كتب عمر البردان في “اللواء”:
مع ازدياد الإمعان في تعطيل عملية تأليف الحكومة، ووضع العراقيل أمام مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري، تزامناً مع انسداد مخارج الحلول لهذه الأزمة المتفاقمة، لا زال هناك من يراهن على أن الحل للمأزق القائم لن يكون إلا خارجياً كما في كل مرة، بعد إصرار العهد على مطالبه التي لا يبدو أن الرئيس الحريري في وارد القبول بها، وتالياً التنازل عن شروطه التي وضعها وفي مقدمها تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين. وإزاء هذا الواقع الذي لا يوحي بإمكانية الخروج من هذا المأزق، فإنه بدا من خلال المعطيات المتوافرة، أن هناك حالة ترقب لمجريات المشاورات الخارجية، خاصة بعد اتصال التهنئة الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الأميركي جو بايدن، حيث كان الملف اللبناني من بين الملفات التي تمت مناقشتها.
وأشارت أوساط سياسية لـ«اللواء»، إلى أن «كل المؤشرات تدل على ان أبواب الحلول الداخلية لهذا المأزق، باتت موصدة كلياً بعد تردي العلاقة بشكل غير مسبوق بين الرئيسين عون والحريري، الأمر الذي أدخل تأليف الحكومة في «الكوما»، بانتظار ما ستحمله الأيام والأسابيع المقبلة من حلول خارجية لمعضلة التأليف التي لن يصار إلى حلها، إلا من خلال تدخل خارجي يدفع اللبنانيين للقبول بصيغة أمر واقع». وكشفت أن “هناك محاولات تجري لإعادة ضخ دماء جديدة في شرايين المبادرة الفرنسية التي يتمسك بها الرئيس المكلف، على أن يصار إلى اتضاح الصورة أكثر في وقت قريب، في ضوء الاتصالات الفرنسية التي ستجري، حيث سيتم التركيز على إعادة جمع الرئيسين عون والحريري لطي صفحة الخلافات بينهما”.
وتشدد الأوساط، على أن “باريس ضد اعتذار الرئيس المكلف، وهي ستضغط من أجل مساعدته على النجاح في مهمته، بالرغم من الصعوبات التي تواجهه. وفي السياق لا تستبعد أن تنشط الاتصالات على الخط الفرنسي الإيراني، لتنشيط الحراك الداخلي على الصعيد الحكومي، بحيث ينتظر أن يبادر «حزب الله» الذي يمسك بقرار التأليف إلى التنازل عن بعض شروطه بطلب إيراني إذا تمكنت باريس من إقناع طهران بوجهة نظرها حيال الملف اللبناني الذي لا زال محط اهتمام الرئيس ماكرون الذي يبذل قصارى جهده لإنقاذ الشعب اللبناني من المصير الأسود الذي يتهدده”.
لكن في المقابل، فإن مصادر معارضة تبدي حذراً تجاه المحاولات الخارجية الجارية لإنقاذ الوضع في لبنان، في ظل اشتداد الكباش الدولي بين طهران وواشنطن، ما يعني أن الإيراني ليس مستعجلاً على تسهيل الحل في لبنان، بانتظار ما يمكن أن تحمله معها الإدارة الجديدة من مقترحات بشأن العلاقة مع إيران، وما إذا كانت ستبادر إلى البحث في ملف العقوبات التي أزعجت الإيرانيين بشكل كبير. وهذا ما يدفع طهران للإمساك بالورقة اللبنانية وعدم استعدادها للتفريط بها، ما لم تقتنع بأنها ستحصل على مقابل إذا ما سهلت عملية تأليف الحكومة، وقبلت بوجهة نظر الرئيس المكلف من هذا الملف.
وتخشى المصادر أن يبقى ملف الحكومة ورقة مقايضة بين الإيرانيين والأميركيين في المرحلة المقبلة، الأمر الذي سيدفع الوضع في الداخل إلى مزيد من التأزم السياسي والاقتصادي، توازياً مع استمرار الخلافات الخليجية الإيرانية التي تترك تداعياتها على لبنان بشكل أو بآخر، وسط تزايد التحذيرات من تردي الأوضاع المالية والاقتصادية، في حال لم يسارع المسؤولون إلى التوافق على حكومة جديدة تتولى إنقاذ البلد وتعبيد الطريق أمام الحصول على مساعدات خارجية، ليس من السهولة إقناع المانحين بها، ما لم تكن هناك قيادة سياسية في لبنان توحي بالثقة للداخل والخارج، وبقدرتها على إخراج لبنان من حالته الراهنة.