كتبت إيناس شري في “الشرق الأوسط”:
تصطدم محاولات حزب «القوات اللبنانية» تشكيل «جبهة إنقاذ معارضة» من أجل الدفع لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، بموانع معظم القوى المعارضة التي يمكن لـ«القوات» التعويل عليها، وخصوصاً حزب «الكتائب» الذي يعمل على جبهة منفصلة، و«الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يعطي الأولوية لتشكيل الحكومة وقانون الانتخاب.
وأعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن الهدف من الاتصالات التي تقوم بها «القوات» هو «تكوين جبهة إنقاذ معارضة في أسرع وقت ممكن من أجل الدفع في اتجاه إجراء انتخابات نيابية مبكرة، تؤدي إلى وصول أكثرية نيابية مختلفة تعيد إنتاج السلطة كلها، وفي طليعتها انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة إنقاذ طال انتظارها»، معتبراً أن «السلبية والعقبات واللامبالاة التي يضعها البعض في طريق نشوء هذه الجبهة، لا تؤدي سوى إلى إطالة عمر الأكثرية النيابية الحاكمة، وبالتالي إطالة أمد الأزمة».
ويدرك «القوات» جيداً العراقيل التي تحول دون توحد القوى التي تتشابه وتتقاطع، ولكنّه يميّز بين إرادته فتح طرق التواصل والتفاهم مع هذه القوى، وبين الوصول الفعلي إليها والذي اتضح حتى اللحظة أنه ليس سهلا، كما يؤكّد مصدر في «القوات» متسائلاً، إن كانت بعض قوى المعارضة كـ«الكتائب» مثلاً تستطيع تشكيل جبهة منفردة.
ويلفت المصدر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العراقيل لن تمنع «القوات» كحزب معارض من مد اليد لتوحيد الصفوف انطلاقاً من أسباب موجبة، تتلخّص بأن غياب جبهة موحدة للمعارضة تعني أن المنتصر سيكون الفريق الحاكم والخاسر قوى المعارضة نفسها، وبطبيعة الحال الشعب اللبناني؛ الأمر الذي يجعل «القوات» غير قادر على الوقوف مكتوف الأيدي.
ويقول المصدر، إنه رغم معرفة حزب «القوات» مسبقاً بمواقف بعض القوى السياسية يصرّ على مد اليد والقول إنه لا يجوز أن تستمر القوى المعارضة في التمترس خلف عنوان معين من دون توحيد الجهود لتشكيل قوة ضاغطة للوصول إلى الأهداف المرجوة والتي تتفق عليها وهي تغيير السلطة، من دون استبعاد دور شخصيات مستقلة ومجموعات المجتمع المدني.
ويؤكّد المصدر، أن الاتصالات مستمرة لتقريب وجهات النظر والأفكار السياسية وبناء خريطة طريق إنقاذية، موضحاً أن القوات متمسك بعنوان الانتخابات النيابية المبكرة؛ لأنه أكثر الطروحات قابلية للترجمة، على عكس عناوين أخرى كعنوان إسقاط الرئيس غير القابل للتحقق في الشارع أو عبر الدستور بينما الانتخابات النيابية المبكرة هي بكل الأنظمة الديمقراطية حق عندما يحصل أي مأزق أو تحول بمزاج الرأي العام وهي الطريقة الأمثل لإعادة إنتاج كل السلطة.
ويقول عضو «اللقاء الديمقراطي» (يضم نواب الحزب الاشتراكي) النائب بلال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»، إنّ لبنان «لا يحتمل اصطفافات أو جبهات إضافية أو حتى انقسامات عمودية جديدة». ففي ظل الأزمة الاقتصادية والصحية والانهيار الحاصل في البلاد، لا بدّ من أن تكون الأولوية «لتشكيل حكومة إنقاذ تضع البلاد على سكة الخروج من الأزمة»، وأي طرح آخر خارج عن هذا الإطار «لدينا لاحقاً الوقت لتحقيقه».
ويأتي كلام جعجع بعد أيام قليلة من سجال سياسي دار بين «القوات» و«الكتائب» على خلفية تصريح النائب المستقيل سامي الجميّل، بأن «القوات» يُغيّر مواقفه وفق مصلحته ووفق حساباته، وردّ «القوات» على كلام الجميّل، معتبراً أنه يأتي في إطار إحباط مسعاه لتشكيل جبهة معارضة جدّيّة في البلاد.
ويرى مصدر في حزب «الكتائب»، أنه بعيداً من السجال الحاصل مؤخرا مع «القوات» كان «الكتائب» منذ فترة ولا يزال «يعمل على تكوين جبهة معارضة لمواجهة أفرقاء التسوية والسلطة».
ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن الإطار الوحيد لهذه الجبهة يتمثل في نواب استقالوا من المجلس النيابي ومجموعات أفرزتها انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، مضيفا أنّ حزب «القوات» لا يدخل ضمن هذا الإطار، قائلاً إن نواب «القوات» «لم يستقيلوا وهو جزء من التسوية الرئاسية التي أوصلت رئيس الجمهورية الحالي إلى الرئاسة؛ ما يعني عدم إمكانية أن يكون الطرفان أقلّه حالياً في جبهة واحدة».