كتب أنطوان العامرية في “الجمهورية”:
الدكتور رامي فنج طبيب الأسنان الذي عرفته ساحة الثورة في طرابلس منذ انطلاقتها، حاملاً بين يديه الخبز والطعام الى المشاركين في التحركات، مستعيناً بالأيادي البيضاء ورفاقه المؤمنين بهذا الوطن. أستدعته القوى الامنية الى التحقيق، لأنّ عدسات بعض المصطادين أصحاب الأيادي السود، التقطت صورته حاملاً ربطة خبز الى أحد الفقراء. لكن هذه الصورة تجلّت تضامناً معه، حيث احتشد المئات من الناشطين وهيئات المجتمع المدني امام مخفر التل رافعين على مثاله ربطات الخبز والطعام، تأكيداً لدعمهم وتأييدهم.
رئيس رابطة الجامعيين غسان الحسامي قال لـ»الجمهورية»، بعدما وجّه تحية الى نقيبة اطباء الاسنان رولا ديب خلف ونقيب المحامين في الشمال محمد المراد على وقفتهما التضامنية مع فنج: «ردّة الفعل اليوم هي لرفض الظلم وللافتراء في حق الدكتور رامي، الذي يمثلنا جميعاً، والتعرّض له تعرّض لنا جميعاً لأنّه كان يقوم بعمل انساني يترفّع عن اي حسابات او اي عمل مشبوه، وبدلاً من ان يُشكر على عمله يتعرّض لهذا الموقف السلبي المستهجن والمرفوض. ولكننا نعتبر انّ استدعاءه تكريم له لأنّ قضيته لو عُرضت على اي دولة ستلاقي استحساناً وتقديراً» .
الدكتور يحيا الحسن، الذي واكب فنج الى مخفر التل قال بدوره: «كلنا اليوم شركاء رامي بالفعل والقول والعمل وبما وصفوه بالجريمة. نحن هنا لأننا متهمون، وأتينا لنسلّم انفسنا معه والتهمة له تهمة لنا، والضغط الذي نقوم به اليوم اظهر لهم عدم صوابية ما قاموا به بحق من يوزع الاكل على رؤوس الإشهاد ومن دون خوف ولا تمويل من سفارات ودول، بل نجمع من بعضنا لنقف الى جانب اهلنا في المدينة المهملة من الجميع».
الناشطة ليندا برغل التي انشأت «مطبخ الثورة» منذ انطلاقتها قالت لـ»الجمهورية»: «نحن والدكتور رامي شخص واحد، منذ انطلاق الثورة لم نتوقف عن عمل الخير بتمويل من أهالي المدينة وبعض الخيرين من كافة المناطق اللبنانية، الجميع كان يدعم ويموّل، فهل سيحاسبوننا جميعا لأننا نُطعم الفقراء؟ ليذهبوا الى محاسبة الفاسدين الذين فجّروا المرفأ وأحرقوا بلدية طرابلس والسرايا. وليحاسبوا من سرق أموالنا».
وبعد التحقيق في حضور النقيبة خلف، التي أكّدت «أنّ الشعب والنقابات سيستمرون في دعم بعضهم البعض، ولن نقبل بتاتاً بلجم الحرّيات، بل سنواجه بكل قوة». وشدّدت على وقوف النقابة وجميع أعضائها الى جانب فنج، مستنكرة ومتحّفظة عن الإدعاء، واعتبرت «أنّ هذا نوع جديد من الضغط لقمع الحريات ومنع مساعدة المحتاجين أبناء الوطن الواحد» .
وقال الدكتور فنج لـ»الجمهورية»: «تمّ استدعائي على خلفية توزيع الطعام وربطات الخبز على الفقراء، وأكّدنا لهم أنّ تمويلنا من الشرفاء في المدينة وكل المناطق اللبنانية، وأنا اشكر الجميع على حضورهم، وأثبتنا أننا عائلة واحدة نتضامن بعضنا مع بعض في وجه المحن، اذا كان اتهامنا بتوزيع الغذاء جريمة فنحن لها، خصوصاً بعدما أفقدونا كل امكانية لتأمين لقمة العيش، سنبقى معاً في السراء والضراء نعيش معاً لنموت بكرامة. طرابلس مدينة لبنانية موحّدة وسنبقى وسنكمل في توزيع الهبات والمساعدات، وفي هذه المناسبة أرفع الصوت ضدّ الظلم اللاحق بالثوار الموقوفين، والذين طالبوا بحقهم في الحصول على الطعام، ولولا جوعهم لما ماتوا واستشهدوا. كلنا عمر طيبا الذي استشهد وهو يطالب بلقمة عيشه، جميعنا نطالب بلبنان، وأتمنّى على الذي صورني في الساحة وأنا أوزع الخبز والأكل لو أنّه ساعدني، فهو جائع مثلي مثله».
