كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:
يبدو انّ النواب بالغوا في اعتراضاتهم على اتفاقية القرض الموقّعة مع البنك الدولي لدعم الأُسر المحتاجة، بدليل أنّ تفنيد بنود القرض تُبيِّن انّ الأرقام التي استخدمها نواب، عن قصد أو عن جهل، أمام الرأي العام لتبرير مواقفهم المتحفّظة، مُضخَّمة، وأقل ما يُقال فيها انّها غير دقيقة، ولا تعكس الواقع.
تواصل اللجان النيابية المشتركة البحث في اتفاقية قرض البنك الدولي البالغة قيمته 246 مليون دولار لمساعدة الأسر الأكثر فقراً يوم الثلثاء المقبل، بعدما طرح النواب علامات استفهام عديدة حوله في الجلسة الاولى لمناقشته، ليصار الى تأجيل البت به واقراره. ويقول النواب انّ هناك اسئلة تحتاج الى أجوبة وليس اعتراضات أو محاولة للعرقلة، بل هي مجرّد توضيحات مطلوبة، على الرغم من انّ الحاجة لهذا القرض ملحّة، مع اقتراب موعد رفع الدعم ومع تراجع القدرة الشرائية للمواطن يومياً، ازاء انهيار سعر صرف الليرة المتواصل، وبالتالي، لا يحتمل اقرار مشروع القانون المزيد من المماطلة والسجالات السياسية.
جاءت أبرز الاسئلة حول القرض، الذي وقّعه وزير المالية غازي وزني مع البنك الدولي وأحاله الى مجلس النواب لإقراره، حول هدر محتمل في اموال القرض، وكلفة تشغيلية تصل الى 18 مليون دولار، بحسب النواب، بالاضافة الى توظيف أشخاص من خارج ادارات الدولة للعمل في برنامج القرض، وتولّي برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة توزيع المساعدات على الجهات المستفيدة، في حين شكك بعض النواب في آلية تحديد الأسر المستهدفة والمعايير المعتمدة.
في هذا الاطار، أكّد المشرف العام على خطة لبنان للاستجابة للأزمة في وزارة الشؤون الاجتماعية عاصم أبي علي، والذي مَثّل وزارة الشؤون الاجتماعية في المفاوضات التي جرت مع البنك الدولي، انّ بنود اتفاقية القرض واضحة، وارقام الموازنات أيضاً، وبالتالي لا توجد أي ثغرة تشير الى امكانية حصول هدر لأموال القرض.
واوضح لـ«الجمهورية»، انّ الارقام التي تمّ التداول بها في جلسة اللجان المشتركة حول الكلفة التشغيلية لبرنامج القرض ليست صحيحة، ولا تبلغ 18 او 13 مليون دولار كما أُشيع، مفّصلاً كيفية تقسيم موازنات القرض على الشكل التالي:
– 204 ملايين دولار مخصّصة للمساعدات المالية لـ147 ألف أسرة.
– 23 مليون دولار مخصّصة للمساعدات المالية لـ87 ألف تلميذ.
– 10 ملايين دولار مخصّصة لخدمات اجتماعية عبر مراكز الخدمات الانمائية، من إرشاد أسري ودعم نفسي واجتماعي لـ100 الف شخص.
وقال أبي علي، انّ اجمالي تلك الموازنات يبلغ 237 مليون دولار من أصل 246 هي قيمة القرض، وبالتالي هناك 9 ملايين دولار متبقية منها مليون دولار فقط للكلفة التشغيلية لبرنامج القرض، والتي هي عبارة عن بعض الوظائف التقنية IT و Software نظراً لضخامة البرنامج. اما الـ8 ملايين دولار الاخرى فهي مقسمّة على 3 موازنات:
1- بناء نظام للشكاوى ( grievance redress mechanism (GRM وفق أهم المعايير العالمية، حيث تتطلب ضخامة كلّ برنامج من هذا النوع في كل دول العالم، بناء نظام مماثل للشكاوى، من اجل الاجابة عن تساؤلات المستفيدين من البرنامج.
