Site icon IMLebanon

“هيبة الدولة” في جيب ابن خال الأسد… لغز حرّية رامي مخلوف

كتب عهد فاضل في “العربية”:

جاءت الدفعة الأخيرة من معتقلي الرأي في مناطق سلطة النظام، على أساس قوانين تم سنّها بغرض فرض سيطرة أوسع إنما بخلفية “قضائية” تنفذها إدارة الأمن الجنائي، وهي جهة منوط بها، أصلا، التحقيق بوقائع القتل والسلب، ومختلف الجرائم غير السياسية، إلا أن النظام السوري، جعلها واجهة جديدة لإحكام قبضته الأمنية، في الفترة الأخيرة، وأصبحت المهمات التي تنفذها “الجنائية” هي المهمات عينها التي كانت تنفذها، الاستخبارات العسكرية، والاستخبارات الجوية، وما يعرف بأمن الدولة، ثم بدرجة أقل، الأمن السياسي.

واعتقلت أجهزة أمن النظام، الأسبوع الماضي، عدة أشخاص بتهم تتعلق بـ” المس بهيبة الدولة” و”التعامل مع صفحات مشبوهة” و”إضعاف الشعور القومي” أو النيل من “مكانة الدولة المالية” بحسب إنذار، لداخلية الأسد، لم يتأخر بتنفيذ وعيده، بحق أصحاب الرأي المنتقدين لتفشي الفساد، على وسائل التواصل الاجتماعي، فتم اعتقال ثمانية، في 31 من شهر كانون الثاني الماضي، بحسب عدد معلن، فيما الاعتقال طال عددا أكبر.

مخلوف “مسّ” بهيبة دولة ابن عمّته

في المقابل، فإن جميع التهم التي يحتجز النظام السوري، حرية الأشخاص، على أساسها، خاصة إن عبر عنها على وسائل التواصل، بحسب قانون “مكافحة الجرائم المعلوماتية” لم يتم تطبيقها، على مطلق اتهامات بحق فساد في النظام، أكثر خطورة بكثير، مما عبر عنه معتقلو الرأي الثمانية، وغيرهم مما لم يعلن عنهم، وهو رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، والذي توجه بتهم فساد للنظام، غير مسبوقة من شخص موالٍ له، خاصة عندما وصف ما حلّ بممتلكاته، في سوريا، بأنه “أكبر عملية نصب في الشرق الأوسط”.

وعلى الرغم من أن ابن خال الأسد، قد توجه باتهاماته بفساد أجهزة وأشخاص في النظام، من على وسائل التواصل الاجتماعي، وصلت حد مخاطبة الأسد في العاشر من الشهر الماضي، من حسابه الفيسبوكي، بالقول له عن إجراءات: “تنطوي على عمليات احتيال وتزوير تشكل أكبر ملف فساد يمر بتاريخ الجمهورية العربية السورية وينال من هيبتها وبوجودكم أنتم أعلى سلطة قضائية” إلا أن قانون النظام، عن “هيبة الدولة” لم يطبق على ابن خال الأسد، واعتقل الآخرون، لعبارات أقل بكثير. فلم لم يقم الأسد، باعتقال ابن خاله، رجل الأعمال؟

أموال رامي تنقد “هيبة” دولة الأسد ثمنها

وفي غضون نيل رامي مخلوف، مباشرة من “هيبة” دولة النظام، إذ ذكر الكلمة في النص، وقال للأسد إن “هيبة” الدولة تمس، بأكبر ملف فساد، وبوجودك كأعلى سلطة قضائية فيها، إلا أن هذا “المس” بهيبة دولة الأسد، محكوم بمعايير مختلفة، تبعاً لمصلحته المالية المباشرة، بحسب ما قاله المحامي عيسى إبراهيم، مستشار حركة “الشغل المدني” في سوريا، لـ”العربية.نت” السبت.

وبيّن إبراهيم، أن الأسد حريص على حياة رامي مخلوف، لعدة عوامل، من ضمنها، ضمان استرجاع أمواله “المودعة لدى رامي” والتي هي بالأصل “ثروات سورية عامة جمعت باستغلال نفوذ وسلطة، لعقود في سوريا” وقال في هذا السياق لـ”العربية.نت” إن ما وصفه بـ”سرّ اهتمام ولطف الأسد” مع رامي مخلوف، لأنه “لا يريد إسقاطه، بأي شكل، حتى لا يضيع المال، وبالتالي يخسر بشار ثروته المجموعة لعقود، باسم رامي”.