وتابع: «نحن نعمل فوق الطاولة ولا نعمل في الخفاء ولا نخاف وسنستمر، ولم أوقّع على أي تعهّد بوقف دعم الناس في الثورة».
من جهته المحامي محمد صبلوح قال: «نحن اليوم أمام فضيحة جديدة من فساد هذه الدولة، الدكتور رامي لم يكن مدّعياً عليه، وتمّ الاستماع له على أنّه مستمع، بمعنى أنّ هناك كتاب معلومات من أحد الأجهزة، والتي لديها صورة عن البيك ـ أب الذي كان يحمل المواد الغذائية، فسألت هل هو قانوني؟ وعلى من يتمّ توزيع الطعام؟ كل هذا الكلام لا قيمة له. والفضيحة تكمن في أنّ القضاء مقفل بسبب الإجراءات الوقائية والتمديد. فلماذا اتباع مثل هذا الأسلوب باستدعاء الدكتور فنج؟ كمحامين أنا وزميلي شوكت حولا وظهير صافي، تحفّظنا عن هذا الإجراء واعتبرناه غير قانوني، وأكّدنا أنّه أسلوب جديد تمارسه هذه السلطة بهدف قمع الحريات في لبنان عبر تخويف الناس».
ورداً على سؤال قال صبلوح: «السلطة يوماً بعد يوم تشعر بالإرباك مما يدفعها الى ارتكاب الأخطاء، نعم السلطة غبية».
رئيس بلدية طرابلس الذي حضر ايضاً التحقيق قال: «الجميع يؤيّد موقف الدكتور فنج وعمله الانساني. وكان التحقيق جيداً واقتصر على سؤاله عن مصدر التمويل. وقد اكّد انّ المساعدات تأتي من الناس المرتاحين في المدينة للثوار الذين يطالبون بحقوق اهلها».
النقيب السابق لأطباء الأسنان الدكتور أديب زكريا قال لـ«الجمهورية»: «ما يحصل اليوم معيب ونكسة لكل مواطن آدمي في البلد، وهذا ما يصيبنا بسبب هذه الطغمة الحاكمة، ما يجري سيدفعنا حتماً الى تجديد ثورتنا بعد انتهاء كورونا، جميعنا نرفض هذه الطبقة الحاكمة، وبإذن الله سنحاسبهم في الشارع وقريبا جداً، ولن يبقى منهم أحد، بعدما ولّى عليهم الزمن».
أما النقيب السابق للأطباء الدكتور عمر عياش فقال لـ«الجمهورية»: «الدكتور فنج فوق الشبهات، وهو معروف لدى الجميع، وما يحصل هنا مهزلة وانحداراً كبيراً جداً لأصحاب القرار، بالفعل جميع الناس من كل المناطق والخلفيات يرفضون الظلم، وهذا التحرك لا بدّ من استمراره لكي لا يجرؤ أحد على بهدلة الناس، الجريمة الكبرى حينما يبقى الفاسد في منزله من دون أي تحقيق. ولسان الحال الجميع «كفى»، ومتى انتهت الكورونا فإنّ الجميع سيعودون الى الشارع».
مسؤولة «نقابيون أحرار» رنا الزعبي فتال قالت: «نحن اليوم كـ»نقابيون احرار» نتضامن مع الدكتور فنج، فهو عضو في المكتب التنفيذي لـ»نقابيون احرار». واذا كانت المساعدات الانسانية في هذا البلد تُعتبر جريمة فهذه وصمة عار على جبين السلطة الحاكمة ووسام شرف للدكتور رامي ولزملائه ولنا جميعاً. لم يشاهدوا تفجير المرفأ وسرقة اموال المودعين واحراق السرايا والبلدية والسلاح المتفلت، بل اعتبرت المنظومة الفاسدة انّ مساعدة الناس جريمة».