كتبت رحيل دندش في “الاخبار”:
1820 قضية ضبط مخدرات نفّذتها القوى الأمنية عام 2020 في لبنان، بحسب إحصاءات مكتب مكافحة المخدرات، أوقف فيها نحو 2015 شخصاً يتراوح تصنيفهم الجرمي بين التعاطي والترويج والإتجار والتهريب. من بين هؤلاء، حصد المتعاطون النسبة الأكبر التي بلغت 1337 متعاطياً، بينهم 20 امرأة. هذه الأرقام ليست مزحة، بل تعبير عن واقع بات أكثر رسوخاً مع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد. إذ بيّنت الإحصاءات ارتفاعاً في عدد المروّجين والمتعاطين ـ بشكل خاص ـ عن العام الماضي. وهو ما يؤشر، بحسب مسؤول دائرة مكافحة المخدرات في «الهيئة الصحية الإسلامية» علي جابر، إلى «ما خلّفته تداعيات الأزمة الاقتصادية وتفشي البطالة»، مشكّكاً برقم الـ 1337 متعاطياً الذي «لا يعبر عن الواقع. إذ إن الرقم أكبر بكثير، بحسب ما نلمسه في مراكز تأهيل المدمنين المفوّلة بأشخاص يخضعون لعملية الديتوكس».
بدورها، مسؤولة مركز التواصل وتطوير البرامج في «جمعية أمّ النور للتأهيل والوقاية من المخدّرات»، لينا الخوري، تشير إلى «انتكاسة» أخرى تتمثّل في ارتفاع بنحو 15% في نسبة المدمنين الذين عادوا إلى تعاطي المخدرات بعدما خضعوا لعمليات تأهيل. وهي تعزو ذلك إلى «الأوضاع الاقتصادية المتردية» التي بدأت تبرز منذ تشرين الأول 2019، إضافة إلى تأثير عوامل أخرى ليس أقلها ضغطاً «جائحة كورونا، مروراً بانفجار المرفأ الذي تسبب بصدمة اجتماعية». وتعتبر أن «تتالي الصدمات والنكبات يدفع كثيرين للجوء إلى المخدر لتخدير مشاعر الخوف والقلق والخروج من الصدمة. وهكذا فالأشخاص الذين خضعوا للتأهيل وبدأوا مرحلة الانخراط في المجتمع وجدوا صعوبة كبيرة في أن يكونوا منتجين وفي ملء الفراغ بسبب فقدان فرص العمل، وبالتالي فإن طغيان مشاعر اللاإنتاجية واللاجدوى وعدم وجود محفّز يدفعهم إلى النهوض في اليوم التالي، يؤدي إلى حدوث الانتكاسة والعودة إلى التعاطي للتعامل مع الاكتئاب والضجر والخوف». كما أن ثمة عاملاً إضافياً يتمثل اليوم «في سهولة الوصول إلى المادة المخدرة وأسعارها الزهيدة، ما يشجّع على تعاطيها». تلفت الخوري إلى أن «مراكز التأهيل على مستوى لبنان تعاني من ضعف التمويل والدعم ولا يتم التعاطي معها كأولوية، رغم أن الإدمان مكلف على المستوى الاجتماعي والمادي وله عواقب مدمرة على الأفراد والأسر والمجتمع، ويخسر لبنان بسببه شبابه المنتج، وخصوصاً أن 60% من المتعاطين تراوح أعمارهم بين 13 و31 سنة».
بالعودة إلى الأرقام «الأمنية»، فقد بيّنت زيادة في عدد المروّجين بلغت 32 شخصاً عن عام 2019، كما ارتفع بشكل لافت عدد التجار الموقوفين من 36 عام 2019 إلى 116 عام 2020، فيما سجل ارتفاع طفيف في عدد المهربين الموقوفين من 20 مهرباً عام 2019 إلى 26 مهرباً عام 2020، أوقف معظمهم ضمن الأراضي اللبنانية.
ولعل أبرز ما يشجع على بدء التعاطي أو العودة إليه هو محافظة المواد المخدّرة على أسعارها كما كانت قبل الأزمة الاقتصادية. لذلك نشطت تجارة مواد مخدرة مثل الحشيش والهيرويين والترامادول والسالفيا. أما الكوكايين الذي يهرّب من الخارج، فقد قلّ الطلب عليه، ويعزو جابر ذلك إلى أن «سعر الغرام الواحد منه يقارب 42 دولاراً وهو يباع وفق سعر صرف السوق»، فيما كانت الحشيشة المادة الأكثر استهلاكاً بنسبة 45%، تلاها 22% لأكثر من مادة مخدرة، ومن ثم الكوكايين بنسبة 16%، و6% لمادة السالفيا، فيما بلغت نسبة تعاطي الهيرويين 4%.