Site icon IMLebanon

لقمان سليم شهيد الرأي الحرّ وضحية سياسة الإفلات من العقاب

كتب يوسف مرتضى في صحيفة نداء الوطن:

في بيان نشره لقمان سليم بتاريخ 13 كانون الأول 2019 جاء فيه (للمرة الثانية خلال 48 ساعة، يسعى الخفافيش، بين الظلمة والظلمة، لتهديدي وإرهابي متعرضين لحرمة دارة العائلة في حارة حريك – علماً أن هذه الدارة تأوي أيضاً مكاتب مؤسستي ” أمم للتوثيق والأبحاث” و”دار الجديد”).

وتابع في بيانه: ( …أحمّل قوى الأمر الواقع ممثلة بشخص السيد حسن نصرالله وبشخص الأستاذ نبيه بري، المسؤولية التامة عما جرى …). وختم: اللهم قد بلغت.

في ظلمة ليل الأربعاء بتاريخ 3 شباط 2021 نفّذ الخفافيش الذين توقعهم لقمان على ما يبدو تهديدهم، ونالوا منه مقتلاً بخمس رصاصات في رأسه في خراج بلدة صريفا في قضاء النبطية . وهنا أعتقد أن قوى الأمر الواقع معنية بكشف ملابسات هذه الجريمة النكراء، لأنها هي المعني الأول بأمن تلك المنطقة، وإلا ستبقى أصابع الرأي العام تدل عليها بالإتهام حتى تثبت براءتها بكشف الفاعلين .

إن اغتيال الزميل لقمان سليم الكاتب والناشط السياسي المعارض لسياسة “حزب الله” في لبنان ، هو اغتيال للحرية التي تميز بها لبنان عن البلدان المحيطة منذ نيله استقلاله في العام 1943. وقد دفع لبنان غالياً ثمن هذه الحرية إبان الحقبة السورية بدءاً من اغتيال الشهيد كمال جنبلاط إلى اغتيال المفكرين حسين مروة وحسن حمدان وسهيل طويلة إلى اغتيال االرئيس رينه معوض والوزير إيلي حبيقة واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والقائد الوطني جورج حاوي وجبران تويني وسمير قصير إلى جميع شهداء ثورة الأرز الأحيـاء منهم والأموات.

ولأن كل تلك الجرائم وصولاً إلى جريمة المرفأ وجرائـم الاغتيـــال المرتبطة بهـــا لم تظهر التحقيقات فيها أي مجرم، تماماً كما جرائم الفساد التي زكمت روائحها أنوف الداخل والخارج، ولم يدَن فيها أي فاسد، يصبح من الطبيعي أن يتشجّع المجرمون على التمادي في جرائمهم، طالما أن سياسة الإفلات من العقاب وتجهيل الفاعل هي السائدة.

ورب سائل لماذا اليوم استهداف لقمان سليم وهو المعارض منذ سنوات لسياسة “حزب الله” والثنائي الشيعي والمندد باختطافه القرار الوطني اللبناني وجعله رهينة في أجندة المشروع الإيراني، أقول إن قوى الأمر الواقع أمهلت لقمان وأمثاله للإيحاء بأنها تحترم التعددية في ظروف سياسية مؤاتية وغير مقلقة لها، ولكن عند بلوغ أزمة هذه القوى حد الإختناق والتي بدأت ملامحها في الواقع بالظهور منذ تفجّر ثورة 17ت، أصبحت تقلق من انفضاض شارعها من حولها بعدما تمكّن منه وباءا كورونا والجوع، ولم تعد تنفع في شد عصبه بروباغندا فائض القوة، وأصبح عقل ناسه أكثر انفتاحاً على كلمات ومواقف وتصريحات لقمان وأمثاله من المعارضين التي تخاطب مصالحهم الآنية والمستقبلية.

والشهيد لقمان قد يكون الضحية الأولى في هذا المسار إذا لم تتحد قوى المعارضة وترص صفوفها وتبني البديل الثوري لإسقاط منظومة القهر والفساد التي ترعى كل الجرائم بحق اللبنانيين تحت إدارتها، واستعادة الدولة بقرارها الوطني وكامل سيادتها على أرضها تحت سيادة المؤسسات الدستورية وأدواتها الأمنية والقضائية المتحررة من أي ارتهان، وبنائها تحت سقف الدستور وعلى أساس الاحترام الكامل لمبدأ فصل السلطات.

الزميل العزيز لقمان: كنت الصوت الحر الصارخ بما ترى أنه حقيقة، وكاتم الصوت قد ينهي حياة أفراد، لكنه أعجز من أن يقضي على إرادة شعب صمم على استعادة حريته، لا ستالين ولا هتلر ولا موسوليني ولا جميع أنظمة الإستبداد استطاعت أن تصمد في مواجهة إرادة الشعوب .

وداعاً لقمان، وعهداً أن يبقى صوتنا صادحاً في ثورة 17ت المنتصرة حتماً.