كتب طوني أبي نجم:
لو حصلت هذه الحادثة التي سأرويها لكم مع غيري لما كنت صدقتها… وإليكم التفاصيل: قصدت صباح اليوم مركز قوى الأمن الداخلي الخاص باستصدار السجلّ العدلي، في منطقة فرن الشباك للحصول على سجل عدلي لي. طلبوا مني أن أصعد إلى الطابق الرابع (مكان طلب النشرة) لأن ثمة أمراً ما. تفاجأت بالموضوع، وصعدت إلى الطابق الرابع لدى عنصر في قوى الأمن، وكان في غاية التهذيب، وتبيّن أن ثمة بلاغ بحث وتحري عني (صدمة شخصية كاملة). طلب لي النشرة ليتبيّن بعد أكثر من ساعة أنني مطلوب بسبب 12 ألف ليرة لبنانية هم رسوم قضائية غير مدفوعة نتيجة تمييزي لحكم في محكمة المطبوعات بحقي (مع أن محامي الخاص أكد لي أن كل الرسوم مدفوعة).
عنصر قوى الأمن كان في حال دهشة مثلي، واتصل بأحد القضاة لمعرفة ما يجب أن يفعل، ودخلت إلى مكتب الرائد وسام باز المسؤول هناك، وكان في غاية اللياقة والتهذيب ودماثة الأخلاق، وبدأت الاتصالات والعمل لمعالجة الموضوع.
كنت عمليا لأكثر من ساعتين “موقوفاً رهن إشارة القضاء”، في انتظار أن يتم دفع الـ12 ألف ليرة في قصر العدل والاتيان بالوصل، ثم مخابرة القضاء وبعدها بدء العمل على “كفّ البحث بحقي، لأنني لم أتمكن من مغادرة المركز قبل إنجاز كل هذه الخطوات!
تخيلوا كم العمل الذي تم إنجازه، والأوراق التي تمت طباعتها والوقت الذي صُرف من عناصر قوى الأمن، ووقتي المهدور، كل ذلك بسبب 12 ألف ليرة لبنانية لا غير، أي أقل من دولار ونصف الدولار، في حين أن تكلفة تحصيل الـ12 ألف ليرة فاقت بأقل تقدير 50 ألف ليرة (طباعة اوراق واتصالات وبنزين و9 آلاف ليرة عمولة لليبان بوست في قصر العدل…) من دون احتساب الوقت الضائع والجهد البشري المبذول!
وبعد أتسألون لماذا دولتنا مفلسة ومنهوبة وفاشلة؟ لأنها بكل بساطة تتكلف عشرات آلاف الليرات لتحاول تحصيل 12 ألف ليرة فقط، بسبب قوانين وإجراءات بالية.
بالمناسبة أشكر الله أنه تم توقيفي في مركز السجل العدلي كما أشكر الرائد وسام باز وجميع العناصر على لياقتهم وأخلاقياتهم، ولكن تخيلوا لو كنت مسافراً لكان تم توقيفي في المطار وأُلغيت رحلتي بسبب 12 ألف ليرة فقط لا غير!
بئس هذه الدولة وقوانينها وإجراءاتها البالية، والله يساعد كل مواطن يتعرض لمثل هذه المواقف في حين أن آلاف المجرمين والمطلوبين يسرحون ويمرحون من دون حسيب أو رقيب…