كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:
كأنّ المواطن البقاعي لا يكفيه ما يعانيه من جائحتي “كورونا” والفقر، ومن سياسة وزارة الصحّة في اعتبارها اللبنانيين قطيعاً، لتكتمل صورة المشهد بتسمّم جماعي لمواطنين في بلدة قبّ الياس، من دون تدخّل طبابة القضاء لمعرفة سبب هذا التسمّم ومصدره، وبالتالي تتهرّب الوزارة من أعباء كلفة استشفاء المرضى في ظلّ واقع اجتماعي سيّئ، ما يدل على فشلها ودخولها “الكوما” وابتعادها عن الواقع في التعاطي مع الملفّ الصحي المفترض انه ملفّ عام، وليس حكراً على فريق دون آخر. إختلطت عوارض التسمّم بعوارض “كورونا”، ما ضاعف الخوف والأكلاف في الفحوصات وشراء مياه الشرب والاستعمال، وضاعت “الطاسة” بين تسمّم نتيجة تلوث المياه أو نتيجة تناول أطعمة محدّدة، وفي الحالتين يفترض بوزارة الصحّة إجراء تحقيق لمعرفة السبب.
فمنذ نحو عشرة أيام يفرض على قبّ الياس جوّ صحّي مشحون، بين تسمّم نتيجة تلوث المياه كيميائياً، وبين تسمّم في الطعام، وذلك بعدما تعرّض ما يقارب المئة شخص من البلدة لإسهال حاد وتقيّؤ وحرارة، ما ادّى الى جفاف في اجسام البعض واستدعى دخولهم المستشفيات.
وبالرغم من أنّ بلدية قب الياس ابلغت الامر الى طبابة الصحّة في القضاء، لم تحرّك الأخيرة ساكناً لترصد ما اذا كان الأمر نتيجة وباء أو جرثومة لإحاطته بهدف معرفة السبب الرئيسي لهذا التسمّم. عدا عن تأخّر مصلحة مياه البقاع في الاستجابة لفحص المياه من كافة المصادر في القرية. وتشرح المدرّسة خلود المعلم، أولى المصابات بالتسمّم أنها “منذ عشرة أيام تعرّضت وعائلتها لحرارة واسهال حادّ وقوي واستفراغ، ولأن الجو كوروني، ظنّت أنّ الفيروس اصابهم، في اعتبار أن العوارض شبيهة كثيراً بعوارض “كورونا”، ما استدعى إجراء احدهم فحص الـpcr، وقالت: “في البداية تعرضت انا وابنتي وحفيدتي، وأيضاً ابني لإسهال حادّ، وارتفاع في درجات الحرارة ووجع بطن قوي اضافة الى الإستفراغ الحادّ، وبعد مراجعة الطبيب ومعاينته لهم طلب إجراء فحوصات مخبرية، فأجرى ابني فحص خروج وتبين أن الفيروس روتا”. وتجزم بأنّ المشكلة في المياه لانها اثناء التسمم الذي تعرّضوا له، كان الجو عاصفاً وماطراً، ولاحظت أنّ المياه عكرة، فبدأت تشتري مياهاً للشرب كما أضافت مادة الكلور الى الخزّان.
يسأل الأهالي عن السبب وما اذا كانت المياه خالية من التلوّث، أو أنّ التسمم ليس نتيجة تناول اطعمة محدّدة. لم يجزم طبيب الأطفال في البلدة زياد حاراتي بأن تكون الاسباب نتيجة تلوّث في مياه الشرب، وأكّد انّه عاين أكثر من عشر حالات غالبيتها اسهال حاد، واستفراغ وحرارة، بعضها تمّ تحويله الى المستشفى بسبب الجفاف، وأظهر الفحص المخبري لبعضهم وجود فيروس “روتا”، الذي يصيب الانسان نتيجة اصابته بتلوث ما، ربّما بالمياه وربّما بالاطعمة.
وأوضح أنّه “كي يتمّ رصد هذه الحالات وجدولتها للوصول الى السبب الرئيسي ونوعية الجرثومة، نحتاج الى فريق عمل للتواصل مع كافة الاطباء في البلدة والصيادلة واجراء تحقيق صحّي مع المرضى”. أمّا الطبيب طلال الميس (اختصاصي جهاز هضمي) فيؤكد أنّه خلال أقلّ من عشرة أيام، عاين العديد من الحالات، “حالات تسمم تشبه بعضها، وفي أوقات متفاوتة، ما يستبعد ان يكون التسمم نتيجة تناول اطعمة، لان غالبية الذين عاينهم من أحياء محددة في بلدة قب الياس. ورجّح أن يكون التسمم جرثومياً، سلمونيلا أو كوليرا لأنّ عوارضهما اسهال حاد واستفراغ وحرارة، وأيضا ناتجة من التلوث واختلاط مياه الشرب بالمياه الآسنة.
من جهته رئيس بلدية قب الياس وادي الدلم جهاد المعلم، اعتبر “أن المشكلة ليست في المياه، لأنّ البلدية فور علمها بحالات تسمّم قالت انه نتيجة تلوث المياه، أجرينا اتصالاتنا اللازمة وأبلغنا طبابة القضاء، ومصلحة المياه، لتفحص كل مصادر المياه في البلدة، وعلى هذا الاساس أجرت المصلحة فحصاً لأكثر من عشرين عينة، من كافة المصادر، وتمّ قطع المياه عن الاحياء التي قيل أنّ فيها حالات تسمّم، وعمّمنا بعدم استعمال مياه الشرب الى حين صدور النتيجة” . قبّ الياس تتغذّى من ثلاثة مصادر لمياه الشفة، المصدر الاول من النبع الرئيسي والذي يعلو البلدة وتعلوه بلدة المريجات، اما المصدر الثاني فمن البئر الواقع في اعالي الجبل، وهذان المصدران يغذّيان البلدة عبر الجاذبية. فيما الثالث بئر “البيضا” يتغذّى عبر المضخّة وتحيطه الكسارات والمنازل.
وقال:”على ضوئها صدرت امس نتيجة الفحص وتؤكّد خلو مياهنا من أي تلوث وهي صالحة للشرب”. وختم المعلم: “في الصيف اجرت مصلحة مياه الليطاني فحوصاً مخبرية على كافة مصادر المياه في البلدة وأكدت أنّها صالحة للشرب، ولا يوجد أي تسرّب أو تلوث فيها”.