كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
ما هو مصير المبادرة التي كشف عنها الرئيس نبيه بري، وهل التهمها شيطان «أزمة الثقة» الذي ابتلع لغاية الآن معظم الوساطات، ام انّها لا تزال حيّة؟
ختم الرئيس بري بيانه الأخير، الكاسر للصمت، بعبارة: «لن أيأس وسأتابع». وتوحي الإشارات المنبعثة من عين التينة، انّ رئيس المجلس النيابي سيواصل الحفر في جبل الأزمة ولو بإبرة، على رغم كل الصعوبات والعقبات التي واجهت مبادرته منذ لحظة ولادتها في الكواليس حتى خروجها الى العلن قبل أيام.
وما يعزّز تمسّك بري بمضمون المبادرة هو شعوره بأنّ الجميع في مأزق مهما كابروا، وأنّهم يحتاجون في نهاية المطاف الى حبال للنزول من «مرتفعات» الشروط المتبادلة الى أرض الواقع التي تهتز تحت أقدام الجميع.
ولعلّ موقف رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل المؤيّد من حيث المبدأ لطرح بري، معطوفاً على «ولكن»، يمكن أن يساهم في إيجاد أرضية لاستئناف التفاوض انطلاقاً من قاعدة اختيار الوزراء على أساس «لا مع ولا ضد»، ومن دون أن يكون لأيّ طرف الحق في احتكار الثلث المعطل.
كذلك، أتى البيان الفرنسي – الأميركي المشترك، والذي حضّ على التعجيل في تشكيل الحكومة، ليتقاطع مع حجر بري في المياه الراكدة، وليؤمّن بيئة دولية حاضنة لمحاولة كسر جليد المراوحة.
ويؤكّد الرئيس بري لـ”الجمهورية”، أنّ مبادرته مستمرة ولا تراجع عنها، «وهي باقية على الطاولة»، لافتاً الى انّ الموقف الفرنسي – الأميركي جيد، “والأميركيون يقفون الآن الى جانب الفرنسيين في مسعاهم، ولكن الكرة هي في ملعبنا كلبنانيين، والمسؤولية تقع على عاتقنا بالدرجة الاولى، إذ أنّ شعبنا هو الذي يتألم، واقتصادنا هو الذي ينهار، والآتي قد يكون أسوأ، خصوصاً وانّ الدعم للسلع الحيوية سيصمد لشهر واحد بعد، وبالتالي علينا أن نسارع الى تشكيل الحكومة قبل فوات الأوان”.
ويشدّد بري على أنّ التأليف يجب أن يتمّ بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، “على قاعدة استمرار التشاور بينهما حتى يتوافقا”.
ويوضح أنّ لرئيس الجمهورية الحق في أن يكون له رأي في كل اسماء الوزراء، “ولكن الرئيس المكلّف هو المسؤول عن الحكومة أمام مجلس النواب بموجب الدستور، ولذلك هو الذي يضع مشروع التشكيلة الحكومية ويرفعه الى رئيس الجمهورية وليس العكس”.
وعن قول رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بأنّه يؤيّد مبادرة بري، شرط أن يسمّي رئيس الجمهورية اسماء الوزراء المسيحيين الاختصاصيين وفق معادلة «لا مع ولا ضد»، يلفت رئيس المجلس النيابي الى انّ المطلوب اختيار الوزراء على اساس المواصفات الآتية: الكفاءة، الاختصاص، والاستقلالية، بمعنى الّا يكون لديهم انتماء حزبي، لافتاً الى انّ هذا الاختيار يجب أن يحصل بالتعاون والتنسيق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، “بحيث يستمران في التداول بالأسماء وتبادلها الى حين التوافق”.
ومن باب تقريب الصورة، يكشف بري انّه كان قد طَرح على الحريري مجموعة أسماء للحقائب الشيعية، «وطرح الحريري بدوره عليّ اسماء أخرى، وانا لم أمانع في الموافقة على بعض ما اقترحه الرئيس المكلّف، بعدما وجدت انّه يتناسب مع المواصفات التي أشرت اليها والمطلوب توافرها في الوزراء».