منذ عدة ايام، نقرأ اخبارا في عدد من وسائل الاعلام مفادها ان طلاب لبنان حلّوا في المرتبة ما قبل الأخيرة عالمياً في العلوم، والأخيرة عربياً في اختبار “تيمز” الدولي، وفي التفاصيل فانه من بين 39 دولة شاركت في الاختبار الدولي “اتجاهات في دراسة الرياضيات والعلوم الدولية” (TIMSS) عام 2019، وأُعلنت نتائجها الشهر الماضي، حلّ لبنان في المرتبة 38 في مادة العلوم، وفي المرتبة الأخيرة عربياً من بين 10 دول عربية مشاركة، فيما أتت نتائج الرياضيات افضل بقليل إذ حاز لبنان المرتبة 32 دولياً، والرابعة عربياً.
ان قراءة هذه الارقام، تدفع الى الاحباط، بين الاهل الذين “يدفعون دمّ قلبهم” لكي يوفروا التعليم لابنائهم، وبين الطلاب الذين يبحثون عن مستقبل افضل ويعتبرون ان العلم هو سلاحهم الوحيد.
ولكن في المقابل، اسئلة عدة تطرح: من هم الطلاب الذين شاركوا في هذه الاختبارات، ومن هي المدارس التي قدمتهم، وهل استعدوا كما يجب؟… ليكونوا عيّنة عن كل لبنان، و”يحاكم” من خلالهم كافة الطلاب.
وتجرى اختبارات TIMSS مرة كل اربع سنوات، وانها المرة الخامسة التي يشارك فيها لبنان من خلال 4730 تلميذاً وتلميذة من 204 مدارس رسمية وخاصة (من الصف الثامن اساسي والاول ثانوي ) يخضعون لامتحانات في العلوم والرياضيات واللغة.
الاختبارات
واشار نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود انه منذ عدة سنوات يتعامل المركز التربوي للبحوث مع المؤسسة التي تنظم هذه الاختبارات، والمدارس تتطوع ليشارك طلابها، رافضا بعض العناوين التي جاءت جائرة بحق الطلاب، وفيها استهداف للمناهج والقطاع التربوي.
واوضح عبر وكالة “أخبار اليوم” ان طلاب لبنان يتابعون بشكل اساسي المنهجين اللبناني والفرنسي، وهما يختلفان عن مناهج معتمدة في دول اخرى، وبالتالي اختبارات TIMSS تتضمن موادا غير مدرجة في المناهج المعتمدة، وخاصة في المنهج اللبناني.
وقال عبود: حتى المدارس التي تتطوع للمشاركة في هذه الاختبارات، ليس لديها الوقت الكافي لتحضير الطلاب كما يجب لما يمكن ان يأتي في هذه الاختبارات اكان على مستوى المواد المطلوبة او الطريقة التي تطرح فيها الاسئلة، مشيرا ايضا الى ان الامر مختلف عن الاسلوب المعتمد عندنا، اضف الى ذلك ان العام الفائت كما العام الحالي ليسا طبيعيين، حيث كل شيء ليس سليما، والصعوبات كثيرة على كافة المستويات.
وشدد عبود على ان المقارنة ليست في مكانها وغير صائبة، قائلا: قد يكون هناك موادا مشتركة، لكن ايضا هناك الكثير من المواد التي لا يدرسها الطالب اللبناني. وقال: ليس المنهج من فشل ولا الطالب، بل من وضع التلميذ امام اختبار غير محضر له… واضاف: اختبار TIMSS كأي امتحان يحتاج الى تحضير على عدة مستويات، فالذكاء وحده لا يكفي، لان التحضير امر اساسي ايضا، مذكرا انه في سنوات سابقة كان طلاب لبنان يحلون في مراتب متقدمة جدا في الاختبارات عينها .
لا علاقة للمناهج!
وردا على سؤال، قال عبود :صحيح ان المناهج بحاجة الى تحديث، لكن الامر لا علاقة له باختبارات TIMSS، لكنها تشكل مدخل لتحديث المناهج هو واجب على المركز التربوي، وهذا ما نسعى اليه منذ اكثر من سنتين لكن يأتي التحجج بالتمويل.
وسأل عبود مستغربا: هل الضرورة التربوبة تتوقف عند حدود الضرورة المالية؟ قائلا: الامر لا يجوز، بل على العكس هناك الكثير من المتطوعين في التعليم الرسمي كما التعليم الخاص، وهؤلاء مستعدون لاجراء التحديثات اللازمة بغض النظر عن المدخول المادي، لان المال ليس المعيار. وتابع: على الرغم من ان تحديث المنهج مرتبط بجهة رسمية واحدة ولكن العديد من المعلمين مستعدين للمساعدة بشكل مجاني.
الامتحانات الرسمية
على صعيد آخر، تحدث عبود عن مصير العام الدراسي الحالي، قائلا: مصاعب عدة حتمت الغاء الامتحانات الرسمية العام الفائت، من ابرزها ان كل مدرسة تابعت المنهج بطريقة مختلفة عن الاخرى، وهذا الامر لم يعد موجودا راهنا لان المركز التربوي حدد التخفيف من المناهج الى جانب الترتيب الزمني له، لكن في الوقت عينه زادت الصعوبات الصحية، بالتالي حتى اليوم لا نعرف كيف ستنظم هذه الامتحانات التي نصرّ على إجرائها، اذ لا يجوز للسنة الثانية على التوالي ان يحصل الطلاب على افادات فقط ففي ذلك ظلم كبير.