جاء في “المركزية”:
بعد حوادث الليلة الماضية في طرابلس وما شهدته من اعمال شغب وتخريب، بات مؤكدا لدى اكثر من جهة سياسية وحتى لدى مَن نزلوا الى الارض في عاصمة الشمال، احتجاجا على الاوضاع المعيشية الصعبة، أن ثمة من اندسّ بين “الجائعين”، وتعمّد افتعال فوضى مدمّرة في المدينة. مَن هي هذه الأطراف التي تريد حرف التحركات المطلبية عن مسارها، وإلباسها لباس التطرف والتخريب؟ لا اجوبة بعد، وفق ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”.
وفي انتظار ما سيصدر عن اجتماع مجلس الامن المركزي، الذي قرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعوته الى الانعقاد، وما اذا كانت الاجهزة ستحمل الى القصر معلومات تساعد في كشف هوية “المخلين بالامن”، ومَن يقف خلفهم، دعا عون اليوم، خلال استقباله وزيرة الدفاع زينة عكر، الى التحقيق في ملابسات ما جرى في طرابلس، والتشدد في ملاحقة الفاعلين الذين اندسوا في صفوف المتظاهرين السلميين وقاموا بأعمال تخريبية لاقت استنكاراً واسعاً من الجميع ولا سيما من أبناء المدينة وفعالياتها. من جانبه، اعتبر رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ان “التحدي الآن هو في إسقاط أهداف هؤلاء المجرمين، بالقبض عليهم، واحدا واحدا، وإحالتهم إلى القضاء لمحاسبتهم على ما ارتكبوه بحق طرابلس وأبنائها الصامدين. والتحدي أيضا بفتح تحقيق يحدد المسؤوليات في السماح بهذا التمادي الفاضح باستباحة شوارع طرابلس ومؤسساتها. والتحدي الذي نلزم به أنفسنا، هو بأننا سنحبط مخطط العابثين”.
واذ تذكّر المصادر بأن مواقف كثيرة شبيهة، صدرت على مر الاشهر الماضية منذ اندلاع الثورة في 17 تشرين وما رافقها من اعمال شغب وتخريب، من دون ان يتم توقيف “مندسّ واحد”، تعتبر المصادر ان من الضروري ان يخرج الاجتماع الامني المرتقب بتوحيد جهود الاجهزة التي يبدو، وفق معلومات يتم تسريبها هنا وهناك، انها تتسابق او تتصارع، بدل ان تتعاون في تأمين أمن المقار الرسمية في الفيحاء.
وتشير الى ضرورة ابعاد الاشتباك السياسي عن عمل المؤسسات العسكرية والامنية، متوقفة بحذر وقلق عند معطيات تتحدث عن استخدام بعض الجهات النافذة نفوذها في هذا الجهاز أو ذاك، لمحاولة استخدام ما يجري على الارض، في معاركها السياسية – الحكومية – “التعييناتية”.
فعلى هذا الصعيد، بدا لافتا موقف الرئيس المكلف سعد الحريري منتصف ليل امس، والذي صوّب فيه على الجيش ودوره. ففيما قال “اننا نقف الى جانب اهلنا في طرابلس والشمال”، استطرد “نتساءل معهم، لماذا وقف الجيش اللبناني متفرجاً على احراق السرايا والبلدية والمنشآت، ومن سيحمي طرابلس اذا تخلف الجيش عن حمايتها”؟ مضيفا “اذا كان هناك من مخطط لتسلل التطرف الى المدينة، فمن يفتح له الابواب؟ وكيف للدولة ان تسمح بذلك في مرحلة من اسوأ واخطر المراحل في تاريخ لبنان، طرابلس لن تسقط في ايدي العابثين، ولها شعب يحميها باذن الله. وللكلام صلة لوضع النقاط على الحروف”… وقد صدر موقفه هذا فيما تحدثت معطيات عن ضغوط يمارسها خصوم التيار الازرق على المؤسسة العسكرية لثنيها عن التدخل، كون اشعال طرابلس سيحرق معه صورة الحريري وأوراقه، بما يسعفها هي، في كباشها السياسي معه.
واذ تؤكد ان المؤسسة العسكرية اظهرت سلوكا لا غبار عليه، منذ اندلاع التحركات المطلبة، تنبه المصادر من قرار تم اتخاذه، يقضي بإسقاط الهيكل اللبناني كلّه، سياسيا وعسكريا وامنيا واجتماعيا وماليا وصحيا، فيعاد بناؤه من جديد، وفق شروط “الفريق الاقوى” في الداخل.