Site icon IMLebanon

“الساعة” اللبنانية على التوقيت الإقليمي انفراجاً أو… انفجاراً

 

على وقع تَسارُع التطورات في المنطقة التي تبدو أمام منعطف مفصلي في ما خص أزماتها، يَنتظر تبيانُ خيْطه الأبيض من الأسود حسْم إدارة جو بايدن خياراتها، لا شيء يشي بأنه سيكون متاحاً جعْل «العقارب اللبنانية» تدور بمعزل عن «الساعة الإقليمية»، وتوقيت الانفراجات أو الانفجارات في الساحات اللاهبة.

وفيما كانت بيروت، التي تشهد صعوداً للاحتجاجات في الشارع ضدّ الوضع الكارثي معيشياً واقتصادياً، تلقّفت بنوعٍ من الارتياح نفْض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الغبار عن مبادرته حول الواقع اللبناني في اتصاله الهاتفي بنظيره الأميركي، فإنّ الوقائع المتوالية في المنطقة والترابط الفعلي الذي بات قائماً بين «قوس أزمات» الإقليم – وخصوصاً في ضوء ارتسام محاور جديدة شكّلت قلْباً لموازين قوى – عزّزت الاقتناع باستحالة فكّ المسار البالغ التأزم في «بلاد الأرز» عن مجمل ما سيكون في محيطه.

 

وفي هذا الإطار لم تعوّل مصادر مطلعة كثيراً على الدعوة التي وجّهتْها باريس لواشنطن لتكون «أكثر واقعية» في التعامل مع «حزب الله»، للمساعدة في الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان وفق ما أبلغ مسؤول في الرئاسة الفرنسية إلى «رويترز»، مشيراً إلى «أن الأولوية بالنسبة لماكرون هي تشكيل حكومة لبنانية يمكنها الاستمرار في العمل بفاعلية».

وأضاف «لا نتوقع تغيّراً بالموقف الأميركي تجاه حزب الله، بل المزيد من الواقعية الأميركية بشأن ما هو ممكن أو غير ممكن بالنظر للظروف القائمة في لبنان».

وإذ رأت هذه المصادر أن «تتمة» هذا الكلام تعني مطالبة واشنطن بالمرونة حيال حكومةٍ في لبنان يتمثّل فيها «حزب الله» ولو بصيغة «اختصاصيين غير حزبيين»، وتالياً استعادة الولايات المتحدة تجربة عدم رفْع «فيتو» بوجه حكوماتٍ سبق أن شارك فيها الحزب مباشرةً وذلك في محاولةٍ لفرْملة الانهيار الشامل، فهي اعتبرت أن هذا الأمر صار هذه المرة جزءاً من مجمل اللوحة الإقليمية وفتائلها المتشابكة التي ليس متاحاً بعد استشراف آفاقها.

وفي هذا السياق استوقف الأوساط الاعتداءين السافريْن على الرياض (السبت والثلاثاء)، معتبرة أنه بمثابة «اختبار نيات» إيراني للإدارة الأميركية الجديدة والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه في الدفاع عن حلفائها بالمنطقة، في مقابل تعاطي محللين أميركيين مع إرسال «البنتاغون» قاذفات «بي 52» (الثلاثاء)، للتحليق فوق الخليج تحت عنوان «ردع إيران» على أنه في سياق السعي لمنْع الأخيرة من فرْض وقائع جديدة ميدانياً قبل ترتيب بايدن أوراقه، وسط انطباعٍ متزايد بأن الرئيس الأميركي الجديد لن يكون باراك أوباما آخر ولا بالتأكيد دونالد ترامب، ثانياً ولكنه في الوقت نفسه لن يفرّط في المكاسب التي حققها سلفه بسياسة الضغط الأقصى على طهران أو «يرميها» قبل ضمان الشروط الجديدة للعودة إلى الاتفاق النووي والتي لم يعُد ممكناً عزْل موضوع الصواريخ البالستية ونفوذ طهران في المنطقة عنها.

وفي حين يؤشر هذا المشهد البالغ التعقيد إلى أن لا شيء سيتغيّر في الوضع اللبناني في المدى المنظور، فإن القلق يتزايد مما قد تحمله «المرحلة الفراغية» حكومياً لا سيما بعد اقتحام التحركات في الشارع اليوميات اللبنانية المسكونة بكارثة «كورونا» وبصِدام سياسي بلا سقوف بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري حول الملف الحكومي.

وغداة انفلاش الاحتجاجات وبلوغها مناطق عدة في بيروت رفْضاً للواقع المعيشي المزري، والذي تُفاقِمه إجراءات الإقفال التام المستمرّ بهدف محاولة وقف «غزوة» كورونا، لم تهدأ حركة الشارع الغاضب أمس وإن كانت خفتت نهاراً مع اقتصارها على قطع طرق في بعض مناطق البقاع وصيدا قبل أن تستعيد زخمها عصراً وتحديداً في طرابلس التي توجّه إليها «دعم» من عكار بعدما شهدت مساء الثلاثاء، مواجهات عنيفة بين محتجين والقوى الأمنية على تخوم سرايا المدينة وصولاً لإعلان الجيش اللبناني أن «31 عسكرياً أصيبوا بجروح مختلفة ورضوض جراء تعرضهم للاعتداء والرشق بالحجارة وقنابل المولوتوف والمفرقعات النارية من محتجين أثناء تظاهرات طرابلس (الثلاثاء)، وتضررت آليات عسكرية وعتاد، وقد تم توقيف خمسة أشخاص».

وفي موقف لاقى ما كانت نقلتْه «الراي» عن أوساط واسعة الاطلاع عبّرت عن مخاوف من إمكان توظيف الغضب الشعبي في السياسة في ظل الواقعٍ المأسوي الذي صار معه أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، حذّر الحريري من أنه «قد تكون وراء التحركات في طرابلس جهات تريد توجيه رسائل سياسية، وقد يكون هناك من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوو الدخل الحدود»، منبهاً «أهلنا في طرابلس وسائر المناطق من أي استغلال لأوضاعهم المعيشية».

وفي موازاة الخشية من تداعيات أمنية لـ «استيقاظ الشارع» وترقُّب إمكان أن تستعيد ثورة 17 أكتوبر ديناميّتها، فإن بُعْداً آخر استقطب الاهتمام وتمثل في الخشية من تداعيات مشاهد التجمعات على منسوب الإصابات بـ «كورونا» التي لم تنفع بعد إجراءات الإقفال التام الذي قد يُمدّد لما بعد 8 فبراير في كبْحها، وسط تسجيل أرقام قياسية جنونية في عدد الوفيات اليومية ناهز 73 أول من أمس، ومعلومات عن أن نحو 70 في المئة من الإصابات اليومية هي بالمتحور البريطاني.

وحجبت هذه المعطيات الأنظار عن خطة التلقيح ضد «كورونا»، التي أعلنت رسمياً، أمس، وتهدف «لتحقيق مستويات عالية من ‏التلقيح، لتصل إلى 80 في المئة»، وسط كشف وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن «أن اللقاح الذي سيعتمد (فايزر) في المرحلة الأولى هو الأكثر فعالية وأمناً وسيكون مجانياً وواحداً على كل الأراضي اللبنانية، من لبنانيين إلى مقيمين من جنسيات مختلفة»، كاشفاً انه «تم حجز نحو مليونين و100 ألف جرعة من لقاح فايزر، وتم تحديد أول 5 دفعات لتصل أسبوعياً ابتداء من منتصف فبراير»، وموضحاً أن من سيحصل على اللقاح بحسب الأولويات.