Site icon IMLebanon

من عيد مار شربل إلى مار مارون… الراعي “حيث لا يجرؤ الآخرون”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

وقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عيد مار شربل الذي يُصادف ثالث أحد من تموز، مستفيضاً بالحديث عن الحياد وعن شهداء المقاومة اللبنانية، ومؤكداً أن لبنان الذي بناه أجدادنا لن يموت ولن تستطيع أي قوة تغيير وجهه الحقيقي.

وبين عيد مار شربل في الصيف ومار مارون اليوم، يستمرّ البطريرك الراعي في حمل مشعل إنقاذ لبنان، فقدّيس عنايا يشكّل بالنسبة للموارنة المنقذ ورفيق الدرب والقدّيس “يلي عايش معن”، بينما يحمل الموارنة إسم مارون الراهب الذي تنسّك في العراء ونشر تلامذته الدين الماروني في جبال لبنان ومنها إلى كل العالم.

تُشكّل جبال لبنان المعقل التاريخي للموارنة و”أرض الميعاد” لهم، منها إنطلقوا إلى العالمية وبنوا دولة نموذجية في الشرق باتت مضرب مثل، إلى حين أتى من يريد أن يُغيّر وجهها.

يُعرف في تاريخ الموارنة، أن البطريرك الماروني يبدأ ولايته ضعيفاً، والرعية غالباً ما تكون متأثرّة بالبطريرك الذي سبقه، وتبدأ المقارنات، هكذا حصل مع البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير الذي قاد المقاومة في وجه الإحتلال السوري وطبّق شعار “العين تقاوم المخرز”، وهذا ما يحصل حالياً مع البطريرك الراعي.

كُثر إنتقدوا “تقليعة” الراعي، وكثر تمنوا أن يستقيل ويرحل، لكن في عيد مار شربل الصيف الفائت، إستعاد الراعي زمام المبادرة وطرح الحياد كمخرج لإنقاذ لبنان الرسالة ومنارة الشرق، البطريرك نفسه يعترف أن الله ومار شربل ساعداه لكي يخرج بهذا الطرح الإنقاذي من أجل الوطن والشعب.

نحو سبعة أشهر مرّت على نداء الراعي، والبلاد تغرق أكثر وأكثر في الخراب والدمار والجوع والإضطرابات الأمنية. ووقعت الكارثة الأكبر في تاريخ الوطن والتي تمثّلت في انفجار المرفأ وتدمير نحو نصف أحياء العاصمة، علا صوت البطريرك الماروني مجدداً، وبادر إلى القيام بوساطة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري لكن من دون أن يلقى تجاوباً، وكأن هؤلاء الحكّام غريبون عن لبنان ولا يهمّهم الشعب.

وعشية عيد مار مارون ذهب الراعي أبعد بكثير بعدما اكتشف أن لا أمل مع هذه الطبقة الحاكمة، واستنجد بالأمم المتحدة لإنقاذ الدولة والشعب من الغرق مطالباً بمؤتمر دولي خاص بلبنان تحت رعاية الأمم المتحدة، من أجل الحفاظ على ما تبقّى من الوطن.

رفع الراعي سقف التحدّي وسمّى الأمور بأسمائها، وترك نداؤه في عظة الأحد تردّدات على الساحة اللبنانية والخارجية، واضعاً الداخل أمام مسؤولياته ومناشداً الخارج عدم ترك لبنان فريسة حكّام مجرمين ودويلة تنهش الدولة، وقتلة يصفّون الأحرار في هذا البلد وكان آخرهم الشهيد لقمان سليم.

في اللحظات التاريخية والحرجة، تعود بكركي من بعيد لتحمل سيف الحقّ، ويُعتبر البطريرك الراعي اليوم من يقود المواجهة في وجه القوى التي تحكم نتيجة فائض القوة والدعم الخارجي وتعمل على تدمير ما بناه الأجداد، لتقيم مكانه نظاماً دينياً يتبع للخارج ونمط حياة لا يُشبه لبنان المزدهر الذي عرفه العالم منذ عشرات السنوات.

وفي عيد مار مارون، تؤكّد بكركي والبطريرك على لعب الدور التاريخي الذي اطّلع به الموارنة، وليس عزلهم وأخذهم إلى محور لا يريدونه بسبب الأطماع السلطوية لبعض زعماء الطائفة.

“بكركي قالت كلمة حق”، هذا باختصار ما يحصل في هذا الوقت، فإيمان البطريركية هو بوجوب رفع الصوت وعدم التفرّج على الإنهيار حتى لو كان الهيكل يُهدم من بعض أهل الداخل، فالبطريرك يُشدّد على أنه في صلب معركة حماية لبنان الكيان ولن يتنازل مهما اشتدت الضغوط إلى حين ولادة لبنان المتجدّد الذي دفع الأجداد الدماء ثمناً لبقائه.