Site icon IMLebanon

عودة: ينادون بالحرية وهم لا يعرفون سوى كمّ الأفواه!

أكّد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة انّ “العدالة والإنصاف أساس فعاليةِ القوانين وصوابيةِ الأحكام، وعيونُنا جميعاً على الجسم القضائي الذي بات الحصنَ الأخير قبل الإضمحلال. فالمطلوبُ منكم يا قضاةَ لبنان حملَ سيفِ الحق، وتطبيقَ العدالةِ، واعتمادَ المساواةِ بين الجميع، وإصدارَ الأحكامِ بلا تردّدٍ وبغضِ النظرِ عن مرتبةِ المذنبِ أو جنسِه أو دينِه أو إنتمائِه. التمييزُ بينَ المواطنين بغيضٌ وقد يحرمُ صاحبَ الحقِّ حقَّه أو قد يغضُّ الطرفَ عن ذوي المراتبِ المذنبين، ما يؤدي إلى خلقِ الفوضى وتـفـشِي الفساد ويأسِ المواطن. لذا نرجو منكم الإبتعادَ عن الإنحيازِ والظلمِ والعنصريةِ والمحسوبيةِ وخصوصاً عن السياسة، وعدمَ الخوفِ إلاَّ من الله خالقِكم، وعدمَ الإصغاءِ إلاَّ إلى ضمائرِكم”.

وأضاف، في عظة الأحد: “نَأسَفُ لِوَضعِنا في هَذا البَلَدِ الحَبيب. هُنا، نَصَّبَ مَسؤولونا أَنفُسَهُم أَفهَمَ مِنْ جَميعِ مَسؤولي العالَم، فَهَلَكَ البَلَدُ بِسَبَبِ كِبرِيائِهِم، بَينَما نُعايِنُ أَشِقَّاءَنا قَدْ وَصَلوا إلى المَرِّيخِ بِخَفَرٍ وعَمَلٍ صامِتٍ ودَؤوب، ونَحنُ نُهَنِّئُهُم على إِنجازِهِم المُضافِ إلى إِنجازاتٍ أُخرى أَهَمُّها تحويلُ صحرائِهم إلى واحةِ لقاءٍ وتسامُحٍ وأخوَّة. لبنانُنا كان فيما مضى واحةَ التلاقي والحوار، أرضَ الحريةِ والديمقراطيّةِ والإبداع. لقد فـقـدَ لبنانُ دورَه الرائدَ في التعليمِ والإستـشـفـاءِ والسياحةِ والخدماتِ المصرفيةِ وغيرِها من الخدمات. كان مقصَدَ طالبي العلمِ والمعرفةِ والحرية. كان ملجأَ الـمستــنـيـرين والرؤيويين والأحرارِ المـقـمـوعـين في بلادِهم، فإذا به يصبحُ قاهرَ الأحرارِ والمبدعـين، يهجرُه أبناؤه يومياً، الكبارُ منهم قبل الشباب، طلباً للعيشِ الهانئِ الكريم، حيث الأمانُ والإستـقرارُ والمساواةُ والعدالةُ وراحةُ النفسِ والإطمئنانُ إلى الغدِ والأبناء. لبنانُ الريادةُ والتميُّزُ والإبداعُ وأرضُ التلاقي والحوار أصبح من الماضي. التنافسُ البنّاءُ الذي عَــرَفَــه لبنانُ في كلِّ المجالات أصبحَ تنافساً في المطالبِ والمكاسبِ والصراعاتِ وتصفيةِ الحسابات، والشعبُ مغلوبٌ على أمرِه يناضلُ من أجل الإستمرار في العيش، وإذا سوّلتْ لأحدِهم نفسُه أن يتمرَّدَ أو يعبّرَ عن رفضِه أو غضبِه يُــقــمَعُ أو يُسجَنُ أو يُكتَمُ صوتُه”.

وتابع: “أين لبنانُ المـفـكرين والرياديين والمبدعين والأدباءِ والشعراءِ والفلاسفةِ والعلماءِ ورجالِ الفكرِ والقانونِ والاقتصادِ وعـمالـقـةِ السياسة؟ في الستينات كنّا سبّـاقـين في مجالِ الفضاءِ والإقتصادِ والعلمِ والفكرِ والتعليمِ والصحةِ والفنِ وغيرِها من المجالات. كنّا في طليعةِ الدولِ العربيةِ ومثالاً يُحتذى. أين أصبحنا؟ رَحِمَ الله أولئك الكبار الذين حكموا لبنان، وبئسَ ما وصلنا إليه. حكامُنا اليوم نَصَّبوا أَنفُسَهُم حُكَماءَ الشَّعب، لَكِنَّهُم جَهِلوا مَنْ فَجَّرَ الوَطَنَ وقَــتَــلَ المُواطِنين. مَسؤولونا يُنادونَ بِالحُرِّيَّةِ والسِّيادَةِ، وهُم لا يَعرِفونَ سِوَى كَمِّ الأَفواهِ الحُرَّةِ المُـنـادِيَـةِ بِالسِّيادَة والحرية والعدالة. إنَّ الحياةَ الحقَّةَ لا تأخذُ معناها الحـقـيقي إلا عندما تتخطى الأنانيةَ والمصلحةَ في سعيها إلى خدمةِ القضايا العظمى، والعدالةُ إحداها. فإن سئمَ اللبنانيون من السياسيين وعدمِ نُضجِهم وإهمالِهم وأنانيَّتِهم وتمسُّكِهم بمصالحِهم فالتعويلُ على عدلِ القضاءِ ونزاهةِ القضاة وشجاعتِهم واستعدادِهم للتضحيةِ من أجلِ الحقِّ، لكي نصلَ إلى الدولةِ العادلةِ حيثُ المساواةُ واحترامُ الحقوقِ والحرياتِ ومحاسبةُ كلِّ مذنبٍ ومعاقبتُه، فتتوقَّفُ سلسلةُ التعدّياتِ والإغتيالاتِ وأعمالِ الظلمِ والحقدِ والتحقير”.

