جاء في “المركزية”:
تواصل السفيرة الاميركية دوروثي شيا جولتها على القيادات اللبنانية، منذ مطلع الأسبوع. زارت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فوزير الخارجية شربل وهبي مرورا برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وصولا الى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب. الجولة التي تقوم بها شيا لافتة للانتباه وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” لكونها الاولى من نوعها منذ تسلّم الرئيس الاميركي جو بايدن مقاليد الحكم في البيت الابيض.
الدبلوماسية الاميركية قد تكون تجري زيارات تُعتبر من حيث الشكل “بروتوكولية”، اذ من الطبيعي- مع انتقال السلطة في بلاد العم سام، من إدارة الى اخرى- ان تتقصّد مقابلة المسؤولين في لبنان لابلاغهم بالسياسات التي ستنتهجها بلادها في التعاطي مع بيروت. الا ان جولة شيا، وفق المصادر، أكثر من بروتوكولية، نظرا الى المرحلة المفصلية والحساسة التي يمرّ بها وطن الارز منذ أشهر.
بحسب المصادر، لقاءات شيا تهدف الى امرين: نقل جملة رسائل الى القيادات اللبنانية من جهة، وتكوين صورة عن المعادلة التي تحكم الوضع في لبنان، تمهيدا لنقلها الى الادارة الاميركية الديموقراطية الجديدة، من جهة ثانية… على الصعيد الاول، أكثر من ملف تطرقت اليه السفيرة الاميركية خلال جولتها، تبدأ بتأليف الحكومة، حيث حثت على ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة قادرة على مكافحة الفساد وإخراج لبنان من ورطته، مؤلفة من شخصيات بعيدين من تأُثيرات “السياسيين” المصنفين اميركيا فاسدين او ارهابيين لا فرق، ينالون ثقة المانحين والمجتمع الدولي. الملف الثاني، كان ترسيم الحدود البحرية. وهنا تطالب شيا لبنان بخفض سقف شروطه والعودة الى خط هوف بما يساعد واشنطن- متى قررت الادارة الجديدة استئناف وساطتها- على اقناع تل ابيب بالجلوس مجددا على طاولة المفاوضات في الناقورة.
الملف “المالي” حضر ايضا في محادثات الدبلوماسية الاميركية. فإزاء التطورات المتسارعة قضائيا، في الداخل والخارج، على ضفة المصرف المركزي، تشير المصادر الى ان شيا دعت الى معالجة هذه القضية، بهدوء وموضوعية، بعيدا من الصخب الاعلامي والاستغلال السياسي. كما حثت على المضي قدما في التدقيق الجنائي على ان يشمل كل المؤسسات العامة والادارات والوزارات. فاذا لم تكشف حقيقة حركة الحسابات في هذه المراكز كلّها، ومنها يُعتبر ابرز مسببات العجز والهدر في الخزينة وعنينا ملف الكهرباء، واذا لم يتم تبيان الخيط الابيض من الاسود، مرة لكل المرات، فسيكون من الصعب جدا على المانحين ان يتشجعوا على تجيير اي مساعدات جديدة للبنان في المدى المنظور.
علاوة على ذلك، تطرقت شيا ايضا الى ضرورة وقف التهريب الى سوريا ليس فقط لانه يفقر لبنان واللبنانيين، بل لانه يعتبر التفافا على قانون قيصر الذي يعاقب كلّ من يتعاون مع النظام السوري. وقد حثّت في هذا السياق، على اتخاذ قرار سياسي حاسم بضبط الحدود بين البلدين، من دون ان تغفل الاشارة الى اهمية المضي قدما في التقيد بمقتضيات قانون ماغنيتسكي واوفاك اللذين يبقيان نافذين ولو تغيرت الادارة في واشنطن، كونهما قانونين صدرا عن الكونغرس الاميركي، ويعاقبان من يموّل الارهاب او يساعد بشكل من الاشكال المنظمات المصنفة ارهابية في الولايات المتحدة.
هذه رؤوس اقلام حملتها شيا الى مضيفيها كون سياسات بايدن لم تتبلور بعد، أما الاجوبة اللبنانية في شأنها، والتي يدلّ اداء المنظومة على مضامينها، من التأليف المعطل الى الحدود السائبة، مرورا بفتح الملف المالي على مصراعيه في الاعلام، وصولا الى رفع السقوف في الترسيم، فستحملها السفيرة الى ادارتها، لنرى في ضوئها، خلال اشهر، كيفية تعاطي الادارة الجديدة مع لبنان.