مال ضخمٌ يغري رئيس النظام

وبخصوص الاعتقالات الأخيرة في مناطق سلطة النظام، كشف الحقوقي المعارض بأنها جاءت على خلفية قمع حرية التعبير الروتينية لنظام كنظام الأسد: “بالنسبة للاعتقالات فطبيعة النظام لدى الأسد الابن لا تحتمل أي نقد، وبنفس الوقت يحتاج الأسد الابن لتظهير حالة من حرية التعبير قبيل الانتخابات التي يريد اجراءها بوقت قريب، ولذلك تتراوح الإجراءات بخصوص الاعتقال واخلاء السبيل على هذا الأمر المتناقض” إلا أن الأمر مختلف، مع رامي مخلوف، الذي بحوزته “مال ضخم” باسمه، يغري الأسد بالحفاظ والحرص عليه، دون غيره. يقول إبراهيم.

وكشف إبراهيم في حديثه لـ”العربية.نت” بأن الأسد، في حقيقته، لم يعد “يهتم بموضوع فضائح من عدمه” على الرغم “من وضوح المشهد المالي كفضيحة معلنة ومستترة، في آن واحد” وأن الوقائع الجارية بينه وابن خاله رامي، لا تعني أن هناك “خلافا مصيرياً” بينهما، بل إنه “مجرد خلاف حول المال” وأن هذا الخلاف، قد “ينقلب لتعاون بينهما” بمقتضى “المصلحة”.

لا للتفريط بالجسر إلى عهد جديد

“المصلحة” المالية التي تحكم رد فعل الأسد، على منتقديه ومتجاوزي قوانينه التي سنّها بنفسه، والتي يعتقل الآخرين بموجبها، وتبقي آخرين، طلقاء، كرامي مخلوف، على الرغم مما فعله بـ”هيبة” دولة النظام، هي أيضاً، حاجة ماسة لرامي مخلوف، فالمالُ، وبحسب الحقوقي البارز: “هو قوة رامي مخلوف، للانتقال للعهد الجديد، في حال ذهاب الأسد الابن، وهو أمر واردٌ” من هنا، فإن تشبّث رامي بتلك الأموال، هو من قبيل “عدم التفريط بالجسر إلى العهد الجديد”.

ويتحدث إبراهيم، عن كِباش الأسد-مخلوف، حول المال المسروق أصلا من قوت السوريين، ويصفه بمضبوط الإيقاع، لذلك فإن بشار ورامي “يدركان حدود الخصومة بينهما” ويعرفان “كيفية التصرف مع بعضهما البعض” ويحددان “حجم الخلاف” و”ضرورة التقيد بمداه” على الرغم من إدراك رامي، بأن إجراءات النظام القضائية والإدارية بحقه، لم تكن لتتم إلا بإيعاز من ابن عمّته، بشار، إلا أنه “لا يقطع شعرة معاوية مع الأسد الابن” وكذلك الأخير “لا يريد قطعها”.

لن يترك السلطة وفيه نَفَس!

وأوضح إبراهيم، أن الأسد ورامي مخلوف، يدركان “أنهما في قارب واحد” ولا يحتاج الواحد منهما، للتواصل مع الآخر، خاصة وأن رامي “ضعيف جداً، ولا يمكنه مطلقا، إحراج الأسد” وأن الخلاف بينهما، في أحد مسبباته السابقة، هو أن رامي كان يعتقد “بأن القارب سيغرق عاجلاً أم آجلاً” وصار يريد اللحاق “بقارب آخر” وهذا يتناقض “مع الأسد ورغبته” خاصة وأن الأسد “لن يترك السلطة وفيه نفَس” بسبب “هوسه” بالسلطة، بحسب المحامي عيسى إبراهيم في حديثه لـ”العربية.نت”، وهو أحد أحفاد الشيخ صالح العلي (1887-1950م) مطلق وقائد الثورة في الساحل السوري ضد الاحتلال الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي.

ويشار إلى أن إبراهيم، غادر سوريا، عام 2014، ويعيش في النرويج حالياً، وشارك بصفة مستشار دستوري وقانوني لهيئة التفاوض السورية، في جولة مفاوضات “جنيف” الثامنة، بين حكومة الأسد والمعارضة، عام 2017.