كتب رمال جوني في “الأخبار”:
“يا كلمنتين مين يشتريك”؟ بات صعباً على الناس شراء حتّى الليمون في عزّ موسمه، فالتجّار إستغلّوا طلب المصابين عليه، ورفعوا سعره أضعافاً مضاعفة، إرتفاع مرجّح أن يتزايد في الأيام المقبلة وفق ما يؤكّد تجّار الخضار في منطقة النبطية، أما الأسباب فيعيدها الجميع الى التصدير للخارج وحرمان السوق المحلية منه، وغلاء الاسمدة وغيرها. إرتفاع لا يجد المواطن مبرّراً له، فهو يصبّ في خانة الجشع لا أكثر، ويحرم الطبقة المعدمة من تناول الفاكهة والخضار.
يبكي أبو مصطفى حرقته، جاء ليشتري كيلو كلمنتين وآخر أبو صرّة لابنه المصاب بـ”كورونا”، غير أنه تمنّع نتيجة سعرهما المرتفع الذي جاوز نصف يوميته. يقول: “أتعب طيلة النهار في كنس الطرقات لأنتج 30 ألف ليرة في اليوم، وفي النهاية ثمن 2 كيلو ليمون يوازي 20 ألف ليرة، في أي بلد نحن نعيش؟ لا الفيتامين c نستطيع شراءه لأنه يبلغ 50 ألفاً ولا الليمون أيضاً، ويريدوننا أن نصمد، فأين تُصرف في أيّ مصرف”؟
من دون تبرير، عاودت أسعار الخضار والفاكهة إرتفاعها، سجّلت أعلى سعر لها منذ بداية الأزمة، بحيث لامس كيلو الخيار الـ9000 ليرة والبندورة الـ5000 فيما سجّل كيلو الموز3500 بعدما كان بـ2000، أما أسعار الملفوف والقرنبيط فحدّث ولا حرج. غير أنّ اللافت هو رفع أسعار الفاكهة التي يحتاج اليها المصاب، أي تلك الغنية بالفيتامين “c” كالليمون والفريز والكيوي والأفوكا الذي يحلّق بشكل مخيف مسجّلاً 16000 ليرة للكيلو الواحد بعدما كان بـ8000 ليرة لبنانية، وسط تساؤلات عن سبب هذا الارتفاع ومن المستفيد؟
بات من غير الممكن على ذوي الدخل المحدود شراء شيء، حتّى الليمون فاكهة الفقراء بات محرّماً عليهم، والسبب جشع التجّار ممّن يتحكّمون بالسوق من دون رادع . تتأفّف الحاجة فدوى من الأسعار، فوجئت بها، بالأمس إشترت كيلو الخيار بـ4000 بات اليوم بـ8000، وأكثر ما صدمها أن الناس تسكت عن الواقع المخيف، في ظلّ غياب رقابة وزارة الاقتصاد. لا يكفي المواطن معاناته مع الوباء وغلاء أسعار أدويته، الا وطالعه تجّار الخضار برفع أسعارهم من دون وجه حق. بحسب صاحب أحد المحال “الأسعار ستشهد ارتفاعات يومية، في ظلّ غياب الرقابة”، مؤكداً أنّ “التجار الكبار يستغلّون الاقفال، ويعمدون الى تقنين توزيعها متحكّمين بسعرها، بحجّة ما في بضائع في السوق”. ولا يخفي علي، صاحب احد محال بيع الخضار في النبطية أنّ “غياب سلطة الرقابة فاقم الأزمة، فالكلّ يريد تحقيق أرباح على حساب الفقير الذي بات برأيه عاجزاً عن شراء خضار السلطة”، مشدّداً على “أننا دخلنا في سوق الاحتكار الخطير، إذا لم يتمّ لجم كبار التجّار ومحاسبتهم”. في حين يؤكّد يوسف، صاحب بسطة فاكهة، أنّ “الارتفاع الكبير بالاسعار طال بشكل لافت فاكهة الليمون والموز والتفاح الذي لامس سعره الـ6000” وهو ما يراه إعداماً للفقير الذي يعاني أزمة معيشية، “فجاءت الأسعار المفاجئة لتحرمه من حبّة ليمون”. يبدو أنّ الاقفال عاد بالأزمات الخطيرة على الشعب، أزمات متوقّع أن تحرّك الشارع عمّا قريب، فلم يعد بمقدور أحد مواجهتها، والحقّ يعيده الجميع لغياب وزارة الاقتصاد بشكل كلّي عن الرقابة، وربّما تواطؤها مع التجّار لغايات في نفس يعقوب “الربح السريع”.
يبدو أنّ النقمة الشعبية ستتزايد مع تزايد الغلاء والفقر والجشع، وربّما يكون التحرّك الشعبي الذي دعا اليه حراك النبطية اليوم الاربعاء الشعرة التي ستقصم ظهر صمت الفقراء، ولكن على من يقرأ الفقراء مزاميرهم، فالكلّ شريك في تجويعهم، يقول احد التجّار .