كتب عمر البردان في “اللواء”:
لم يعد خافياً ما يصطنعه فريق العهد من عقبات أمام الرئيس المكلف سعد الحريري، لدفعه إلى الاعتذار عن تشكيل الحكومة الجديدة، في وقت يقارب التكليف على دخول شهره الخامس، دون أن تلوح في الأفق أي بارقة أمل في إمكانية إحداث خرق في جدار الأزمة، بعدما أوصدت الأبواب أمام الجهود التي يقوم بها الرئيس الحريري لتشكيل حكومة مهمة تنقذ الوضع من الانهيار المحتم الذي ينتظر البلد، في حال بقي الوضع على ما هو عليه من التراجع الذي بلغ مستويات بالغة الخطورة، دون بروز أي معطيات توحي بقرب الخروج من النفق.
ولا يظهر أن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تلقى دعماً من حليفه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، في وارد الاستجابة للدعوات التي تطالبه بملاقاة الرئيس المكلف في مساعيه، لإخراج التأليف من المأزق، في وقت يعمل الرئيس الحريري من خلال الزيارات الخارجية التي يقوم بها، على تأمين أوسع دعم عربي ودولي لجهوده من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة التي ستأخذ على عاتقها مهمة إخراج البلد من هذا المأزق الذي يمر به. بعدما وصلت مساعيه الداخلية إلى طريق مسدود، بعد إصرار العهد على سبعة وزراء، أي الثلث المعطل في حكومة الـ18 وزيراً، الأمر الذي يرفضه بشدة الرئيس المكلف، لأنه يدرك أن حصول أي فريق على الثلث المعطل، سيعطل الحكومة كلياً ولن يجعلها قادرة على القيام بمهامها.
وتشدد مصادر سياسية لـ«اللواء»، على أن «المؤشرات مقلقة ولا توحي بإمكانية الخروج من سياسية التعطيل القائمة، بعدما تبين بوضوح أن رئيس الجمهورية لا يريد الرئيس الحريري، رئيساً للحكومة الجديدة، بدليل رفضه كل الاقتراحات التي تقدم بها، بالرغم من 16 اجتماع عقدها الرجلان في سياق المشاورات التي يجريانها من أجل تشكيل الحكومة». ويقول المقربون من الرئيس المكلف، استناداً إلى المصادر، أن «لفريق العهد حساباته السياسية والرئاسية التي تجعله يرفض الاقتراحات التي قدمها الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، وإلا لماذا الإصرار على رفض حكومة الاختصاصيين التي تحتاجها ظروف لبنان الراهنة، أكثر من أي وقت مضى».
وتشير، إلى أن “الرئيس المكلف ليس في وارد زيادة أعضاء الحكومة، لأنه يدرك أن ذلك في حال حصوله، سيفقد هذه الحكومة ثقة المجتمع الدولي والدول المانحة التي تشترط وجود حكومة اختصاصيين، وليس حكومة سياسيين، بسبب أوضاع لبنان الدقيقة التي تحتاج وجود خبراء بالإنقاذ ومشهود لهم بالكفاءة. وبالتالي فإنه من غير الممكن الاستجابة للمطالبين بحكومة سياسيين، أو حتى توسيع العدد إلى عشرين أو أكثر، وإنما ينظر إلى هذا المطلب على أنه باب للدخول في مرحلة جديدة من المناكفات السياسية داخل الحكومة على غرار ما كان يحصل في حكومات ما يسمى بـ«الوحدة الوطنية» التي ما كانت غالباً تشكل حلبة للصراعات بين المكونات الحكومية، ما جعل هذا النوع من الحكومات قاصراً عن القيام بأدنى واجباته”.
وإزاء انسداد مخارج الحل داخلياً، فإن المصادر لا تستبعد “تدخلاً عربياً ودولياً هذه المرة، لفرض الحلول على المسؤولين في ما يتصل بتشكيل الحكومة، في ضوء ما ذكر عن وساطة قد تقوم بها الدوحة مع الرئيسين عون والحريري، معطوفة على المبادرة الروسية التي تأتي استكمالاً للمبادرة الفرنسية، على أن ما يميز المبادرتين أنهما يتمسكان بحكومة اختصاصيين برئاسة الرئيس الحريري دون سواه، الأمر الذي يشكل دفعاً قوياً داعماً لرئيس تيار «المستقبل» في تشكيل الحكومة العتيدة، دون إعطاء الثلث المعطل لأي طرف، في وقت لفت عدم تأييد السيد نصرالله لمطالبة «الوطني الحر» الحصول على الثلث المعطل، ما يعكس موقفاً إيرانياً معارضاً لحصول الرئيس عون وفريقه السياسي علي هذا المطلب”.
وبانتظار حصول الفرج، بما يغير الأجواء ويفتح الباب أمام المخارج المنتظرة، فإن الشعب سيبقى يدفع الثمن ويعاني الأمرَّين، جراء استقالة الدولة والمسؤولين من كل الوجبات التي تفرض تأمين مستلزمات الصمود للبنانيين الذين فقدوا الثقة بالسلطة المتحكمة بالبلد، في حين لم يعد الخارج هو الآخر يثق بقدرة الطبقة السياسية على القيام بأي إنجاز في المرحلة المقبلة، ولهذا فإن هناك إجماعاً عربياً ودولياً على أن لا مساعدات للبنان، إذا لم تشكل حكومة اختصاصيين توحي بالثقة، وبإمكانها إنجاز ما هو مطلوب منها.