تدافعتْ الأسئلةُ والمخاوفُ في بيروت بعد اغتيال الناشط السياسي اللبناني لقمان سليم، في جريمةٍ صعقتْ البلادَ التي تعصف بها أزمةٌ ماليةٌ – اقتصاديةٌ تتوالى موجاتُها العاتية في ظل استحكام مأزقِ تشكيل الحكومة الجديدة، والتي دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الفرنسي جان-ايف لودريان، لبنان إلى المسارعة في تشكيلها، وهو الشرط المسبق لتوفير «دعم هيكلي وطويل الأمد» من المجتمع الدولي لبيروت.
وفي بيان مشترك، شدّد الوزيران على «الضرورة الملحة والحيوية لأن يقوم المسؤولون اللبنانيون أخيراً بتنفيذ التزاماتهم بتشكيل حكومة ذات مصداقية وفاعلية وبالعمل على تحقيق إصلاحات ضرورية تتوافق مع تطلعات الشعب اللبناني».
أمنياً، لم يكد أن ينجلي صباح أمس، على العثور على سليم (58 عاماً)، الذي يُعتبر من أشدّ معارضي «حزب الله»، جثّة داخل سيارته بين منطقتي العدوسية (الزهراني جنوب لبنان) وتفاحتا، مقتولاً بخمس رصاصات (واحدة في الظهر و 4 في الرأس)، حتى عمّت الصدمة لبنان وترك الاغتيال المروّع ارتداداتٍ على مستوييْن تَلاقيا عند الخشية المعلنة والمكتومة من أن تكون «بلاد الأرز» دخلت مرحلةً جديدة من «الحلقة الجهنمية» التي تدور فيها، سواء كان الاغتيال في سياق انتقال «لي الأذرع» المحلي بأبعاده الاقليمية إلى «الملعب الأمني» ما قد يجعله مفتوحاً على فصول دموية أخرى، أو في إطار رسائل داخلية تستبق الترتيبات الجديدة في المنطقة لحماية مكتسبات تَراكُمية، أو أنه من ضمن استثمارٍ خارجي للانكشاف الكامل للبلاد على صراعات المنطقة. وهذان المستويان هما:
* خارجي وعبّرت عنه إداناتٌ متوالية حذّرت من تمادي «الإفلات من المساءلة» ومستحضرة تزامُن الجريمة مع مرور ستة أشهر على «الانفجار الهيروشيمي» في مرفأ بيروت الذي ما زال حتى اليوم يفتقد لأي محاسبةٍ أو كشْف لحقيقة ما حصل، وهو ما تقاطع في التعبير عنه كل من سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف، الذي دان «ثقافة الإفلات من العقاب السائدة التي تسمح بوقوع تلك الأعمال المشينة ونطالب السلطات المعنية بإجراء التحقيق المناسب»، وسفيرة فرنسا آن غريو التي دانت الاغتيال بعدما كانت وجّهت كلمة الى اللبنانيين لمناسبة «نصف عام» على «بيروتشيما»، مؤكدة «ان من غير المقبول أن يكون اللبنانيون لا يزالون ينتظرون أجوبة من قادتهم وأن يكون لبنان لا يزال دون حكومة».
كما عبّر المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش عن حزنه «لخسارة لقمان سليم المأسوية»، واصفاً إياه بـ«الناشط المحترم» و«الصوت المستقل والصادق».
* والثاني داخلي طغى عليه ربْط «تصفية» سليم بسلسلة جرائم الاغتيال السياسي التي طبعت المشهد اللبناني، وسط عدم تواني أطراف على خصومة مع «حزب الله» عن توجيه أصابع الاتهام إليه، مباشرةً أو ضمناً، ما يشي بإمكان تَدَحْرُج التداعيات السياسية لهذا الحَدَث الأمني في لحظةٍ بالغة الخطورة في الواقع اللبناني الذي يشهد محاولات عربية – اوروبية لتوفير «منصة» تفاهُمات خارجية تتيح الإفراج عن الحكومة التي يسعى الرئيس سعد الحريري لتأليفها منذ أكتوبر الماضي.