Site icon IMLebanon

كلمة باسيل تحدّد مسار الأزمة الحكومية

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في صحيفة الراي الكويتية:

يسود بيروت تَرَقُّبٌ ثقيلٌ لمَساريْ أزمة تأليف الحكومة الجديدة والتحقيقات بانفجار مرفأ بيروت بعدما دَخَلَ كلٌّ منهما مرحلةً جديدةً بدا من المبكر استشرافُ مآلاتِها التي يتحدّد في ضوئها مصيرُ الدعمِ الخارجي الكفيل بانتشال البلاد من القعر المالي السحيق كما عملية إعادة إعمار العاصمة.

ويطوي لبنان في هذا الإطار أسبوعاً بات واضحاً معه أن تشكيل الحكومة صار يتحرّك بين حدّيْن: الأول المبادرة الفرنسية القائمة على تشكيلةٍ مُصَغَّرةٍ تَرْجَمَها الرئيس المكلف سعد الحريري بحكومة الـ 18 وزيراً التي لا تضم ثلثاً معطلاً لأي فريقٍ. والثانية الصيغة «المُطوَّرة» التي اقترحها الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله على قاعدة منْح الحريري ما يريده في موضوع الثلث المعطّل وإعطاء فريق الرئيس ميشال عون توسيع حجم الحكومة لتكون من 20 أو 22.

وإذ كانت أوساطٌ متابعة تعتبر أن طرْح نصرالله يعني عملياً «تحوُّراً» جديداً في المبادرة الفرنسية وأن «دفْن» صيغة الـ 18 لن يفضي في النهاية إلا إلى ثلث معطّل «مقنّع» بـ«وزير ملك» أو ما شابه، فهي دعت لرصْد عودة الحريري من الخارج، حيث كانت له الأسبوع الماضي محطتين بارزتين خليجياً في كل من قطر ثم الإمارات حيث التقى الجمعة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي أكد وقوف الإمارات «مع الشعب اللبناني الشقيق لتحقيق تطلعاته إلى الوحدة و الاستقرار والتنمية»، وإذا ما كان الرئيس المكلف في وارد التراجع عن تشكيلة الـ 18.

كما رأت أن كلمة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل اليوم، والتي سيردّ فيها على مواقف الحريري، ستشكل المؤشر الفعلي للمنحى الذي ستسلكه الأزمة الحكومية بشقّها الداخلي الذي يتحرّك أيضاً في جوانبه الرئيسية وفق مقتضيات التطورات المتلاحقة في المنطقة ولا سيما على جبهة النووي الإيراني ومساحات «التفاوض والمقايضات» فيها.

ولم يكن عابراً في سياق الواقع المأزوم، استقبال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي السفير السعودي وليد البخاري، الجمعة، على وقع دعوة الكنيسة لوضع القضية اللبنانية في عهدة الأمم المتحدة.

واعتبر بخاري أن مواقف الراعي «تستقطب الاهتمام الداخلي والخارجي»، مشيراً إلى «ضرورة حسن تطبيق اتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان» مؤكداً «أن السعودية تتطلّع إلى أن يعود لبنان إلى سابق عهده ودوره الريادي، وهي ستبقى دائماً الصديق الأقرب للشعب اللبناني وللمؤسسات الدستورية».

ولم يحجب هذا الملف الأنظار عن التحقيقات في «بيروتشيما» في ضوء ما وُصف بـ«زلزال» إطاحة محكمة التمييز الجزائية بالمحقّق العدلي في القضية القاضي فادي صوان، والمسارعة إلى تعيين رئيس محكمة الجنايات في بيروت القاضي طارق بيطار خلفاً له بعدما اقترحت اسمه وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري – كلود نجم ووافق عليه مجلس القضاء الأعلى، الذي رفض قبله القاضي سامر يونس.

ورغم الإيجابية التي انطوى عليها التعيين السريع لبيطار، فإن هذا التطور لم يهدئ المخاوف من الأبعاد السياسية التي ظهرّتها أطراف عدة وراء ما اعتبرتْه «تكاتُف» قوى وازنة على الإطاحة بصوان، سواء لإطلاقه مساراً من الادعاءات غير المسبوقة قفز فيها فوق الحصانات الدستورية والنيابية وكانت توشك أن تطاول رؤساء أجهزة محسوبين على أطراف نافذة، أو لتهيّئه لمتابعة «الخيوط» التي كُشف عنها حول رجال الأعمال السوريين القريبين من النظام السوري الذين ذكرت تقارير أنهم يقفون وراء صفقة شراء شحنة «نترات الأمونيوم» وشحْنها إلى مرفأ بيروت.

وإذا كان أهالي ضحايا انفجار المرفأ شكّلوا بالتأكيد عاملَ ضغط قوياً في اتجاه استعجال تعيين خَلَفٍ لصوان عبر تحركات غاضبة ليل الخميس ويوم الجمعة مع استعداداتٍ لجولات جديدة غداً، لضمان الإسراع بالتحقيقات وتفادي عودتها الى الصفر، لم يكن ممكناً معرفة إذا كان القاضي بيطار سيكمل من حيث انتهى سلفه ويوسّع «بيكار» التحقيقات لحسْم كيفية وصول نيترات الامونيوم (2700 طن) ومَن غطى تخزينها لنحو 7 أعوام قبل انفجار ما بقي منها (نحو 500 طن) وإلى أين ذهبت الكميات «الضائعة» أم أن كفّ يد صوان شكّل ما يشبه «الخطوط الحمر» غير القابلة للمساس؟

وفي حين كان لافتاً سؤال رئيس حزب الكتائب سامي الجميل «لماذا جرى تعيين قاضٍ سبق أن رفض تعيينه محققاً عدلياً قبل ستة أشهر وبرر قراره بتحفظات»؟ وسط وصف عضو المجلس الدستوري السابق القاضي أنطوان مسرّة قرار محكمة التمييز بأنه «خطير جداً، ويشكّل أكبر فضيحةٍ في تاريخ القانون اللبناني»، استوقف كثيرون صعود منسوب الأصوات الداعية الى تدويل التحقيق في انفجار المرفأ، وهو ما عبّر عنه اتجاه نواب «القوات اللبنانية» لتقديم عريضة الاثنين أو الثلثاء إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تطالب بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية لكشف ملابسات جريمة المرفأ، في موازاة دعوة «الحزب التقدمي الاشتراكي» (بزعامة وليد جنبلاط) وكلاء المتضررين في «بيروتشيما» إلى «التفكير الجدي بنقل الدعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية لعدم إمكانية التوصل الى أي نتيجة تخدم العدالة والحقيقة في ظل وجود طغمة الفساد الحاكمة».