لا يكاد يمر أسبوع إلا وترتفع فيه الأصوات المنادية بتوحيد معارضي رئيس الجمهورية ميشال عون وعهده، في مقابل استمرار السجالات الكلامية العنيفة بين ثنائي بعبدا- التيار الوطني الحر من جهة، وبيت الوسط من جهة أخرى، في مؤشر إلى انسداد أفق التشكيل الحكومي في توقيت حرج. وهو أمر من شأنه أن يرفع منسوب الغضب السياسي والشعبي إزاء القيمين على الملف ، بدليل عودة الغليان إلى الشارع الطرابلسي، وبعض معاقل الثورة.
وفي السياق، اعتبرت مصادر سياسية مواكبة عبر “المركزية” أن من الضرورة بمكان أن تواكب القوى المعارضة السخط الشعبي بمحاولة لتوحيد صفوفها لا لشيء إلا لتتمكن من تحقيق الخرق المطلوب، لافتة إلى أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يبدو كمن يلعب دور رأس الحربة في هذا السياق، وهو يكثف النداءات إلى تشكيل جبهة معارضة تضع الانتخابات النيابية المبكرة على رأس سلم أولوياتها. لكنها نبهت إلى ان طموح جعجع هذا يصطدم بعراقيل كثيرة، في الشكل كما في المضمون.
وتذكر أن كثيرا من المراقبين يأخذون على القوات بقاء نوابها في المجلس بدلا من الخروج منه للضغط في اتجاه انتخابات نيابية مبكرة، من باب ميثاقية المجلس. وإلى هذا المطب، تضيف المصادر عائقا آخر يتمثل في كباشات أهل الصف الواحد. بدليل أن لقاء صحافيا لرئيس حزب الكتائب سامي الجميل أشعل جبهة السجال بين “الحزبين الشقيقين”، مع العلم أن الجميل كرر موقفه المعروف لجهة اعتبار القوات ركنا من أركان التسوية الرئاسية.
وذكرت المصادر بأن جعجع اعترف في المقابلة الصحافية الأخيرة باختلاف المواقف مع الجميل، ولكن أيضا مع الرئيس المكلف سعد الحريري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، صاحب التموضع الدقيق. ذلك أن الرجل لا ينفك يحض الرئيس المكلف على “ترك الفريق الآخر يحكم”، في مقابل التشديد على ضرورة تأليف الحكومة في أسرع وقت، أي قبل القفز في اتجاه انتخابات نيابية تقلب الموازين المسيطرة اليوم على المجلس، مع العلم أن معلومات- لم تنفها المختارة حتى اللحظة- أفادت بأن جنبلاط شارك في اجتماع استضافه الرئيس تمام سلام ضم عددا من رؤساء الحكومات السابقين بهدف تدعيم جهود تشكيل جبهة معارضة جديدة.
غير أن هذه المحاولة قد تصطدم أيضا باختلاف وجهات النظر بين أطياف المعسكر المناوئ لعون. بدليل أن القوات والمردة والمستقبل، على سبيل المثال، يلتقون على خوض المواجهة ضد عون وعهده (وإن اختلفت الأسباب)، لكن أحدا لا يتوقع من الوزير السابق سليمان فرنجية انقلابا على أركان 8 آذار من أجل تموضع معارض تكتيكي، وفي ذلك رسالة ايجابية في اتجاه حزب الله أولا، صاحب العلاقات المتوترة مع التيار ورئيسه جبران باسيل، المتهم بكونه يجري حسابات رئاسية مبكرة، على بعد عام ونصف العام من موعد نهاية ولاية عون.