2- تعيين شركات تدقيق لضمان الشفافية المطلقة في استخدام اموال القرض والتدقيق في الاستمارات المعبأة، حيث يتمّ اختيار بعض الاستمارات عشوائياً، والقيام بزيارات ميدانية للتأكّد والتحقق من المعلومات الواردة في الاستمارات، والتحقق من نزاهة وشفافية تسجيل المعلومات من قِبل العمال الاجتماعيين، لتلافي أي شكل من أشكال الاستفادة نتيجة المحسوبيات.
3- بناء نظام رصد وتقييم، (Monitoring and evaluation) وهو نظام معتمد لدى أهمّ الشركات وكل البرامج المطبّقة في العالم، وهدفه تحديد الثغرات ومعالجتها.
وشدّد أبي علي، انّه لا يمكن اعتبار الـ9 ملايين دولار كلفة تشغيلية، بل مليون دولار فقط، لأنّ الـ8 ملايين الاخرى تهدف الى بناء قدرات وزارة الشؤون الاجتماعية، لأنّ الأنظمة التي سيتمّ تأسيسها ستبقى داخل الوزارة وستستفيد منها لاحقاً بعد انتهاء مدّة برنامج القرض، بالإضافة الى الخبرة التي ستكتسبها الوزراة في هذا الاطار من ناحية بناء القدرات.
وبالنسبة للحديث عن توظيف حوالى 20 شخصاً في البرنامج، نفى أبي علي هذا الأمر، مشيراً الى أنّ عدد الاشخاص الذين سيتمّ توظيفهم من ضمن الكلفة التشغيلية البالغة مليون دولار لا يتعدّى 7 الى 8 أشخاص ولمدة 3 سنوات، مقسّمين بين وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية ورئاسة الحكومة.
اما في ما يتعلّق بالاعتراض على تولّي برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) توزيع المساعدات على الجهات المستفيدة، لفت أبي علي الى انّ هذا البرنامج يتعامل مع وزارة الشؤون الاجتماعية منذ اكثر من 5 سنوات عبر برنامج استهداف الأسر الأكثر فقراً، حيث يتولّى البرنامج اصدار البطاقات الائتمانية المخصّصة لقسائم المساعدات الغذائية، بالاضافة الى انّ WFP يتولّى توزيع كافة المساعدات الخاصة بالنازحين السوريين، وبالتالي يملك الخبرة والإمكانات والقدرات على الارض لمتابعة هذا الملف، ومعالجة أي شكاوى او اعطال تقنية تتعلق بعمل البطاقات.
وشرح علي، انّ تعيين الـWFP لتوزيع المساعدات جاء بناء لخبرته وتجربته السابقة والحالية في هذا المجال، ولأنّ نسبة العمولة التي تمّ الاتفاق عليها مع برنامج الاغذية العالمي للامم المتحدة هي الادنى في تاريخ الـWFP وسيتمّ اعتمادها للمرة الاولى، حيث انّ نسبة العمولة المعتمدة عادة لدى البرنامج تبلغ 3 في المئة من قيمة التحويلات المالية ككلفة تشغيلية في كافة القروض او الهبات التي تستلم توزيعها، واصدار البطاقات الائتمانية ومتابعة التحويلات المالية، «إلّا اننا توصلنا خلال المفاوضات الى خفض تلك النسبة من 3 الى 1 في المئة، أي الى تقليص الكلفة التشغيلية من حوالى 5 ملايين دولار الى حوالى 2.3 مليون دولار. وهو إنجاز بالنسبة لنا». واشار الى انّ برنامج الاغذية العالمي للامم المتحدة سيقوم خلال فترة البرنامج بتجهيز وتدريب كوادر وزارة الشؤون الاجتماعية للقيام في المستقبل بمهامها.
وختم أبي علي، مؤكّداً انّ وزارة الشؤون الاجتماعية سترسل كامل الاجوبة عن كل أسئلة اللجان النيابية المشتركة، معتبراً انّ أي تأخير في إقرار القرض سيُترجم تأخيراً في وصول المساعدات للمحتاجين.