Site icon IMLebanon

مبادرة ماكرون مستمرة باعتبارها فرنسية – أميركية

كتبت لينا الحصري زيلع في “اللواء”: 

بعد مضي اسبوع على تولي الرئيس جو بايدن مهامه كرئيس للولايات المتحدة الاميركية تشخص الانظار الى المرحلة المقبلة والدور الذي يمكن ان تلعبه ادارته في منطقة الشرق الاوسط خصوصا بعد الاتصال المطول الذي جرى بينه وبين نظيره الفرنسي مانويل ماكرون نهاية الاسبوع الماضي، والذي تم التطرق فيه الى عدد من الملفات الاساسية بما فيها الاقليمية والتأكيد على موضوع الاستقرار في المنطقة، ولكن في الانتظار فان المؤشرات الدولية تؤكد ان الاولوية الاميركية تبقى معالجة جائحة «كورونا» على ان يليها تباعا العمل لايجاد الحلول لمعظم الملفات وقد يكون منها الملف اللبناني.

وحول موقع لبنان في الادارة الاميركية الجديدة خصوصا بعد ان كانت المعلومات تشير الى ان الولايات المتحدة وكلت فرنسا الملف اللبناني، يعتبر السفير رياض طبارة لـ«اللواء» بأن اهمية لبنان تنبع من المصالح الخاصة للدول الكبرى وتحديدا الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا واوروبا ككل والتي ترى ان لبنان مهم لها لاسباب دولية، وليس لانه ملتقى للحضارات كما يصفه البعض، مشيرا الى ان باريس تتخوف من حصول اي فوضى في لبنان تتسبب بنزوح قرابة المليوني لاجىء الى اوروبا، وهذا الامر يبعث خوفا لديهم، خصوصا نزوح المسلمين للقارة.

ويشير طبارة الى ان الولايات المتحدة بدورها تسعى للعمل من اجل الوصول الى تفاهم بين لبنان واسرائيل بالنسبة الى الحدود البحرية، لا سيما انه لا يمكن لاسرائيل الاستعانة بشركات التنقيب الكبرى في المنطقة البحرية قبل الوصول الى اتفاق مع لبنان، لذلك فإن الولايات المتحدة تبذل كل ما في وسعها حسب طبارة من اجل هذا الاتفاق، كما انها تعتبر ان انهيار لبنان من شأنه نشوء فوضى قد تتطور لنشوب حرب في منطقة الشرق الاوسط مما قد يدفع اسرائيل للقيام بعملية عسكرية كبيرة، بينما ترعى واشنطن في المرحلة الراهنة الوصول الى اتفاقيات سلام بين الدول العربية واسرائيل.

ويلفت طبارة الى انه رغم ان المصالح الفرنسية والاميركية التي ترفض انهيار لبنان فانهما الوقت نفسه لا يحاولان العمل على ازدهاره معتبرين ان ذلك هو مسؤولية لبنانية بالدرجة الاولى.

انقلاب على سياسة ترامب

ويعتبر السفير طبارة الى ان البرودة الاميركية تجاه لبنان في الفترة الماضية كانت بسبب انشغال الادارة بالانتخابات التي راهن عليها قسم من المسؤولين في لبنان، ولكن وبعد تسلم الرئيس بايدن مهامه تبين ان لا علاقة بين موضوع تأليف الحكومة اللبنانية والانتخابات الاميركية، مشيرا الى ان الانظار في الوقت الحاضر تتجه الى الانقلاب الحاصل على السياسة التي كان يتبعها الرئيس دونالد ترامب وذلك من خلال القرارات التي بدأ باتخاذها الرئيس بايدن وذلك فور توليه رئاسة البلاد لا سيما فيما يتعلق باعادة العلاقات الاميركية مع المجتمع الدولي.

ويرى طبارة بأن الرئيس الاميركي كان واضحا في خطابه الرسمي الاول في يوم تنصيبه باعتباره ان اولوياته هي معالجة موضوع وباء كورونا وتداعياته والانعكاسات التي خلفها، وقال بايدن «اذا استطعنا الوصول الى حل لازمة هذا الوباء يمكننا معالجة الوضع الاقتصادي ومن ثم يمكن الانطلاق لمعالجة معظم المشاكل في العالم»، لذلك وحسب طبارة فان الرئيس الاميركي بادر بالاتصال بحلفاء بلاده وبمنظمة الصحة العالمية لاعادة ما انقطع جراء السياسة التي كان يتبعها سلفه.

بايدن يؤمن بالمبادرة الفرنسية

واشار السفير طبارة الى ان الملف اللبناني لم يصل بعد الى اروقة الادارة الاميركية بشكل مفصل رغم ان الملفات عادة تتابع ولكن على نار هادئة في حال الانشغال بأزمات داخلية كما هو حاصل حاليا بسبب «كورونا». ولكن حسب المعلومات المتوافرة يرى طبارة أن الاتصال الهاتفي المطول بين بايدن وماكرون تطرق الى كثير من الامور ومن بينها ربما الملف اللبناني حيث تًظهر المؤشرات بأن الرئيس الاميركي لا يزال يؤمن بضرورة استمرار المبادرة الفرنسية تجاه لبنان والتي يعتبرها طبارة بأنها مبادرة فرنسية – اميركية بقيادة فرنسية.

