تقرير “العربية”:
بين الحين والآخر، يفرض النظام في سوريا قوانين ويخرج بقرارات غريبة لا تملك أي أصول قانونية وتخالف دستور البلاد حتى. فبعد فضيحة الـ100 دولار الذي فرضها على السوريين القادمين من الخارج قبل أشهر، مقابل تصريفها بالعملة السورية في الداخل ووفقاً لسعر الصرف الذي يحدده هو، في تجاوز كامل للقانون السوري الذي يرفض منع أي مواطن من دخول بلده، أثار تصريح العميد إلياس بيطار رئيس فرع الإعفاء والبدل في قوات الأسد والذي نشرته وزارة الإعلام بداية شهر شباط الحالي، وتم تداوله بكثرة مؤخراً، جدلاً واسعاً بين السوريين لعدم قانونية ما جاء فيه أيضاً.
فقد أعلن بيطار أن النظام سيعمد إلى مصادرة أملاك المتخلفين عن “الخدمة الإلزامية” بعد تجاوزهم 42 عاماً.
وقال خلال تسجيل مصور، إنه إذا لم يدفع المكلف ممن تجاوز عمره 42 عاماً 8 آلاف دولار، فسيتم الحجز التنفيذي على أملاكه وممتلكاته وأرزاقه، سواء كان له أو لأهله أو ذويه أو أي أحد يخصه، لتطال بذلك القوانين الجديدة الشبان السوريين ممن خرجوا من البلاد بعد عام 2011، وتخلف معظمهم عن تأدية الخدمة الإلزامية رفضاً منهم المشاركة في الحرب، كما لم يلتزموا بدفع البدل المقدر بـ8 آلاف دولار، أملاً في أن يتجاوزا السن القانونية للتكليف وهي سن الـ42 عاماً.
قانون قديم
ويعود القانون المثير للجدل لعام 2017 أي قبل 4 سنوات من العام الحالي، إلا أن البعض اعتبر التصريح الأخير لمسؤول النظام وسيلة سلب جديدة أضافها الأسد على ما سبقها من قوانين تستهدف أموال السوريين بالعملة الصعبة (الدولار)، وتعكس حاجته الماسة لها.
وبالعودة إلى نص القانون المذكور يتضح أنه لم يشر إلى الحجز على أملاك عائلة المتخلف عن تأدية الخدمة الإلزامية ولا أي أحد يخصه، وأن كلام المسؤول ينافي حتى نص القانون.
ويعتبر القانون رقم 35 لعام 2017 معدلاً لأحكام خدمة العلم رقم 30 لعام 2007، وتتضمن العقوبة والغرامة المترتبة على المكلف في حال عدم الدفع خلال المهلة المحددة وهي ثلاثة أشهر بعد بلوغه 42 عاماً، أن يترتب على المكلف دفع غرامة مقدارها 200 دولار أميركي أو ما يعادلها بالليرة السورية عن كل سنة تأخير تبدأ من اليوم التالي لانتهاء المهلة المحددة للدفع على ألا يتجاوز مجموع غرامات التأخير مبلغ ألفي دولار أميركي أو ما يعادلها بالليرة السورية حسب سعر الصرف الصادر عن مصرف سوريا المركزي بتاريخ الدفع ويعتبر أي تأخير بالدفع في جزء من السنة سنة كاملة.
كما يحال إلى الهيئة العامة للضرائب والرسوم ليتم إلقاء الحجز التنفيذي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمكلف وتحصيل المبلغ والغرامة وفق قانون جباية الأموال العامة، ويحال إلى القضاء المكلف الممتنع عن الدفع ويعفى من العقوبة إذا بادر إلى تسديد قيمة البدل.
النظام يخالف دستور البلاد
وتعليقاً على القانون الذي أصدره النظام بشأن المتخلفين، ذكر قانونيون وحقوقيون سوريون أن هذا القرار يعد مخالفة صريحة لدستور البلاد، مؤكدين أن كلام بيطار لم يرد في القانون السوري ولا يجوز دستورياً أن تقع العقوبة على عائلة المتخلف أو أقربائه، وأن ما ورد في المادة الـ51 من الدستور السوري ينص على شخصية العقوبة لا غير.
ولم يتوقف الحديث عند الحجز على أملاك المتخلف، بل انتقل أيضاً للحديث عن شرعية دفع البدل النقدي بالدولار، وهو ما يخالف القانون السائد في البلاد حيث نص المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2014 على منع التعامل بغير الليرة السورية، إلا أن النظام يخرق القانون الذي وضعه بنفسه حين سعّر البدل النقدي للخدمة الإلزامية بالدولار الأميركي.
يشار إلى أن النظام في سوريا بات يعاني من نقص شديد في قواته بسبب العدد الكبير من القتلى الذين خسرهم طيلة سنوات الحرب، ومن جهة أخرى يبحث النظام عن أي وارد يخفف عنه مهمة تأمين العملة الصعبة التي باتت تشكل له ضربة موجعة بسبب العقوبات.