في خطوة أتت مفاجئة من حيث توقيتها، حرّك رئيس مجلس النواب نبيه بري المياه الراكدة في مستنقع الانتخابات الفرعية. منذ ايام، أجرى اتصالا هاتفيا بوزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي، مشددا على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية تطبيقا لمنطوق المادة 41 من الدستور والملزمة لهذا الاجراء. فكان ان أكد له الاخير “السير بهذه الاجراءات، في اواخر شهر اذار المقبل، كحد اقصى”.
زار فهمي بعبدا، حيث عرض مع رئيس الجمهورية ميشال عون الأوضاع الأمنية في البلاد في ضوء التقارير التي ترد من الأجهزة الأمنية، خصوصا في ظل حال التعبئة العامة المفروضة نتيجة انتشار وباء “كورونا”، وتطرق البحث ايضا الى موضوع الانتخابات النيابية الفرعية لملء المقاعد العشرة الشاغرة في مجلس النواب.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن رمي بري الحجر في بركة الاستحقاق، ليس بريئا. فلماذا استفاق اليوم على ضرورة اجراء الانتخابات بعد ان مرت أشهر على استقالة النواب من المجلس في آب الماضي؟ حينها تم التذرع بكلفة الانتخابات من ناحية ووبوباء كورونا من ناحية ثانية، لـ”تنويم” الملف في الادراج.. فهل انتفى هذان العاملان الآن؟! المصادر تربط بين طرح بري والتوتر الذي اشتد اخيرا بين عين التينة من جهة وبعبدا وميرنا الشالوحي من جهة اخرى، على خلفية الحكومة المنتظرة ورفض بري استحصال الفريق الرئاسي على الثلث المعطل فيها، ورفض الاخير التجاوب مع طرح بري للخروج من معضلة التأليف.
وفي رأي المصادر، أثار “الاستيذ” وسط هذه الاجواء الملبدة، ضرورة اجراء الانتخابات، لأنه يرى ان التيار سيخرج منها مهزوما، وستُكرّس تقهقر شعبيته في الشارع المسيحي وفي المتن وكسروان في شكل خاص.
في المقابل، يبدو “التيار” قرّر الذهاب في التحدي، وتلقّف خطوة بري وسيحاول تحويلها لصالحه. فالفريق البرتقالي في صدد الانكباب بقوة على التحضير للانتخابات في حال حصلت، وسيسعى بكل ما أوتي من قوة، لحصد الكم الاكبر من مقاعدها، وعينُه على الاستفادة منها في الاستحقاق الرئاسي المنتظر، وفي الانتفاضة على الصورة التي يحاول خصومه الباسه اياها بعيد ثورة 17 تشرين، عن خسارته معظم مؤيديه خاصة في الشارع المسيحي.
ووسط اشتعال الجبهات السياسية كلّها حيث يبدو نسج التحالفات مستحيلا، وفي ظل القلق الضمني الذي تحاول القوى كلّها إخفاءه خلف حماستها “المزيفة” للانتخابات التي ستحصل وفق النظام الاكثري، تعتبر المصادر ان مصير الاستحقاق غير معروف، وقد يكون الحديث فيه حاليا، من باب المزايدات والكيديات لا اكثر، حيث قد لا يسلك طريقه الى التنفيذ. وبينما المقعد الوحيد المحسوم هو في الجبل، وسيذهب للحزب الاشتراكي بعد اعلان وئام وهاب عدم نيته الترشح، من المستبعد ان يترشّح النواب المستقيلون مجددا او ان يترشّح ممثلون عن الثوار، اي ان المواجهة الاكبر ستكون مسيحية – مسيحية، بين التيار من جهة، والقوات اللبنانية – بعد ان تحسم موقفها ترشّحا او امتناعا- من جهة ثانية. لننتظر ونر اذا، اذا ما كانت المواقف المستعجلة اليوم الاستحقاق، ستبقى على حالها غدا، عندما “يقترب الجدّ”، تختم المصادر.