كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
مع شغور 10 مقاعد في المجلس النيابي نتيجة استقالة 8 نواب بعد انفجار المرفأ ووفاة اثنين هما ميشال المر وجان عبيد، هل صار مؤكداً انّ الانتخابات الفرعية لن تتم قريباً لسد الشغور، أم انّ حصولها وارد؟ وأبعد من هذه الحدود، ما هو مصير الانتخابات النيابية «الأصلية» في السنة المقبلة وسط الهمس بأنّ إجراءها غير محسوم بدوره؟
لمّا كانت 9 من المقاعد الشاغرة حالياً تعود إلى نواب مسيحيين، فإنّ هناك من يعتبر انّ خللاً ميثاقياً ودستورياً أصاب المجلس بعدما بات يفتقر الى المناصفة العددية بين المسلمين والمسيحيين، الأمر الذي يستدعي وفق البعض حصول الانتخابات الفرعية لمعالجة هذا الخلل المُستجِد في تركيبة المجلس، إضافة إلى أنّ القانون يُحتِّم أساساً حصول تلك الانتخابات لملء الفراغ في أي مقعد.
وعلى قاعدة «اللهم اشهد أنّي بلّغت»، رفع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي الى رئاسة مجلس الوزراء مشروع مرسوم يرمي الى دعوة الهيئات الناخبة في 6 دوائر انتخابية صغرى ودائرة كبرى الى انتخاب 10 نواب عن المقاعد الشاغرة فيها بسبب الاستقالة والوفاة، وذلك يوم الأحد في 28 آذار المقبل.
غير أنّ صعوبات عدة تعترض إتمام تلك العملية في هذا الموعد وربما بعده أيضاً، علماً انّ بين النواب المستقيلين مَن يتّهِم السلطة بأنها تَتهَيّب اختبار الانتخابات الفرعية وتتعمّد الهروب منه، خوفاً من خسارة مرشحيها وانكشاف حجم تراجعها أمام المعارضين لها.
في المقابل، اعتبرت وزارة الداخلية في كتاب رفعته الى رئاسة مجلس الوزراء أنّ هناك معوقات عدة ستعترض إجراء الانتخابات الفرعية في حال لم يتم تذليلها، وهي:
– انّ دائرة بيروت الأولى التي تشمل أحياء الأشرفية، الرميل، المدور، والصيفي ما تزال مناطق منكوبة بفِعل الانفجار الدامي الذي حصل في مرفأ بيروت بتاريخ 4/8/2920 (شهداء، جرحى، تهديم بيوت ومدارس)، وانّ معظم المدارس الواقعة في هذه الدائرة لا تزال متضررة، وهي التي كانت معتمدة سابقاً كمراكز أقلام اقتراع.
– في ظل انتشار فيروس كورونا وزيادة عدد الوفيات عمدت الحكومة الى إصدار عدد من المراسيم والبيانات التي تنظّم مواجهة هذا الوباء، خصوصاً لجهة إعلان الاقفال العام. إزاء هذا الوضع، فإنّ من الصعب التَكهّن بما ستؤول إليه نتائج هذا الوباء في الفترة المقبلة، خصوصاً انّ إجراء الانتخابات سيؤدي الى وجود كثيف للأشخاص داخل أقلام الاقتراع.
– انّ الوضع الأمني المستجِدّ في طرابلس وما نَتج عنه من مؤشرات، قد يكون مؤشّراً إلى صعوبة إجراء انتخابات نيابية فيها.
– انّ الملتزمين الذين سيشاركون في تنفيذ العملية الانتخابية يطلبون تسديد أتعابهم بالدولار الأميركي أو قبض الفواتير المستحقة لهم بالليرة اللبنانية فوراً.
وفي مراسلة أخرى من «الداخلية» إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أوضحت انّ النفقات الادارية لإتمام الانتخابات الفرعية ستبلغ مليارين وأربعمئة وأربعة وستين مليون ليرة لبنانية، هي كلفة التعويضات الخاصة وتعويض الانتقال والنقل لرؤساء وكتبة أقلام الاقتراع مع الاحتياط، وذلك كالآتي:
2200 قلم اقتراع × 1,120,000 ل.ل. لكل قلم اقتراع = 2,464,000,000 ل.ل.
بناء على كل ما سبق، فإنّ الانتخابات الفرعية مستبعَدة حتى إشعار آخر، مع الاشارة الى انّ القرار النهائي في هذا الصدد يتخذ بالتشاور بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال.
ولكن، ماذا عن مصير الانتخابات النيابية الشاملة في أيار العام المقبل؟
بدأ البعض يهمس منذ الآن بأنّ هذه الانتخابات لن تتم في موعدها، وانه سيجري تمديد ولاية المجلس الحالي، الا انّ اوساطاً سياسية كشفت ان مراجع ديبلوماسية في بيروت أبلغت اليها انّ الانتخابات هي خط أحمر، وانّ المجتمع الدولي لن يسمح بتأجيلها مهما كانت الذرائع والأسباب.
أكثر من ذلك، أفادت تلك الاوساط انها سمعت من المراجع الديبلوماسية تحذيراً واضحاً من أنّ إرجاء الانتخابات سيكون له تداعيات وخيمة، وانّ المجتمع الدولي، الذي بات لا يُطيق هذه الطبقة السياسية، سيتخذ قرارات حازمة من شأنها أن تضع لبنان في موقف صعب وحرج.