من دارة الرئيس تمام سلام، والى مأدبة العشاء التي اقامها منذ فترة وشارك فيها الرئيسان فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي والزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، وعلى ضفافها في بعض الاوساط الاخرى المناوئة للعهد وممارساته، انطلق الحديث عن مشروع تأسيس جبهة سياسية ومجموعات بدأت تتأطر داخل اكثر من بيئة لا سيما المسيحية والسنية، للوقوف سدا منيعا في مواجهة ممارسات العهد غير السوية لا سيما في معالجة الازمات المتراكمة وتعطيل تشكيل حكومة الانقاذ وفق المبادرة الفرنسية ومحاولة تغيير النظام التي تحدث عنها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، اذ من شأنها ان تقحم لبنان في متاهات البحث عن صيغة جديدة للحكم، في ظل واقع غير سليم يتحكم به فريق سياسي حزبي يمتلك ورقة فائض القوة ويدير وفق ما يناسبه التوجهات السياسية اللبنانية برمتها.
الرئيس السنيورة الذي اكد ان العشاء هو”صناعة بوصلة” وليس تأسيس جبهة سياسية وان المسعى الذي نقوم به ليس ضد احد بل لاستعادة لبنان كبلد يحقق امال مواطنيه ويستعيد ثقة الخارج به، فنحن نسعى لبناء تفاهم وطني عريض لتصويب بوصلة الانقاذ”، حطّ اليوم في بكركي. هناك حيث لا ينفتئ البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يوجه نداءاته الاسبوعية في عظات قداديس الاحد بما تتضمن من انتقادات للممارسات السلطوية والاداء السياسي غير السليم ورفض المسّ بالدستور، بحث رئيس الحكومة السابق مع سيد الصرح تفاصيل وتداعيات ما يدور على المسرح اللبناني من مسرحيات سياسية خطيرة غير محمودة النتائج تدفع البلد نحو مزيد من الاعتلال والانهيار، لا سيما العقبات الحائلة دون تشكيل الحكومة حتى الساعة على رغم كل ما جرى. واكد السنيورة ضرورة الاسراع في التشكيل من اجل استعادة الثقة بلبنان لان ما حصل من انهيارات كبرى افقد ثقة اللبنانيين برئيس الجمهورية وبالدولة.
هناك ايضا، تدور حركة بين عدد من الناشطين في مجموعات مسيحية من مختلف المستويات السياسية المعارضة والشخصيات الاكاديمية والاعلامية وغيرها تبحث مع الراعي في كيفية احداث التغيير ومنع الانقلاب على الدستور واعادة لبنان الى سكة الامان، وهي ان توصلت الى مساحة التقاء مشترك في الفترة المقبلة قد تعلن عن تحرك جديد في الربيع المقبل.
في الموازاة، تنشط بعض مجموعات ثورة 17 تشرين في اعداد خريطة طريق للوصول الى تحقيق اهداف الثورة الاساسية. وعلى رغم ان ما يجري في طرابلس من تظاهرات وموجات غضب ادت الى مواجهات دامية، نتيجة الاعتراض على ترك المواطن الفقير لقدره، ليس بإيعاز من قادة الثورة، لكنه يتقاطع مع مطالب التغيير واطاحة المنظومة الحاكمة “كلن يعني كلن” التي ترفضها المعارضة السياسية الرافعة شعار التغيير ايض،ا لكن وفق تكتيك مختلف، يبدأ بعضها من نقطة الانتخابات النيابية المبكرة وهو مطلب معراب، والاخر من وجوب استقالة رئيس الجمهورية، ويدعو غيره الى ترك الاكثرية تحكم وتتحمل وحدها مسؤولية انهيار البلد على غرار ما تنادي به المختارة.
ازاء هذا المشهد، تعرب مصادر سياسية مطلعة على جوهر الازمة وامتداداتها عن اعتقادها بأن واقعا مشابها لا يمكن ان يؤدي الى تحقيق الهدف الاسمى القاضي بانقاذ لبنان، فلا تغيير مع قوى “كل منها يغني على ليلاه”. وتقول لـ”المركزية” ان نقطة قوة المنظومة الحاكمة تكمن في عدم توحد المعارضة على تنوع اطيافها، وما لم تلتق الاخيرة على برنامج موّحد فلا امل بإحداث التغيير والانقاذ. السلطة ستمضي في غيّها والدولة في الانهيار والمعارضة في غياب الرؤية الواحدة حول مشروع الدولة البديلة وخريطة طريق الوصول اليها.