قالت مصادر سياسية في بيروت إن اغتيال الناشط السياسي الشيعي لقمان سليم أثناء وجوده جنوب لبنان، في منطقة تقع تحت النفوذ المباشر لحزب الله، يستهدف ترهيب اللبنانيين، خصوصا الشيعة منهم، وتوجيه رسالة إيرانية إلى الإدارة الأميركية الجديدة.
وأوضحت هذه المصادر أنّ فحوى هذه الرسالة تأكيد أن لبنان، بمن في ذلك كلّ شيعته، تحت السيطرة الكاملة لحزب الله الذي يستطيع أن يفعل بهم وبه ما يشاء في ضوء سيطرته على كلّ مفاصل السلطة في البلد.
وركزت المصادر السياسية اللبنانية على أن العنصر الرئيسي في جريمة اغتيال لقمان سليم يكمن في توقيتها، ذلك أنّه معروف أن حزب الله كان يستطيع اغتيال الناشط السياسي ساعة يشاء نظرا إلى أنّه مقيم في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية.
لكنّ الحزب اختار مباشرةَ الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن نشاطها كي يوجه رسالته القائلة إنّه يسيطر كليّا على لبنان وعلى الطائفة الشيعية من جهة وأنّه لن يسمح بأي صوت مختلف من داخل الطائفة من جهة أخرى.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن أكثر ما كان يزعج حزب الله وإيران العلاقات التي أقامها لقمان سليم مع مسؤولين في الإدارة الأميركية ومع مسؤولين أوروبيين بما يشير إلى أن شيعة لبنان ليسوا كلّهم تحت جناحي الحزب.
وذكرت أن لقمان سليم، الذي كان يمتلك دار نشر ومؤسسة أبحاث، لم يكن ذا تأثير كبير في الأوساط الشعبية الشيعية، خصوصا أنه من بيروت وليس من الجنوب أو البقاع، إضافة إلى أنّه نخبوي. لكنّه كان يمتلك في المقابل شبكة علاقات دولية وعربيّة واسعة يستطيع من خلالها تأكيد أن شيعة لبنان ليسوا كلّهم تابعين لإيران وأنّ هناك وجها آخر للطائفة غير وجه حزب الله والولاء لإيران.
وكان لافتا إسراع ابن حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله إلى تبني عملية الاغتيال، إذ نشر تغريدة جاء فيها “خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب. بلا أسف”. وما لبث جواد حسن نصرالله أن حذف التغريدة بعدما اعتبرها كثيرون بمثابة توقيع لحزب الله على الجريمة.
وينحدر لقمان سليم من عائلة ميسورة هي بين نحو عشر عائلات شيعية تمتلك جذورا عميقة وقديمة في الضاحية الجنوبية لبيروت التي كانت أصلا منطقة شيعية – مسيحية.
وامتلك والده المحامي محسن سليم ذو التوجه اللبناني المحض بيتا كبيرا في تلك المنطقة (حارة حريك) التي كانت تقيم فيها عائلة رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون.
وبقي لقمان سليم مع زوجته الألمانية في حارة حريك على الرغم من التهديدات التي كان يتلقاها باستمرار ولم يحط نفسه يوما بأي إجراءات أمنية.
وجاء اغتياله في جنوب لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله، في طريق عودته إلى بيروت، بعد تمضية سهرة مع أصدقاء له من آل الأمين في قرية نيحا الجنوبية القريبة من صريفا.