كتبت كلير شكر في صحيفة نداء الوطن:
بعد مماطلة استمرت أشهراً، وتحديداً منذ قرار الحكومة الصادر في الخامس من أيار المنصرم والقاضي باسترداد الدولة إدارة الخلوي من الشركتين المشغّلتين، “اوراسكوم” و”زين”، تمكنت الدولة من استرداد ادارة شركتيّ “ألفا” و”تاتش”. حصل ذلك على مرحلتين، حيث عادت الإدارة بشكل كليّ للدولة اللبنانية مطلع شهر تشرين الثاني الفائت، لتبدأ حقبة جديدة يفترض أنّها انتقالية الى حين الانتهاء من وضع دفتر شروط وإجراء مناقصة تسمح بوضع الشركتين تحت إمرة مشغّلَين جديدين بعد تحسين شروط الدولة وفرص تطوير القطاع.
وبانتظار تأليف حكومة سعد الحريري وتسلّم وزير جديد “حقيبة الذهب” (التي يخشى أن تكون قد أفلست)، خلفاً للوزير طلال حواط، يواجه القطاع أسوأ أزمة مالية يعرفها منذ أن صار حاجة أولية للبناني، ربطاً بالتدهور الاقتصادي الحاصل على مستوى الدولة ككل نتيجة انهيار سعر صرف الليرة، تزيد من التحديات الملقاة على عاتق مجلسَي الإدارة اللذين أوكلت إليهما مهمة قيادة المرحلة الانتقالية، التي يفترض أن تكون فرصة لوضع استراتيجية تطوّر القطاع وتقفل مزاريب الهدر التي “نهشته” طوال عقود من الزمن، والمقدّرة بمليارات الدولارات، للاستفادة من العروض الجديدة المنتظرة من الشركات العالمية الراغبة في الاستجابة لمتطلبات الدولة اللبنانية. وتراجع الإيرادات المرتبط بانهيار سعر الصرف، جعل من أولويات الشركات في الوقت الحالي، الصمود فقط لتقطيع المرحلة بانتظار تثبيت سعر الصرف والتعامل مع الوقائع الجديدة وفق تطوراتها النقدية. إذ تشير التقديرات الأولية إلى أنّ الإيرادات انخفضت بشكل كبير حيث كانت الأرباح تقارب حوالى المليار دولار (1500 مليار ليرة) وهي باتت لا تساوي اليوم 200 مليون دولار، وفق كلام رئيس لجنة الاتصالات والاعلام النائب حسين الحاج حسن.
هكذا، يشير بعض المواكبين إلى أنّ تركيز الإدارتين في “ألفا” و”تاتش” هو على تكريس قاعدة التقشف المالي لتوفير المصاريف التشغيلية من باب الصمود الى حين لجم التدهور المالي الحاصل، حيث يفترض أن تضع الشركتان خلال الأيام القليلة استراتيجية عملها لعام 2021 إلى جانب موازنتها المالية وذلك على أساس سيناريوين: سعر الصرف 1515، أو 3900.
ولهذا، على سبيل المثال، يؤكدون أنّ الشركتين توقفتا عن الدفع بالعملة الصعبة، أقله للشركات والموردين والعقود المحلية التي صارت تدفع جميعها بالليرة اللبنانية. حتى أنّ شركة “ألفا” لم تتردد في إخلاء بعض المكاتب أو المحطات المستأجرة لرفض أصحابها تحصيل حقوقهم بالليرة لإصرارهم على الدولار.
وفق هؤلاء، فإنّ الشركتين تعملان على تخفيض المصاريف التشغيلية بنسبة 20% من خلال التفاوض مع المتعاقدين لتنزيل قيمة العقود. لكن تلك الاستراتيجية قد لا تكون مجدية اذا تصرفت الشركتان على أساس الاستقواء على الضعفاء من دون أصحاب النفوذ. على سبيل المثال، تشير المعلومات إلى أنّ شركة “باورتيك” المكلفة صيانة المحطات تطالب بمستحقات تقارب الـ30 مليون دولار، وهي التي يعتبر عقدها من العقود الأكثر كلفة حيث يبدو أنّ محاولات تخفيضه تصطدم بجدار المنفعة السياسية التي تمثلها هذه الشركة.
بالتوازي، فإنّ شركة “تاتش” تعاني من تكاليف عقد الصيانة الموقع مع شركة “هواوي” الذي يقارب أيضاً الـ15 مليون دولار، والأهم من ذلك هو أنّ الشركة تصرّ على تحصيل مستحقاتها بالدولار كونها شركة أجنبية، فضلاً عن فاتورة تقارب قيمتها الـ 10 ملايين دولار لـ”هواوي” و”نوكيا” مقابل بعض المعدات، كذلك الأمر بالنسبة لشركة “اريكسون” التي تطالب بتحصيل حقوقها بالدولار ما أوقعها في نزاع مع شركة “ألفا” التي تصرّ على الدفع بالليرة.
ولهذا يقول بعض المواكبين إنّه من الأجدى أن تكون استراتيجية الشركتين قائمة في هذه المرحلة الحرجة على قاعدة تعليق عقود التنفيعات، لا سيما تلك المقدرة بملايين الدولارات أو تلك الموقعة مع شركات أجنبية والاتكال على جهود الموظفين، الذين يفترض أنّه صار لديهم ما يكفي من خبرة لتغطية مهام الصيانة والتخلّص من الأعباء المالية التي شكلت هدراً طوال السنوات الماضية، خصوصاً وأنّ كلفة استئجار المحطات أو المكاتب يفترض أن تكون في آخر سلّم التقشف أو التوفير المالي لأنّها الأقل كلفة، لا سيما تلك التي تصنف في خانة التنفيعات السياسية، مقارنة بعقود الصيانة المقدرة بملايين الدولارات.