استقبل البابا فرنسيس في القصر الرسولي بالفاتيكان، يوم الاثنين الماضي، أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي، لتبادل التهاني بحلول العام الجديد، وعرض البابا في خطابه، التطورات الراهنة على الساحة الدولية. وخصص مساحة واسعة في كلمته للوضع اللبناني.
وكشف السفير اللبناني لدى الكرسي الرسولي فريد الياس الخازن، عن أن “لا مواقف مرتجلة في الفاتيكان. كلمة البابا السنوية في مطلع العام الجديد يتم الإعداد لها ووضع محاورها قبل وقت من اللقاء العام، وأي تعديلات يتم ادخالها إذا دعت الحاجة. ما جاء في كلمة الحبر الأعظم حول لبنان هذا العام غير معهود، إن لجهة المضمون أو الإسهاب وأيضا بالمقارنة مع ما ورد حول دول أخرى تواجه أوضاعا مأزومة، ولا سيما أن كلام البابا جاء بعد أسابيع من رسالة هامة وجهها إلى اللبنانيين”، مضيفا “هذا فضلا عن زيارة الكاردينال بارولين، أمين سر الدولة، ممثلا البابا، إلى لبنان في أيلول الماضي. تجاوز الكلام البابوي العناوين العامة حول لبنان ليصل إلى التفصيل الواضح والصريح”.
وأعلن الخازن “أن الحيز الأكبر في الخطاب خصصه للبنان. وفي قراءة موجزة، يمكن الإشارة إلى أربع ركائز مترابطة لكلام البابا عن لبنان: استقرار البلاد، والالتزام المطلوب لهذه الغاية وطنيا ودوليا. الرابط بين الاستقرار والهوية لجهة التعددية والتنوع والتسامح، وما للمسيحيين من دور محوري في النسيج التاريخي والاجتماعي المؤسس للبنان، فضلا عن تداعيات هذا الواقع على الشرق الأوسط، محيط لبنان الإقليمي”.
كما لفت السفير اللبناني إلى أن “العلاقة توترت في الآونة الأخيرة بين أميركا والفاتيكان اثر زيارة وزير الخارجية السابق مايك بومبيو إلى روما واتخاذه مواقف مناوئة لمسار العلاقات بين الكرسي الرسولي والصين، رغم أنها مسألة راعوية غير مرتبطة بالشأن السياسي. وبين الجهتين الكثير من المساحات المشتركة في السياسة الدولية، أبرزها: المقاربة المتعددة الأطراف (Multilateral)، وخصوصا لجهة التعاون مع المنظمات الدولية، إضافة إلى مواجهة التحديات البيئية والصحية، وإيلاء الاهتمام الجدي بالازمات المرتبطة بالهجرة والنزوح والفقر وحقوق الإنسان، والمرونة في التعاطي مع الأزمات داخل الدول وفي ما بينها، بعيدا عن الصدام غير المجدي. وكذلك أيضا في ما يخص تفعيل التقارب مع الاتحاد الاوروبي واتخاذ الإجراءات للحد من التسلح، وفي مقدمها السلاح النووي “.
وأشار إلى أن “هذه الاعتبارات تسهل التواصل بين أميركا والفاتيكان في السياسة الخارجية. وأن الانتماء الديني للرئيس الأميركي جو بايدن، غير مرتبط بالقرار السياسي ومصالح الدولة العليا، وان كانت منطلقات بايدن المبدئية والأخلاقية في عمله وسلوكه تحكمها ثوابت تتلاقى مع توجهات الفاتيكان ومقاربته للشأن العام، خلافا لما كانت عليه الحال مع الرئيس ترامب وسياسته الخارجية الاستنسابية والمتقلبة”.
وتطرق الخازن الى الدور الذي تقوم به السفارة اللبنانية لدى الكرسي الرسولي، فأوضح أن “السفارة على تواصل دائم مع المعنيين في الشأن اللبناني في دوائر الكرسي الرسولي وفي المجامع الرسولية المتخصصة والمؤسسات التابعة للفاتيكان التي تعمل من أجل تعزيز الحوار بين الأديان وفي المجالات الخيرية والإنسانية. بإيجاز، العلاقات مع الفاتيكان وثيقة ، يسودها التعاون والانفتاح والصدق في التعاطي. قداسة البابا يتابع الأوضاع اللبنانية ولا يوفر فرصة لتقديم العون “.
أما عن المبادرات التي تطلق من لبنان، أكد الخازن “أن الفاتيكان يتعامل مع المبادرات والمواقف المعلنة في لبنان، ولا سيما منها تلك الصادرة في الآونة الأخيرة عن غبطة البطريرك الراعي، بجدية وانفتاح، وان لم يصدر موقف منها. والفاتيكان داعم للمبادرة الفرنسية، أو أي مبادرة قد تساهم في انتشال البلاد من الأوضاع المتردية التي يعاني منها اللبنانيون”.