Site icon IMLebanon

ليل طرابلس… مواجهات واطلاق قنابل

كتب أنطوان العامرية في “الجمهورية”:

لليوم الثالث على التوالي لم يجد أبناء الأحياء الشعبية في مدينة طرابلس حلاً للتعبير عن رفضهم للإقفال، سوى بالخروج الى الشارع والتمرّد على الوضع القائم والمواجهة مع القوى الامنية، كما في الليلتين المشتعلتين بالاشتباكات العنيفة مع عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.

اشتدّت مساء حدّة المواجهات بين عدد من المحتجين والقوى الأمنية في محيط سراي طرابلس، وسط اطلاق نار كثيف، بعدما أعلنت قوى الأمن الداخلي أنّ هناك اصراراً لإقتحام السراي وحذّرت من انّها ستتعامل مع المهاجمين بكل شِدّة وحزم مستخدمة جميع الوسائل المتاحة وفقاً للقانون.

وأكمل المحتجون تحرّكهم ومحاولاتهم نحو السراي، وأضرموا النيران في إحدى السيارات المركونة أمامها، وأطلقوا قنابل المولوتوف. وبعد تمادي المتظاهرين بأعمال الشغب وخرق الباب الرئيسي للسراي، ومحاولة الدخول من أكثر من جهة ورمي المولوتوف على العناصر وحرق وتضرّر عدد من الآليات، أطلقت القوى الأمنية تحذيراً آخر، طلبت فيه من المحتجين الانسحاب لأنّها ستدافع مضطرة عن مراكزها بكل الوسائل المشروعة.

تحذيرات قوى الأمن لم تردع المحتجين، الذين قالوا إنّهم نزلوا من أجل لقمة عيشهم، واستخدامهم الشغب هو لأنّ أحداً لا يلتفت إليهم، ولا حتى من نواب المدينة، ما اضطرها إلى أن تردّ بإطلاق نار كثيف في الهواء، إضافة إلى الرصاص المطاطي، والغاز المسيل للدموع، وحصلت عمليات كرّ وفرّ، أوقعت عدداً من الجرحى، وارتفعت النداءات المطالبة الجيش بالتدخّل، بعدما تخطّت الاحتجاجات الخطوط الحمر، خصوصاً أنّ عديد قوى الأمن الداخلي قليل جداً، ومع إعلان هذه القوى أنّ القنابل التي أُطلقت على عناصرها هي قنابل يدوية حربية وليست صوتية او مولوتوف، ما ادّى الى اصابة 9 عناصر من بينهم 3 ضباط أحدهم إصابته حرجة.

وعلى الأثر، تدخّلت وحدات الجيش اللبناني، بآلياتها وفق خطة محكمة، فانتشرت في ساحة عبد الحميد كرامي، لكن المتظاهرين رفضوا ان يرحلوا واستكملوا رمي الحجارة على الجيش، وحصلت مواجهات بين الطرفين، أحكم فيها الجيش قبضته على الأرض، وحاصر التحرك، وألزم المتظاهرين على التراجع الى عمق الأحياء الداخلية.

واستقدم الجيش تعزيزات عسكرية ونفّذ انتشاراً واسعاً في ساحة النور والشوارع المحيطة بها، وأعاد الهدوء إلى المدينة ليلاً.

وعلم انّ المواجهات أسفرت عن سقوط نحو 226 جريحاً من المدنيين والعسكريين. واكّد الصليب الاحمر انّ نحو 35 مصاباً تمّ نقلهم الى مستشفيات المدينة، بعضهم بحالة حرجة، فيما تمّت معالجة 67 ميدانياً، اما فرق جهاز الطوارئ والإغاثة فقد أعلنت أنّها أسعفت 93 مصاباً ميدانياً ونقلت 31 جريحاً الى مستشفيات المدينة.

وكانت الحشود بدأت تصل إلى ساحة النور منذ الرابعة من بعد الظهر، من ابناء طرابلس والمناطق المجاورة وحتى من عكار. وأُشعلت الاطارات ومستوعبات النفايات وسط اطلاق مكبرات الصوت بأغاني الثورة التي اعادت الأجواء الحماسية الى الحراك. وتوجّه عدد من الشبان الى السراي واشعلوا النيران في غرفة الحرس وقاموا بخلع الباب الخلفي للسراي، رغم التدابير التي اتخذتها وحدات الجيش والقوى الامنية.

وبين مؤيّد للحراك بكل اشكاله، هناك من يرفض الاعمال التخريبية ويسأل: هل اذا احرقنا السراي او دمّرنا المؤسسات سيتوقف الفساد وينهض الاقتصاد وتعود الحياة الى طبيعتها؟

ربيع مينا أحد المشاركين في التحرك، يؤكد أن «التحركات ستستمر وهناك دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي للزحف الى ساحة النور لاكمال مسيرة الجياع والتي بدأت ولن تتوقف».

