جاء في الجريدة الكويتية:
لا تزال جريمة اغتيال الناشط السياسي والكاتب اللبناني المعارض لحزب الله لقمان سليم في توقيتها وشكلها وبالطريقة المحترفة التي نفذت بها تطغى على المشهد السياسي اللبناني.
وكان لافتاً حجم ردات الفعل الدولية والإقليمية التي استدرجتها الجريمة، من بيانات وزارات الخارجية الأميركية والفرنسية والبريطانية والألمانية، وما صدر عن الاتحاد الأوروبي، قبل المحلية منها، خصوصاً أنها بدأت تتوسع على مستوى عالٍ من المسؤولية في أكثر من عاصمة دولية.
وبرزت إلى الواجهة خلال الساعات الماضية رواية تربط اغتيال سليم في بحثه عن أنشطة غسل أموال لـ”حزب الله” وترتيبه لـ “انشقاق” أحد كبار التجار المتعاملين مع الحزب.
وعزز هذه الرواية كلام نائب رئيس تيار “المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش، الذي قال في تصريح، إن “المعطيات بينت أن سليم كان يعمل بملف مضر لحزب الله لأنه يفضحه على مستويات لها علاقة بتبييض الأموال، واغتياله رسالة لكل شيعي يعارض الحزب”.
وكانت الصحافية منى علمي روت أنه “في الأشهر القليلة الماضية، توغل سليم في البحث عن أنشطة غسل الأموال لحزب الله، والاتصالات المحتملة بين التجار الذين يسهلون تلك الأنشطة للحزب، وتعامل هؤلاء بالشخصيات مع مصرف لبنان”، كما أخبرها شخصياً.
وأضافت: “يوم الأحد 31 كانون الثاني طلب مني سليم المرور بمكتبه لمناقشة موضوع حساس معي لا يمكن فعله إلا وجهاً لوجه… وعندما التقيت به يوم الاثنين 1 فبراير، أكد أنه كان على اتصال بشريك تجاري لحزب الله، متورّط بشكل كبير في أنشطة غسل الأموال للحزب، وتم فرض عقوبات عليه من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي (OFAC). هذا الشخص الذي لم ينشر اسمه، كان مستعدا للانشقاق مقابل إخراجه من لبنان وحمايته من حزب الله”.
وتابعت”: “كان سليم يسألني ما أفضل طريقة للقيام بذلك، بالنظر إلى أن أي اتصال مع سفارة أجنبية محلية سيشمل مشاركة العديد من الأطراف، مما قد يؤدي إلى تسريب استخباراتي وتهديد حياة المنشق المزعوم. كان يعتقد أن أفضل طريقة للتعامل معه هي الاتصال مباشرة بوزارة الخارجية الأميركية أو وزارة الخزانة”.
لكن السياسي والكاتب المعارض الشيعي علي الأمين استعبد هذا الاحتمال قائلاً في اتصال أجرته معه “الجريدة”، أمس، أن “الرواية غير مقنعة”. وأضاف: “سليم كان لديه شبكة علاقات قوية على المستوى الدولي ولم يكن بحاجة إلى تسريب خبر من هذا النوع إلى الإعلام”.
واعتبر الأمين أن “عملية اغتيال سليم لا تستهدف كما قال البعض المعارضين الشيعة في لبنان بل هو لكل ما كان المغدور يعبر عنه”، مشيراً إلى أن “خطابه كان لبنانياً ويتسم بالمواصفات المدنية والمواطنية ولم يكن يسعى إلى مشروع شيعي”.
ورأى أن “لبنان دخل مرحلة أمنية جديدة”، مرحجاً ألا يكون اغتيال سليم “يتيماً”.
وسط ذلك، برزت معلومات أمنية تفيد أن سليم كان على قيد الحياة عدة ساعات قبل أن يتم إطلاق النار عليه وأنه تعرض للتعذيب قبل اغتياله. وواصلت شعبة “المعلومات” في قوى الأمن الداخلي تحقيقاتها للكشف عن ملابسات العملية، عبر التحقق من داتا الاتصالات ومسح كاميرات المراقبة.
وكشفت شقيقة لقمان، رشا سليم أن “العائلة طلبت طبيباً خاصاً لإعادة الكشف على الجثة وللتأكد من عدد الرصاصات والتحقق من موضوع التعذيب”.
يأتي ذلك، فيما الملف الحكومي يراوح مكانه، وقد زاد من جموده الهمّ الأمني بعد اغتيال سليم، بينما برزت خلال الساعات القلية الماضية حركة تدور خلف الكواليس لمحاولة إعادة بث الروح في شرايين “التأليف” الذي دخل في كوما منذ آخر لقاء جمع رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري أواخر العام الماضي. ويبدو أن جهود الانعاش هذه التي يبذلها الفرنسيون بشكل رئيسي قد استفادت من العودة الأميركية إلى الساحة والتي تمثل بالبيان المشترك الأميركي-الفرنسي.