وردا على سؤال يؤكد طبارة ان باريس وواشنطن والمجتمع الدولي لا يزالون ينتظرون تشكيل حكومة في لبنان والقيام بالاصلاحات المطلوبة دوليا من اجل البدء بتقديم الدعم والمساعدة لانقاذه اقتصاديا.

تطور العلاقات الاميركية – الايرانية يؤثر على لبنان

ويتطرق طبارة الى مسار موضوع العلاقات الاميركية – الايرانية وتطورها والذي من شأنه ان يؤثر بطبيعة الحال على لبنان، لا سيما ان احد شروط الولايات المتحدة الاميركية لرفع العقوبات عن ايران هو توسيع الاتفاق النووي ليشمل عدة مواضيع اهمها علاقاتها بجيرانها ووضع الميليشيات المتحالفة معها في المنطقة و«حزب الله» هو احد الحلفاء الاساسيين لها، لذلك فمن المؤكد ان يتأثر لبنان بما ستؤول اليه المحادثات الاميركية – الايرانية في هذا الاطار، ولكن يستطرد طبارة ويعتبر ان المحادثات في هذا الخصوص تحتاج لوقت ليس بقليل بحيث يتم التوافق على اسس استئناف المفاوضات بين البلدين، خصوصا في ظل رفع سقف الشروط الايرانية والتي تطالب بإزالة العقوبات عنها اولا، ويرى طبارة الامر بأنه بمثابة سقف تفاوضي لا اكثر، في وقت تصّر فيه الولايات المتحدة ان توقف ايران ممارسة خروقاتها للاتفاق النووي لكي تعود بدورها للالتزام بهذا الاتفاق كمرحلة اولى على ان تتبعها مرحلة التوافق على توسيع هذا الاتفاق ومن ضمنه موضوع الميليشيات التابعة لايران، ولكن حسب طبارة فإن المرحلة ستكون طويلة بإعتبار ان مفاوضات الوصول الى الاتفاق النووي استمرت قرابة 8 سنوات ويذكّر بانها بدأت بشكل سري ثم جرت في سلطنة عمان ولم يصل هذا الاتفاق الى مراحله النهائية سوى قبيل اشهر قليلة من انتهاء الولاية الثانية للرئيس باراك اوباما، ويبدي طبارة اعتقاده بأن اعادة النظر في هذا الاتفاق ومراجعته يحتاج الى وقت ايضا، داعيا المسؤولين في لبنان الى عدم الرهان على الموضوع وانتظار ما ستؤول اليه العلاقة الاميركية – الايرانية لتأليف الحكومة.

ويشدد على ان الاولوية في لبنان هي ضرورة تشكيل حكومة والبدء باجراء الاصلاحات من اجل الاستفادة من الدعم الدولي المباشر، ولكنه يرى بأن هذا الامر تعترضه صعوبات، لان الواقع يشير بأن خلفيات الخلافات الراهنة بشأن تشكيل الحكومة هي الانتخابات الرئاسية المقبلة، لافتا الى ان كل الدلائل تؤكد ان معركة الرئاسة بدأت بشكل فعلي في ظل انهيار غير مسبوق للبلد ورفض تقديم اي تنازلات والتمسك بالثلث المعطل وبالتالي تعطيل المبادرة الفرنسية – الاميركية بسبب خوف البعض من تشكيل حكومة مستقلين تعمل لفتح ملفات الفساد القديمة والتي قد تطال عدد كبير من السياسيين.

ورغم عدم تفاؤله الكبير بمستقبل البلد في ظل طبقة سياسية غير مكترثة لمصالح لبنان، يؤكد طبارة بان الدول الكبرى لن تسمح بانهيار لبنان بشكل نهائي لان هذا الامر سيؤثر عليها وعلى سياساتها بشكل كبير، املا تدخلا خارجيا كبيرا من اجل العمل على كسر جدار الازمة اللبنانية.

ويؤكد طبارة على استمرار المبادرة الفرنسية لان اسبابها لم تنتف في ظل اهتمام اميركي بمنطقة الشرق الاوسط، ويذكر السفير طبارة بما كان اعلنه الرئيس بايدن خلال حملته الانتخابية بضرورة العودة الى حل الدولتين والصلح الشامل، وتوقع طبارة ان يكون للولايات المتحدة الاميركية كلمة الفصل بعد انتهاء ازمة كورونا التي تشكل اولوية لدى الادارة الاميركية في الفترة الراهنة على ان يتبعها حل الازمة الاقتصادية للتفرغ بعدها للملفات الدولية مع حلفائها.