كتب محمد دهشة في صحيفة نداء الوطن:
هدأت العاصفة الطبيعية “جويس” وأفسحت المجال امام اللبنانيين لالتقاط أنفاسهم من البرد والمطر والثلج، ولكن العاصفة “الحياتية” بقيت تقذف حممها لهيباً وناراً في الغلاء مع ارتفاع الدولار الاميركي جنونياً، ما انعكس مزيداً من ارتفاع الاسعار بمختلف المواد الاستهلاكية بشكل فوري، في بورصة الجشع والطمع لدى بعض كبار التجار الذين يستغلون اوجاع الناس وفقرهم وجوعهم.
“إنها لعبة سياسية وقد بدت جلية لمن لا يرى.. ليس هناك من تطورات اقتصادية او مالية لترفع الدولار بهذا الشكل الجنوني”، تقول الناشطة في حراك “صيدا تنتفض” هدى حافظ لـ”نداء الوطن”، قبل ان تضيف “انها محاولة لاستدراج الشارع من وجع الناس في لعبة الاوراق والضغوطات التي تمارس في عملية تشكيل الحكومة”، مؤكدة ان “حراك صيدا يرفض هذا الاستغلال، ولا يمنعه من النزول الى الشارع لا سابقاً ولا اليوم الا تفشي جائحة “كورونا” وليس انتظار ارتفاع الدولار او سواه، فالازمة المعيشية والاقتصادية على حالها بل الى الاسوأ، والمطالب التي رفعها الحراك لم تتحقق”.
وتوضح حافظ: “لدينا مسؤولية كبيرة في الحفاظ على حياة “الثائرين” وصحتهم، لذلك لم ندعُ الى النزول الى الشارع خلال الفترات السابقة، وخلال الاسبوع الماضي ولدى اضاءة الشموع في “ساحة الثورة” عند “تقاطع ايليا” عن روح احد ناشطي الحراك، رام قلوط، خضنا تجربة ضمنية وكان من الصعب بمكان الالتزام بالاجراءات الوقائية لجهة التباعد وارتداء كل المشاركين الكمامة، رغم قيامنا بتوزيعها على الذين حضروا من دونها، نحن لا نريد ان نكون سبباً في تفاقم الازمة الصحية أكثر، سيما وان المستشفيات تعاني ووصلنا الى مرحلة كنا نقوم بتأمين قناني الاوكسجين للمصابين الذين لم يستطيعوا دخول المستشفيات”.
في عنق الزجاجة وامام خيارات صعبة يبدو الشارع الشعبي الصيداوي اليوم: بين الغضب من الغلاء وارتفاع الدولار، وبين الخشية من النزول الى الساحة وتفاقم الازمة الصحية، غير ان الناشطة ايمان حنينة تؤكد لـ”نداء الوطن”، ان المسؤولين استخدموا الشارع في السابق لبعث رسائل التوتير بهدف تحقيق المكاسب، والواضح الآن استخدام المنظومة الاقتصادية والمالية الفاسدة في رسائلهم على حساب الناس وقوتهم وجوعهم، وتقول: “الشارع الشعبي سيبقى حراً في اختيار توقيت تحركاته الاحتجاجية من اجل تحقيق أهدافه التي انطلق من اجلها في “الانتفاضة الشعبية” في 17 تشرين الاول، ولن ينجر الى الازمات المفتعلة للتغطية على هذه المطالب وأبرزها استعادة الاموال المنهوبة والمحاسبة وقيام دولة القضاء العادل”.
ولا يستبعد بعض الناشطين ان تشهد المدينة تحركات احتجاجية محدودة وعفوية في حال استمر الدولار في صعوده الصاروخي، كما جرى مع تمديد حظر التجول والاقفال العام وفق حالة الطوارئ الصحية التي أعلنت للحد من تفشي الوباء، ويؤكدون ان “الشارع يغلي ولا يعرف أحد متى ينفجر، لا نريد ان نكون وقوداً في اللعبة السياسية ولكن في الوقت نفسه لن نسكت عن الدفاع عن حقوقنا وعن وجع الناس، رفضاً للغلاء والجوع والفقر المدقع المتمادي يومياً”.