الكريم يريد الثلث المعطّل حتى إذا حدث شيء لعمّه، والأعمار بيَد الله، تكون السلطة بيده في الحكومة التي بحسب الدستور هي التي تحكم في انتظار انتخاب رئيس جمهورية جديد، وهذا هو الأمر بكل وضوح”.

هذا التشنّج متواصل وسط غياب أي تدخّل فعلي ومباشر لـ”حزب الله”، الذي، بحسب التجربة السياسية، تقول أوساط سياسية مطّلعة على مجريات التشكيل، يُدرك أنّ للعهد مصلحة كبرى في هذه الحكومة ويريدها وفق معايير محددة، وبشخصية أخرى غير سعد الحريري، في موازاة مصلحة استراتيجية للحزب بتشكيلها وبرئاسة الحريري، لاعتبارات سُنيّة وخارجية. لذا، سيتدخّل الحزب من أجل الوصول إلى تنازلات جزئية وإلى مساحة مشتركة بين الطرفين.

وتعتبر الأوساط، أنّ السيد نصرالله عندما حمّل مسؤولية العرقلة للطرفين، فإنّه أتى أمراً أزعجَ العهد، الذي يريد من «حزب الله» مواقف مؤيّدة له كلياً لا أن يقف على مسافة واحدة من الطرفين.

لكنّ الأوساط تشدّد على أنّ «حزب الله» لن يذهب في اتجاه تشكيل حكومة على حساب العهد، لأنّه بمقدار ما هو في حاجة اليوم إلى غطاء الرئيس ميشال عون، فإنّه يحتاج في الوقت نفسه إلى غطاء الحريري، معتبراً أنّ الحَماوة بين الطرفين هي شدّ حبال من اجل أن يحصل كلّ منهما على أكثر ما يمكن على مستوى التشكيل. فالعهد يصعّد انطلاقاً من اعتبارات محدّدة، وهو يقول انّ الحريري ليس اختصاصياً بل هو تكنوسياسي، لذا يتطلّب الأمر تشكيل حكومة تكنوسياسية، فيما الحريري مصرّ على حكومة اختصاصيين، وفق ما دعت إليه المبادرة الفرنسية وخصوصاً على مستوى توزيع الحصص بما فيها المسيحية. وبالتالي، من المرجّح الوصول إلى نقطة التقاء وسَط بوحدة معايير، تستند على أنّ أي من الطوائف تستطيع ان تسمّي وزراءها.

ورأت الأوساط، “انّ الحماوة الحاصلة لا تعني أننا لن نصل الى التشكيل طالما انّ الأطراف الثلاثة، أي الحريري والعهد و”حزب الله”، تريد تشكيل حكومة. هناك خلاف على السقوف، ولكن لا بدّ من أن تأتي اللحظة التي يتمّ فيها الاتفاق على تحديد هذه السقوف وتبصر الحكومة النور، فلو أنّ الحريري لا يريد أن تتشكّل الحكومة لكان اعتذر”.

من هذا المنطلق، بحسب الأوساط، يحاول البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن يبادر، ويشدّد على انّ العقد محلية، وطالما هي في هذا الإطار فإنّ إمكانية حلّها متوافرة. ومع تسلّم الرئيس الأميركي جو بايدن مقاليد الرئاسة في الولايات المتحدة، تبقى الأمور مفتوحة على الحلّ، لأننا سنكون أمام مرحلة جديدة، خصوصاً أنّ عودة واشنطن الى صوغ سياستها في الشرق الأوسط تتطلّب ربما أشهرا عدة. وبالتالي، يمكن في هذه الفترة تهريب حكومة تكنوسياسية.

وفيما يعتبر مصدر ديبلوماسي «أنّ من الصعب حالياً تشكيل حكومة طالما لم تظهر في وضوح ملامح العلاقة بين واشنطن وطهران، ترى الأوساط السياسية «أنّ إيران سلّمت «حزب الله» الموضوع الداخلي اللبناني، وكل ما له علاقة بموضوع الحكومة يُفاوِض عليه الحزب، فيما الأمور المرتبطة بالمسائل الاستراتيجية تُديرها طهران مباشرة، وأنّ كلام القادة الايرانيين يؤكّد انّ «قرار «حزب الله»، في ما يتعلق بالمسألة الاستراتيجية التي تتعلق بالنزاع مع اسرائيل، يُديره الحرس الثوري الايراني، فيما القرار المتعلق بالحكومة اللبنانية هو لدى «الحزب». وتضيف الأوساط: “لا يوجد أي مفاوضات بين واشنطن وطهران في المرحلة الحالية، لذلك فإنّ الحديث عن أنّ الحكومة اللبنانية هي ورقة تفاوض بيد طهران ليس في محله، وبالعكس فإنّ عدم التشكيل يضرّ ايران و”الحزب” معاً، لأنّ الدول الغربية والعربية تريد إسقاط الهيكل على رأس الحزب وهو أمر لا يناسبه. من هنا، إنّ مصلحة «حزب الله» ان تتشكّل حكومة، أمّا العقدة فهي محلية بين عون، الذي يعتبر أنّ هذه الحكومة ستكون الأخيرة في عهده ولن يفرّط فيها لأنّها حكومة ستُدير الفراغ بعد انتهاء ولايته، وبين الحريري الذي يريد ان يَطلّ على العالم من خلال هذه الحكومة، لذا هو لا يريد أن تضمّ أثقالاً تعرقل طريق نجاحه، وهي قد تكون الفرصة الأخيرة له أمام شارعه والعالم العربي والمجتمع الدولي”.