IMLebanon

ماكرون يُعرّي المنظومة الحاكمة: تحالف مافياوي – ميليشياوي

على دارج عادتها، تقتل السلطة القتيل وتمشي في جنازته وتزاحم الناس في الندب والشجب فوق الأضرحة… هكذا بعد أن ضرب من ضرب وهرب من هرب على ساحة الأحداث في طرابلس، سارعت إلى نفض يدها من دماء الطرابلسيين وتجهيل المخرّبين بعدما أدوا مهمتهم على أكمل وجه في “حرق” التحركات الاحتجاجية وحرفها عن وجهتها المطلبية وترهيب المتظاهرين تحت طائل وصمهم بالإرهابيين والمندسين. وكالعادة أيضاً، الكل يشير بإصبعه إلى “جهة معلومة” تقف خلف الأعمال التخريبية لكنّ أحداً لا يفصح عن اسم ولا حتى عن رسم تشبيهي لهذه الجهة أو لأدواتها على الأرض، فتضيع مجدداً بوصلة التحقيق ويسود تمييع الحقائق وتمويه المعطيات لتكون النتيجة كما على الدوام، فعلاً ومفعولاً به بلا فاعل!

هي اللعبة الخبيثة نفسها التي تمرّست بها المنظومة الحاكمة واستخدمتها سلاحاً فتاكاً في مواجهة ثورة 17 تشرين هرباً من أي تغيير أو إصلاح في تركيبة الدولة، حتى باتت لعبة ممجوجة ومفضوحة أمام أعين الداخل والخارج، ليأتي تشخيص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد خبرة عن كثب مع أركان المنظومة، أبلغ تعبير عن طبيعتها، فوضع إصبعه على العطب البنيوي في النظام اللبناني القائم في تركيبته على تحالف مافياوي ميليشياوي نتج عنه “حلف شيطاني بين الفساد والترهيب”، مبدياً تعاطفه مع الشعب اللبناني وأسفه لكون قادته “لا يستحقون بلادهم”.

وإذ أكد ماكرون أنه يعتزم زيارة لبنان للمرة الثالثة “بعد التحقق من أمور أساسية”، واضعاً القوى السياسية أمام حقيقة كونهم موجودين قبالة حائط مسدود لن يجدوا مهرباً ولا منفذاً منه إلا عبر “خريطة الطريق الفرنسية” التي لا بديل إنقاذياً للبنان سواها، أعرب مراقبون في المقابل عن خشيتهم من أن يستمر العناد الرسمي اللبناني عصياً على تنفيذ المبادرة الفرنسية، ربطاً بالموقف المتشدد الذي أبداه ماكرون أمس إزاء الملف النووي الإيراني، خصوصاً وأنّ طهران التي لم تتعاون سابقاً مع باريس في عملية الإفراج عن ورقة الحكومة اللبنانية وفضّلت انتظار مفاوضاتها المباشرة مع الإدارة الأميركية الجديدة، لا يبدو أنها ستقابل اليوم بارتياح كلام الرئيس الفرنسي حول وجوب أن يكون التفاوض النووي معها “صارماً جداً” هذه المرة، مع ضرورة تجنب تكرار الولايات المتحدة والدول الكبرى “خطأ عام 2015 عندما استُبعدت القوى الإقليمية عن الاتفاق مع إيران”.