وأردف: “إنَّ العدالةَ فضيلةٌ أخلاقيةٌ وواجب. إنها إحدى القيم الإنسانيَّة وهي ضروريةٌ للدولةِ وأساسُ الحكم. بالعدلِ تُحمى حقوقُ المواطن، وتُسنُّ الأحكامُ ويُعاقَـبُ المذنب والمجرم. فإذا كان السياسيون لا يعون المخاطرَ المحدقةَ بلبنان أو يتجاهلون الوضعَ المزري هرباً من المسؤولية أو عجزاً أو جبناً أو خوفاً، فالمطلوبُ انـتـفاضةُ القضاءِ على السياسة وإبعادُها عن التدخلِ في الأحكام، والإنصرافُ إلى دراسةِ الملفاتِ بحياديةٍ وموضوعيةٍ واستقامة، ومعاقبةُ كلِّ من أساء إلى لبنان وأبنائه وكلِّ من خالفَ القوانين ولم يطبقْ الدستور وكان سبباً في شلِّ المؤسسات وتعطيلِها وتراجعِ الإدارة وتـفـشي الفساد، وكلِّ من ساهم عن قصدٍ أو عن علمٍ أو عن إهمالٍ في تـفـجـيـرِ العاصمة وقتلِ أبنائها وتهجـيرِهم وإفــقـارِ اللبنانيين وتجويعِهم وكمِّ أفــواهِهم واغتيالِ مـفـكريهم وسجنِ كلِّ من تجرأ على الإعتراض”.

وقال: “إنَّ العدالةَ والإنصافَ أساسُ فعاليةِ القوانين وصوابيةِ الأحكام، وعيونُنا جميعاً على الجسم القضائي الذي بات الحصنَ الأخير قبل الإضمحلال. فالمطلوبُ منكم يا قضاةَ لبنان حملَ سيفِ الحق، وتطبيقَ العدالةِ، واعتمادَ المساواةِ بين الجميع، وإصدارَ الأحكامِ بلا تردّدٍ وبغضِ النظرِ عن مرتبةِ المذنبِ أو جنسِه أو دينِه أو إنتمائِه. التمييزُ بينَ المواطنين بغيضٌ وقد يحرمُ صاحبَ الحقِّ حقَّه أو قد يغضُّ الطرفَ عن ذوي المراتبِ المذنبين، ما يؤدي إلى خلقِ الفوضى وتـفـشِي الفساد ويأسِ المواطن. لذا نرجو منكم الإبتعادَ عن الإنحيازِ والظلمِ والعنصريةِ والمحسوبيةِ وخصوصاً عن السياسة، وعدمَ الخوفِ إلاَّ من الله خالقِكم، وعدمَ الإصغاءِ إلاَّ إلى ضمائرِكم. أَرسوا النِّظامَ والعدلَ والحَقَّ، أنصفوا البريءَ والمظلومَ، أحموا حريةَ الرأي والفِكرِ والتعبيرِ والمُعْـتَــقَــد، ودافعوا عن الشعبِ المقهور، وعن الأحرارِ والمثـقــفين والمُـفَــكِّرين. يقولُ ميخا النبي: «قد أخبَرَكَ أيها الإنسانُ ما هو صالحٌ وماذا يطلُبُه منكَ الربُ إلاَّ أنْ تصنعَ الحقَّ وتحبَّ الرحمةَ وتسلُــكَ متواضعاً مع إلهِك» (6: 8). إِستَخدِموا سُلطَتَكُم مِن أَجلِ خَلاصِ النَّاسِ، لا مِن أَجلِ التَّخَلُّصِ مِنهُم كما يفعلُ مُحتَرِفو السياسة. لقد نصحناهُم مراراً وتـكـراراً قائلين لهم: لا تـَدَعوا اللبنانيين يَــنشُدونَ الخَلاصَ مِنَ الخارِج، كونوا أَنتُم صُنَّاعَهُ، أَنقِذوا البَلَدَ بالحكمةِ والتعقُّلِ والتعاون، شكِّلوا حكومَةً مُــتَعــالِيَةً عَنِ الإِختِلافاتِ الطَّائِـفِــيَّةِ والقَـبَـلِـيَّـةِ وعن المَصالِح والمكاسِب، ولتَكُنْ طائِــفَــتُــكُم واحِدَة، طائفةُ مُحِبِّي الوَطَنِ الواحِدِ المخلصينَ له وحده، ولْتَكُنْ مَصلَحَتُكُم الوَحيدَة مَصلَحَةَ شَعبِكُم الَّذي سَلَّمَكُم عُنُقَهُ ثِقَةً بِكُم، فلا تَنحَروهُ”.