اشارت الوزيرة السابقة مي شدياق الى أنه “ليس بالأمر الجديد ألا تتوصل التحقيقات بالعمليات الإجرامية في لبنان إلى كشف الفاعل، فدائماً تتم عرقلة التحقيق كي لا يصل القضاة إلى النتيجة المرجوّة وتسطع الحقيقة”.
واعتبرت شدياق في حديث للـ”العربية – الحدث” أنّ “إنفجار مرفأ بيروت هو من أكبر الإنفجارات التي حصلت في العالم ويُقال أنه الثالث بعد إنفجار هيروشيما. بدلاً من أن يتحرك المجتمع الدولي مباشرةً لوضع اليد على هذه القضية، إضطُررنا في بداية الأمر أن نشهد تجاذبات على المستوى الداخلي اللبناني لكي يتم تعيين محقق عدلي يتولى الملف. لكننا لاحظنا ومنذ اللحظة الأولى العراقيل التي توضع أمامه إن من ناحية الإستدعاءات وإن من ناحية الخطوط الحمر التي تمّ الحديث عنها”.
ولفتت الى أنّ “بعض المسؤولين الرفيعين في المجالات الأمنية يصعب ذكر أسمائهم أو حتى إمكانية إستدعائهم في الوقت الذي يتم سجن بعض الذين يقومون بأعمالٍ روتينية في المرفأ والعديد منهم مظلومون لأنهم في السجون. مع الأسف يبدو أن تنحية القاضي فادي صوان عن ملف القضية سيجعلهم قابعين فيها إلى أن يتم تعيين محقق عدلي جديد، هذا التعيين لم يتم بالسهولة التي يعتقدها البعض، فوزيرة العدل في بادئ الأمر طرحت الإسم الأول والإسم الثاني إلى أن وصلنا إلى إسم القاضي صوان وبعدها وضعت العراقيل في وجهه”.
وأضافت شدياق: “سمعنا عن إجتماعات عُقدَت في قصر بعبدا وإن تمّ نفيها فيما بعد لكن بالنتيجة إن كان المحقق العدلي الجديد سيأتي محسوباً على فئة معينة وهناك إسم قاضية فخورة بانتمائها الى “التيار الوطني الحر” وأيضاً هناك قاضٍ آخر ذُكر بأنه يفضّل عدم تولّي هذا الموقع لأن الكأس سيكون مراً عليه وبالتالي لن يتمكن من الوصول إلى نتيجة بسبب ما نسمعه الآن عن حصانات وعن الخطوط الحمر.
ورداً على سؤال حول مطالبة رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع الأمم المتحدة بلجنة تقصي حقائق، رأت شدياق “أنه الطلب المنطقي والمبدئي الوحيد ويجب أن تضع الأمم المتحدة يدها على هذه الجريمة فهي جريمة ضد الإنسانية. القوات ومنذ البداية كانت قد طالبت بلجنة تقصي حقائق دولية فلا ثقة لنا بالتركيبة السلطوية الداخلية الحالية فهي لن تتهم نفسها”.
أردفت: “خرج الأمين العام لـ”حزب الله” ليقول لنا: “إنتهى التحقيق في قضية المرفأ” معتبراً أن هذا هو “أقصى” ما تمّ الوصول إليه فهل هذا يعني أننا سنعرف الحقيقة؟ القاضي صوان قرر أن يستدعي المتهمين السوريين الذين كشفت التحقيقات وبعض التقارير الإستقصائية في لبنان بأنهم مرتبطون بالرئيس السوري بشار الأسد وهم الذين إستقدموا كميات نيترات الأمونيوم إلى لبنان وقاموا بتخزينها في المرفأ لغاياتٍ معينة”.
كما اعتبرت شدياق أنه “عندما وصلت الأمور إلى هذه الخطوط الحمراء تمّ نسف وجود القاضي صوان من أساسه، فهل هذا يعني أنه بالإمكان الوصول إلى حقيقة معينة في لبنان؟ بالطبع لا ولا أمل بذلك، ولهذا نحن مصممون على لجنة تقصي حقائق دولية لمعرفة الحقيقة في قضية مرفأ بيروت”.
لفتت إلى أنه “بكل صراحة لم تكن الدعوة الى الوصول إلى الأمم المتحدة بإتفاق إجماعي ولو كنا متفقين في لبنان على رأيٍ واحد لما وصلت الأمور إلى التفكك الذي وصلت إليه. نحن بحاجة لدعم دولي.