المواطنة سلافة الحج تقول لـ»الجمهورية: «نحن لم نترك الساحة بتاتاً، كوني كنت وما زلت مع مطالبة المواطن بحقوقه واسترجاع الدولة، بيد انني لست مع أعمال التكسير والتخريب التي تشوه صورة المدينة. أنا موجودة اليوم لأراقب من هو الموجود على الأرض لأننا لن نترك مدينتنا للغرباء وان كان ما يخطط لها خطير فاننا حتماً سنعود وبقوة الى الشارع فور الانتهاء من فترة الاقفال».

وتابعت: «طرابلس دفعت أثماناً باهظة في الماضي كونها استعملت صندوق بريد، اليوم لن نسمح بهذا الأمر وأولاد المدينة معنيون بمواجهة كل المخططات، قلبنا وروحنا على المدينة خوفاً ممن يصطادون في الماء العكر، الحقيقة ان الكورونا هي التي دفعتنا للخروج من الساحة، لكن فور الانتهاء من الكورونا سنعود حتى مع الوقاية سننزل كونه ما من حلول. أنا مع من يعمل بشكل يومي لكي يجني لقمة عيشه أن ينزل الى الشارع اذ لا يجوز أن تبقى عائلته بلا لقمة خبز».

بدوره مالك الأيوبي قال لجريدتنا: «كل الشوارع والساحات الطائفية والمذهبية في لبنان ممسوكة من قياداتها الحزبية والدينية. إلا الشارع السني فهو في عزلة عن قيادته، والسؤال الكبير في حال استمرت هذه المشهدية من سيملئ الفراغ؟

من جهتها الناشطة هدى غريب قالت للجمهورية: «مدينتنا تتطلب منا كسر الحجر ومعرفة ما الذي يجري نحن لن نقبل بتسليم مدينتنا للغرباء وسنكون بالمرصاد لمن يريد ايذاء مدينتنا، نحن مع الثورة لكنني ضد التخريب، ,سنبذل قصارى جهدنا بهدف توعية الشباب وسنعمل على كشف المخلين ومن هو الطابور الخامس الذي دخل الى المدينة، لن نسمح بحرق سرايا طرابلس، لأننا لن نستفيد من هذا العمل التخريبي، علينا أن نكون واقعيين الا انني لا يمكنني محاسبة الجوعان على ردة فعله اذا ألقى الحجر. الفقير يعاني الأمرين في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة الا انه ينبغي علينا توعيتهم».

بيروت

الانتفاضة في طرابلس انسحبت على المناطق اللبنانية كافة، ففي العاصمة بيروت، أضرم عدد من المتظاهرين النيران في اطارات السيارات قرب الجدار الاسمنتي الذي يفصل ساحة رياض الصلح عن مدخل مجلس النواب تضامنا مع المحتجين في طرابلس. كما تم قطع الطريق عند المدينة الرياضية بحاويات النفايات والاطارات المشتعلة.

الجنوب

جنوبا، نظم «حراك النبطية» تحركا احتجاجيا امام خيمته قرب السرايا للمطالبة بحقوقهم تحت شعار «من حقي عيش بكرامة»، تضامنا مع «حراك طرابلس».

كما نفذ محتجون عند مدخل مدينة صور وقفة احتجاجية، تضامنا مع حراك طرابلس وبيروت وصيدا والبقاع والجبل، ورفضا «لسياسة الدولة التجويعية وإفقار المواطنين».

أما في صيدا، فتجمّع عدد من المحتجين مساء عند ساحة دوار ايليا، وحاولوا قطع طريق التقاطع لكن الجيش منعهم. كما اقدم محتجون على قطع طريق القياعة بمستوعبات النفايات واضرموا فيها النيران.

البقاع

الى ذلك، تم طريق سعدنايل تعلبايا ببلوكات اسمنتية، وقد جرى تحويل السير الى الطرق الفرعية. كما قطعت طرق تعلبايا وطريق عام المصنع وجديتا العالي والمرج. ونفذ عدد من المحتجين على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والغلاء، اعتصاما في ساحة الشاعر خليل مطران في بعلبك وقطعوا الطرق المؤدية إلى الساحة لبعض الوقت، وسط تدابير أمنية مشددة للجيش والقوى الأمنية.

كما أقدم عدد من المحتجين على اقفال طريق دير زنون رياق بالاطارات المشتعلة.

وقطع محتجون، طريق عام راشيا بين بلدتي البيرة والرفيد.