استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قبل ظهر اليوم، وفدا من “التيار الوطني الحر”، ضم النائب جورج عطالله، الوزير السابق منصور بطيش، نائبة رئيس التيار للشؤون السياسية مي خريش، ومستشار رئيس التيار أنطوان قسطنطين.
بعد اللقاء، قال بطيش: “جئنا اليوم الى هذا الصرح بمناسبة عيد مار مارون لنستوحي من تاريخ هذه المسيرة الإيمانية والإنسانية والأخلاقية التي تجسدها بكركي دروسا وعبر تصلح لكل زمان ومكان. اليوم ليس زمن معايدات بل زمن التلاقي والحوار للبحث عن حلول ومخارج لأزماتنا المتناسلة. في هذا الإطار، أردنا أن نستنير بحكمة سيدنا البطريرك ونتشاور معه في أمور وطنية أساسية، وهذا واجبنا خصوصا عند الاستحقاقات الكبرى كالتي نعيشها”.
وأضاف: “بحثنا مع صاحب الغبطة بضرورة تشكيل حكومة انقاذ، دون إبطاء، من وزراء اصحاب خبرة واختصاص، ذات مصداقية عالية، ووفق مندرجات المبادرة الفرنسية، مع الحرص على تفكيك الألغام والذرائع التعطيلية ومع احترام الدستور والشراكة الوطنية وصلاحيات ودور المؤسسات، لا سيما الموقع الميثاقي لرئاسة الجمهورية. وقد تركز الحديث على الأولويات التي يفترض ان تعالجها الحكومة المقبلة، وتحديدا ما يلي:
اولا: في سياق الحرص على الحريات وعلى حياة الناس وعلى حقوقهم، ندين ونستنكر كل عمليات الاغتيال وآخرها اغتيال الناشط والمفكر لقمان سليم. وبالنسبة لغبطته ولنا، ان لبنان كان وسيبقى ارض الحريات وارض الاحرار.
ثانيا: إنكباب الحكومة العتيدة على معالجة جذرية للازمة الاقتصادية – المالية – النقدية المصرفية والاجتماعية، والعمل فورا على تحديث خطة التعافي المالي التي أقرت منذ حوالي سنة بما يتلاءم مع التطورات التي طرأت منذ الربيع الفائت وبما يلاقي الورقة الفرنسية ومقتضيات التعاطي مع صندوق النقد الدولي.
ثالثا: الالتزام بانجاز التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان التي هي المدخل لكشف الحقائق المالية والنقدية وحيث الفجوة هناك تقارب ال55 مليار دولار غير الدين العام الحكومي. واستطرادا، إجراء التدقيق الجنائي فورا في حسابات المؤسسات التابعة للدولة بدون استثناء وفقا للقرار الحكومي المتخذ في 26/3/2020، وانجاز قطوعات حسابات الدولة القابعة منذ حوالي العامين في أدراج ديوان المحاسبة.
رابعا: متابعة العمل الدؤوب لإقرار القوانين الاصلاحية كمكافحة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة والأموال المحولة استنسابيا وقانون المنافسة وقانون المشتريات العمومية وقانون الجمارك، واصلاح النظام الضريبي ليصبح اكثر كفاءة وعدالة مرتكزا على الصحن الضريبي الموحد.
خامسا: إخراج لبنان من دائرة الصراعات الاقليمية، ما عدا طبعا موضوع الصراع مع اسرائيل، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أسس العدالة بتنفيذ حق العودة وفق القرارات الدولية، وليس على حساب لبنان.
سادسا: العمل على اعادة النازحين السوريين الى بلادهم في اقرب وقت، بما يحفظ أمنهم وكرامتهم وبما يخفف الأعباء الهائلة – وهي بلميارات الدولارات، ما بين 35 و 40 مليار دولار- عن كاهل الاقتصاد الوطني والمالية العامة.
سابعا: المتابعة الحثيثة لمسار التحقيق في نكبة وجريمة تفجير مرفأ بيروت التي مر عليها أكثر من ستة اشهر، والتشديد على كشف كل الحقائق في أسرع وقت”.
وردا على سؤال عن موقف “التيار الوطني الحر” من طرح البطريرك الراعي الداعي الى مؤتمر دولي لانقاذ لبنان بعد أن فقد الثقة بالسلطة الحاكمة، قال بطيش: “مساعدة الأشقاء والأصدقاء والمنظمات الدولية للبنان مشكورة، انما نحن نرى أن الحلول يجب أن تأتي من الداخل على المستوى المسيحي والوطني، فإذا لم نستطع أن نستنبط حلولا من الداخل فعبثا نحاول، فعيشنا المشترك يتطلب أن نجلس سويا لإيجاد الحلول، فكل الشعوب تعرضت لنكبات وعالجتها بحلول داخلية. نحن سمعنا نداء صاحب الغبطة ودائما نأخذ بعين الاعتبار كلامه، ولكن رأينا أن نركز على الحوار الداخلي، وسنبقى نعمل هلى هذا الأساس للوصول لهذه الغاية”.
وعما اذا تم التطرق الى موضوع تشكيل الحكومة خصوصا بعد العظات العالية السقف والعاتبة على رئيس الجمهورية، قال بطيش: “فخامة الرئيس شديد الحرص على تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن ويقوم بكل الجهد في هذا الاتجاه، ولكن هذا الأمر يتطلب توافقا بينه وبين دولة الرئيس المكلف، وعلى الرئيس المكلف ان يزور بعبدا ويتحدث مع فخامة الرئيس، ومن المؤكد انه سيتم ايجاد الحلول اذا صفيت النوايا من كل الجهات. فرئيس الجمهورية مصر على ان تتشكل الحكومة وفق القواعد الوطنية بأسرع وقت ممكن وتباشر بالاصلاحات وتضعها موضع التنفيذ”.
وعن بيان التيار أمس في ما يتعلق باتفاق مار مخايل، قال بطيش: “رئيس التيار الوطني الحر تحدث في هذا الخصوص من قرابة الشهرين وليس يوم أمس، وبعد أن جرت محاولات كثيرة لمحاربة الفساد والاصلاحات، تبين أن هذا الاتفاق لم يؤد دوره الوطني”.
وعن الألغام الموضوعة أمام تشكيل الحكومة ومن يضع هذه الألغام، قال بطيش: “هناك عدة أمور تتم معالجتها في الفترة الحالية ونأمل أن تحل الأسبوع المقبل، ونتمنى تشكيل حكومة في وقت قريب”.
وختم بطيش نافيا وجود أي تشنج في العلاقات بين التيار الوطني الحر وبكركي، وأكد “التواصل الدائم مع صاحب الغبطة ورفض مقولة أن التيار يغرد خارج سرب بكركي”.