وأكدت الوزيرة السابقة أننا “نعلم أنهم لم يستعملوا كل كمية نيترات الأمونيوم أي الـ2700 طن التي كانت في عنبر المرفأ بل تمّ سحب قسمٍ منها وإلا لكانت دمرت بيروت ووصلت ارتدادات الانفجار إلى الشمال والجنوب. هذا يعني أن هذه المسألة تتخطى الأمن اللبناني وهي جريمة أدت إلى وقوع أكثر من 200 ضحية والاف الجرحى وإلى تدمير ثلاثة أرباع عاصمة كبيرة في الشرق الأوسط وإنما هي قضية دولية وإن لم يصل المجتمع الدولي إلى الحقيقة فعلى الدنيا السلام”.
عن مطالبة القوات الرئيس عون بالإستقالة، قالت: “واقع الحال في لبنان يقول إن الدعوات لتشكيل جبهة معارضة موحدة في الآراء وتطالب بمسائل محددة كما حصل ربما في 14 آذار عام 2005 ، لكن يبدو أن لكل فريق مصالحه واعتباراته الخاصة ويقوم بترتيب حساباته في ما يتعلق بالإنتخابات النيابية المقبلة كي يشد البساط من تحت الفريق الآخر ويحصل على نسبة أكبر من الأصوات. المشكلة أن هذا التجاذب يجد مرتعاً له في الجانب المسيحي لسوء الحظ، ففي المناطق الأخرى خصوصاً في مناطق الثنائي الشيعي هناك كلمة فصل ويفرضون رأيهم بقوة الأمر الواقع وبقوة السلاح الذي لديهم”.
أضافت: “هناك 10 نواب لم يعودوا موجودين في مجلس النواب، ثمانية منهم إستقالوا وتوفي إثنان آخران. وبالأمس دعا الرئيس نبيه بري إلى إنتخابات نيابية فرعية وهنا يُطرح السؤال: لماذا لا تكون هناك إنتخابات نيابية مبكرة طالما أن هناك نية للقيام بانتخابات نيابية فرعية؟ البعض يعتبر أن هذا الموضوع هو للزكزكة. هناك في مجلس النواب الآن 55 مسيحياً و63 مسلماً والتوازن لم يعد موجود.
وأوضحت شدياق أنّ “هذه الإنتخابات بإمكانها أن تؤثر على تركيبة مجلس النواب الذي حصل عليه “حزب الله” والأكثرية بقوة الأمر الواقع. لا ننسى أن حراك 17 تشرين وهذه النهضة التي حصلت داخل المجتمع اللبناني بكل فئاته وتركيباته وليس فقط من ضمن المجتمع المسيحي بل في المجتمع السني والشيعي المناهض للثنائي الشيعي وهناك أيضاً حالة القرف التي وصل إليها اللبنانيون بفعل الأزمة المالية والإقتصادية الحالية وبسبب من يقول إنه أحسنَ الأداء بأزمة “كورونا” ولكن أرى أن هناك أخطاء كبيرة إرتُكبت في هذا الموضوع مما زاد الطين بلة”.
أردفت: “إذاً لا حكومة، لا سلطة ولا أي شيء وإذا حصلت إنتخابات نيابية مبكرة نعم بإمكانها أن تغير هذه المعادلة لأن أي إنتخابات بالتركيبة الحالية والموجودين حالياً ستؤدي الى النتيجة نفسها. فالأكثرية مع “حزب الله” وسيُعاد إنتخاب رئيس جمهورية جديد كما يريد وإلا الفراغ كما حصل سابقاً”.
كما أشارت شدياق الى أنها مع قانون الانتخابات الحالي إذ مرت عشرات السنين قبل أن يتمكن البرلمان اللبناني من الوصول إلى قانون إنتخابي جديد وحتى أن السفراء الأجانب عندما نلتقيهم نجدهم مقتنعين بأن أي رغبة في تغيير القانون الإنتخابي الحالي هي رغبة بعدم حصول إنتخابات كي يتم الإستمرار بمجلس النواب الحالي وما نخشى منه ان يتم التمديد له كي ينتخب رئيس الجمهورية المقبل لنعود ونرى رئيساً يتحرك بإرادة “حزب الله” لا أكثر ولا أقل”.
ورداً على سؤال عن التدويل وما طرحه البطريرك الراعي، قالت: “الأمين العام لـ “حزب الله” في خطابه الأخير أطلق تهديدات عندما شعر بأن الأمور لم تعد على مزاجه خاصة بعد مقتل لقمان سليم فرفع الصوت كالعادة كي يلعب دور الضحية، ومن ناحية أخرى يهدد الآخرين ويضع الخطوط الحمراء ومن يتخطاها يقمعونه بالطريقة التي يريدونها”
وختمت شدياق: “نصرالله يقول إن “البطريرك عم يمزح معنا”، محذرةً “لن نسمح له فالبطريركية لا تمزح وتطالب بمؤتمر دولي”.