كتب المحامي أسامة العرب في “اللواء:”
يرى بعض المحللين الدوليين بأنه بات هنالك شبه ستاتيكو في المنطقة وذلك نتيحة التطوّرات الأخيرة التي جرت بين إسرائيل وبعض الدول العربية والخليجية. مما دفع البعض للتساؤل عما إذا كان هنالك تغيّر في السياسة الأميركية وخصوصاً الاستراتيجية منها. عدا عن الاتفاقيات السرية غير المعلنة بين واشنطن وموسكو وتلك التي تبسط سيطرتهما على التحركات الإقليمية الإيرانية والتركية في المنطقة. وهذا ما أفرز وسائل جديدة بدّلت في شكل التفاهمات الأميركية مع دول الشرق الأوسط. ولا يمكن لبايدن أن يغض النظر عنها مهما كانت الأسباب والذرائع.
لقد كان هنالك من يراهن على سيناريوهات مفادها أن انقلابات أميركية ستحصل في الآونة الأخيرة ولكن هذا الأمر لم يتحقق وأصبحت هذه التمنيات أحلاماً وسراب، خصوصاً ان الرئيس بايدن سيدخل البيت الأبيض ويرسم عناوين سياسية جديدة، إنما غير إنقلابية على سياسة سلفه ترامب ولكنها دبلوماسية أكثر. وان بايدن يتمتع بطاقم إداري واستخباراتي ومالي وسينفّذ سياساته المقررة بالسرعة القصوى المتوقعة منعاً للجدل الشعبي في الداخل الأميركي والمنطقة والعالم.
وبايدن الخبير الكبير بالسياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأميركية يعرف ان هناك صراعاً كبيراً تقوده الولايات المتحدة الأميركية من جهة وروسيا من جهة أخرى على ساحات منطقة الشرق الأوسط ولا سيما السورية والعراقية واللبنانية. كما ان هناك تفاهمات أخرى على المستوى الاستراتيجي لم يتجاوزها أي من الطرفين رغم المفاجآت التي تسببت بها سياسات ترامب من حين الى آخر.
ويمكننا هنا أن نبدي ملاحظاتنا التالية التي لا يمكن التقليل من أهميتها كمثل التفاوض على الملف النووي الإيراني وما ينتج عنها من قطع التواصل بين طهران ودول معادية لسياساتها وما يتبعه من سيناريوهات لملف الصواريخ البالستية والتي يمكن أن يكون لها مخارج عديدة تجعل وجهة النظر الإيرانية في المنطقة ولبنان هي المعتمدة.
ويقول بعض المحللين ان من يراهن على تساهل واشنطن في هذا الشأن مخطئ جداً. فجميع القوانين التي قادت الى العقوبات على حلفاء إيران بدأت مع سلف الرئيس الأميركي الجديد، الرئيس أوباما. وكان بايدن أساسياً في تبنّي هذه العقوبات. بل أكثر من ذلك ان التفاهمات بين الديمقراطيين والجمهوريين كانت أساسية في فرض جميع قوانين العقوبات في الآونة الأخيرة.
ومع هذه الجوانب هناك بعض المحللين الذين يعتقدون انه ورغم الخلافات المعروفة بين موسكو وواشنطن ورغم العقوبات الأميركية على الأولى فان أمن إسرائيل ما زال يجمعهما في منطقة الشرق الأوسط.
وهذا ما نلاحظه من صمت الأميركي والروسي معاً على الغارات الإسرائيلية في سوريا في جميع الأوقات. على هذه الأسس والعناوين تلتقي بعض المعطيات التي تشير إليها التقارير الدبلوماسية وهي أنه لا يوجد أي متغيّرات مهمة وكبرى في المنطقة.
لذلك لن نلاحظ أي متغيّرات على الساحة اللبنانية في القريب العاجل وسيبقى الشعب اللبناني ضحية الرهانات الخاطئة ان بُنيت على تغيير محتمل لموازين القوى في لبنان.
وان لم يصنع اللبنانيون بأيديهم تسويات داخلية تبقى الحد الأدنى من مقوّمات الدولة، من خلال إيجاد حكومة حيادية متماسكة تستطيع إدارة الملفات الشائكة وإعادة بناء علاقات مع الخارج تمهيدا لوصل ما انقطع في العلاقات مع الدول المانحة والعربية قبل غيرها، فسوف تزداد النقمة الاجتماعية على سياسات بعض الحكام.