Site icon IMLebanon

26 % فقط من اللبنانيين يثقون في حكومتهم

كتبت إيناس شري في صحيفة الشرق الأوسط:

كشف وصول لقاح «كورونا» وضعف الإقبال على تلقيه، تراجع ثقة اللبنانيين بحكومتهم، بناء على تجربة طويلة من الأزمات المعيشية والاقتصادية وضعف المحاسبة والرقابة التي عبر عنها مسح أجرته منظمة دولية مستقلة أظهرت أن 26 في المائة فقط من اللبنانيين يثقون بالحكومة، وهي النتيجة الأدنى في البلاد العربيّة.

وظهر ضعف الثقة بـ«إدارة توضيب وتوزيع لقاح» فيروس كورونا، فانعكس إمّا تريثاً لدى اللبنانيين بأخذ اللقاح، فكان الإقبال ضعيفاً، أو تخوفاً من دخول المحسوبيّات والانتماءات الحزبية في طريقة توزيعه، كما يؤكد عدد من المواطنين.

ويرى أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأميركية ناصر ياسين أنه «لا يمكن أنّ يخرج موضوع اللقاح عن الإطار العام للعلاقة بين المواطن والسلطة»، موضحاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ اللبنانيين الذين رأوا تعامل السلطة مع الأزمات المالية والاقتصادية بطريقة غير مسؤولة وعشوائية تفتقر للتخطيط «لا يمكن إلّا أن يطرحوا شكوكاً حول اللقاح ويفكّروا مرتين قبل الحصول عليه، ولا سيّما في ظلّ انتشار الأخبار المضللة حول خطورته أو بعض تأثيراته السلبية وانتشار فكرة المؤامرة».

ويذكّر ياسين بطريقة تعاطي السلطة اللبنانية مع كارثة بحجم انفجار المرفأ الذي راح ضحيته أكثر من 200 شخص ولا يزال الموضوع يفتقر للشفافية والسرعة المطلوبتين لمتابعته.

وبموازاة عدم ثقة اللبنانيين بالسلطة، لم تقم الحكومة بحسب ما يقول ياسين، بحملة إعلامية تكون بمستوى الخطر الوبائي في لبنان المتمثل بارتفاع عدد الإصابات ووصول المستشفيات إلى طاقتها القصوى غير مرّة، معتبراً أنّه كان على المعنيين التحضير والقيام بحملة مدروسة وموسّعة ومركزة للتوعية بأهمية أخذ اللقاح وتطمين المواطنين بالشكل الكافي.

وكانت منظمة دولية نشرت قبل أيام مسحاً عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مجموعة من الدول العربية من بينها لبنان، أظهر انعدام ثقة اللبنانيين بواقع ومستقبل بلدهم الاقتصادي. وأظهر أن الأغلبية الساحقة من اللبنانيين لا يتوقعون أي تغيير جدي في الوضع الاقتصادي.

وجاءت قضية اللقاح لتعزز عدم ثقة اللبنانيين بحكومتهم، وخلافاً لبلدان عدّة أعطت اللقاح الأول لرئيس البلاد، وهو ما كان مقرّراً أن يحصل في لبنان، إذ أعلنت وزارة الصحة أنّ الرؤساء الثلاثة سيكونون أوّل من يأخذ اللقاح، إلّا أنّ الأمر لم يحصل.

ويؤكد مصدر قريب من رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» أنّ الرئيس ميشال عون فضّل الالتزام بالآلية التي وضعتها وزارة الصحة والتي تعطي الأولوية للجهاز الطبي، مضيفاً أنّ عون سيأخذ اللقاح حين يأتي موعده حسب جدول الوزارة والذي قد يكون خلال أيام.

وكذلك كان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب برّر عدم تلقيه اللقاح أولاً بأنّ دوره لم يأتِ ضمن برنامج اللقاح الوطني.

وفي هذا الإطار يرى ياسين أنّ النظرة إلى الأمور قد تختلف في لبنان، إذ إنّ تلقي الرئيس اللقاح أولاً قد لا يكون حافزاً إضافياً للمواطن الذي يشكّ بكل ما له علاقة بالسياسيين والطبقة الحاكمة، معتبراً أنّ الأطباء والممرضات الذين كانوا مثلاً جيداً خلال أزمة «كورونا» يمكن أن يكونوا نموذجاً للمواطن وعاملاً مطمئناً له.

وكان استطلاع للرأي أجرته «الدوليّة للمعلومات» في عام 2019 حول ثقة اللبنانيين وتقييمهم مستويات النزاهة والأخلاقيات لدى الأشخاص العاملين في مجالات مختلفة بيّن أن السياسيين هم في المرتبة الأدنى، إذ إنّ 85 في المائة من اللبنانيين يقيّمون مستويات النزاهة والأخلاقيات لدى السياسيين بـ«المتدنية والمتدنية جداً»، ولا يثقون بالعاملين في مجال السياسة.

كما بيّن الاستطلاع نفسه أنّ الممرضين والممرضات أتوا في المرتبة الرابعة ضمن التصنيف الأعلى لمستويات النزاهة والأخلاقيات للعاملين في هذا المجال (59 في المائة) والأطباء والطبيبات في المرتبة السابعة (51 في المائة).

ويدعو رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي «إلى فصل موضوع اللقاح بين السلطة وبين الجهاز والقطاع الطبي اللبناني المعروف بمهارته ومهنيّته»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ العاملين في المجال الصحي كانوا مثلاً مميّزاً خلال جائحة «كورونا» وقدموا تضحيات كبيرة، ولا سيّما أنّ عدداً غير قليل من الوفيات سجّل في صفوفهم.

وفي حين يشير عراجي إلى أنّ عدد الأشخاص الذين سجّلوا أسماءهم على المنصّة المخصّصة لتلقي اللقاح تجاوز النصف مليون شخص، وهذا عدد غير كاف بطبيعة الحال، توقّع ارتفاع العدد بشكل كبير خلال الأيام المقبلة لأنّ الناس ستطمئن أكثر وتتشجّع لأخذ اللقاح. ويوضح عراجي أنّ عمليّة توزيع اللقاح ستكون برقابة دوليّة وأنّ السلطة مجبرة على التعاطي بشفافيّة وجديّة وإلّا سيخسر لبنان دعم البنك الدولي، وهذا الأمر يفترض أن يطمئن المواطن.