IMLebanon

تحليلات وتكهنات وحديث عن خطة أمنية لقمع الإحتجاجات

كتب مايز عبيد في صحيفة نداء الوطن:

بينما زعماء مدينة طرابلس وأغنياؤها لا يسمع لهم صوت، شهد ليل الخميس حلقة جديدة من حلقات مسلسل الهجوم على السراي الطرابلسي، والتي عُرضت على مسرح المدينة المشتعلة منذ أيام. أبطال الحلقة هم الشبّان المحتجون من جهة، وقوى الأمن الداخلي في داخل مبنى السراي من جهة ثانية.

ومنذ انطلاق المسلسل، يبدو أن الجيش اللبناني يقف في موقع الخلف بالمشهد. هو لا يلعب دور المتقدم كما الحال مع القوى الأمنية، وليس مصدر غضب المحتجين كما حال القوى الأمنية التي أمطرها هؤلاء الشبان بقنابل المولوتوف والمفرقعات النارية، شبان يظهرون وكأنهم يشنون الهجمات بقصد السيطرة على مواقع ما. يقف الجيش اللبناني على التخوم قاطعاً الطرقات المؤدية إلى محيط المواجهات من جهة، ومن ثم في نهاية العرض بعد ساعات، يتدخل ويدخل إلى ساحة النور ليحسم الجدل بين الطرفين على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، بل مزيد من الجرحى والإصابات في صفوف الطرفين.

مواجهات الأمس كانت من أشد المواجهات وأعنفها حيث اشتعلت النيران في المحيط الخارجي لباحة سراي طرابلس، وسط إطلاق كثيف للقنابل المسيّلة للدموع من قبل القوى الأمنية، والزجاجات الحارقة من قبل المحتجين. كان متوقعاً أن يكون المشهد حامياً بالفعل، بعد تشييع الشاب عمر طيبا في باب التبانة وما أحدثه من حال غضب شديد في صفوف المحتجين. الساعات الأولى بعد التشييع كانت هادئة نسبياً في محيط السراي وساحة النور، ولكن مع تقدم ساعات النهار وتحديداً قرابة الساعة الرابعة عصراً، بدأت تصل وفود المحتجين إلى السراي بعد جولة لها على منازل نواب طرابلس فأشعلت النيران بمستوعبات النفايات وأطلقت الهتافات بحق النواب متهمة إياهم بالتخاذل عن نصرة المدينة وأهلها.

وبُعيد الساعة السادسة، اشتدت وتيرة المواجهات بشكل عنيف مع وصول أعداد كبيرة من المحتجين إلى المكان، في ما بات يعرف بـ”ليالي الهجوم على السراي”.

كانت ليلة عنيفة للغاية، بدت فيها ساحة النور ومحيطها أشبه بساحة حرب، فيما باقي مناطق طرابلس في حالة سكون تام. كانت الأصوات تُسمع في كل أرجاء المدينة، اختلط فيها صوت الرصاص مع أصوات المفرقعات والقنابل الدخانية التي كانت تهطل مثل المطر، مخلفة عشرات حالات الإغماء وكان عناصر الصليب الأحمر يتعاملون معها ميدانياً في حينه. هناك من الطرابلسيين من توجه إلى مقربة من مكان الإشتباك ليشاهد ما يحصل عن قرب، وهناك من فضّل متابعة ما يجري عبر شاشات التلفزة ووسائل التواصل الإجتماعي. بينما انضمت إلى المحتجين مجموعات ثورية من عكار والبقاع ومناطق أخرى.

خميس طرابلس سيطر عليه الهدوء الحذر من بداياته. بعد الظهر بدأ عدد قليل من الشبان بالتجمع أمام مبنى السراي. كانت القوى الأمنية المتحصّنة في الداخل تخرج بين الفينة والأخرى وتُجري عملية تصوير للموقع وتختفي. أوساط المدينة وأروقتها حفلت يوم أمس بالتحليلات السياسية حيال ما يجري. أمكننا الإطلاع على حديث جرى بين بضعة شبان في ساحة النور قبل اندلاع المواجهات. أحدهم يدعى أحمد وهو يرفض الهجوم على السراي ويقول: “شو في بالسرايا؟ روحو عبيوت السياسيين ضربوهم وضربوا مصالحن منعوهن من دخول المدينة هيك بتكونوا عم تاخدو نتيجة”. يأخذ الكلام رفيقه ويقول: “في داخل هذا السراي رمزي نهرا أكبر عوني فاسد هنا مركز الفساد والتآمر على طرابلس وأهلها وسنطهر طرابلس منه”.