كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
هل انّ نسبة «التَسرّب» من المؤسسة العسكرية وقوى الأمن الداخلي مُقلقة، والى أي درجة تحرّض الازمة الاقتصادية البعض على التحوّل من حارس للقانون الى فارٍ منه؟
ليست فقط التحديات الأمنية هي التي تواجه الجيش وقوى الامن الداخلي في هذه الفترة، بل انّ التحدي الاقتصادي داهَمَ أيضاً الأجهزة وبات يشكّل تهديداً لكل فردٍ فيها، بعدما أدى ارتفاع سعر الدولار الذي لامَس الـ10 آلاف ليرة الى قضم رواتب المُنتسبين الى تلك الأجهزة وتراجع قيمتها الشرائية بمقدار كبير.
واذا استمر الواقع الاقتصادي في التدهور، فإنّ هناك من يتخوّف من أن يؤدي ذلك مستقبلاً الى اهتزاز المؤسسات الأمنية والعسكرية وانخفاض مناعتها، علماً انّ هذه المؤسسات أصبحت صمّام الامان الوحيد والأخير في دولة مترهلة. وبالتالي، فإنّ انتقال عدوى «الوَهن» اليها سيُسهّل تَمدّد الفوضى.
وهكذا، صار «الأمن الاجتماعي» للأجهزة بحاجة في حد ذاته إلى حماية لكي تتمكن هي بدورها من الاستمرار في حماية الداخل، ما يستدعي من الدولة، على كلّ عِلّاتها ومساوئها، أن تولي هذه المسألة الاهتمام والعناية الضروريين، استباقاً للآتي وتحصيناً للمؤسسات العسكرية والامنية التي يلتقي الجميع تقريباً على الإقرار بدورها الحَيوي في منع الانهيار الكامل للاستقرار الداخلي الهَش، والآخذ في التصدع.
وأولى المعالجات تكون في تحقيق الحد الأدنى من الأمن السياسي عبر التعجيل في تشكيل حكومة إنقاذية تتولى السيطرة على الازمة الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية، قبل فوات الأوان.
وعلى وَقع الضغوط المعيشية، شاع في الآونة الأخيرة انّ عناصر وضباطاً يفرّون من الجيش والأمن الداخلي لدوافع اقتصادية، بعدما بات ما يتقاضونه لا يلبّي حاجاتهم الاساسية، فماذا يقول وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي عن هذا الأمر؟ وما هي حقيقته؟
يقول فهمي لـ«الجمهورية» انه «ليست هناك ظاهرة فرار غير عادية لعناصر او ضباط من الأجهزة الأمنية»، لافتاً الى «انّ الحالات التي تُسجّل قليلة، وتندرج ضمن المعدل السنوي الطبيعي، بحيث لا يوجد ما يدعو الى القلق». ويشير الى انه، وعلى رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تنعكس سلباً على الظروف المعيشية لأفراد المؤسسات الأمنية والعسكرية، الّا انّ الأفضل للعنصر الأمني هو ان يبقى في الخدمة لأنه بذلك يستفيد على الاقل من الخدمات والتقديمات التي تمنحها قوى الأمن الداخلي لعناصرها وضبّاطها من طبابة وغير ذلك».
ويضيف فهمي: «صحيح انّ القيمة الشرائية للراتب الذي يتقاضاه العنصر الأمني تتآكل تحت وطأة الارتفاع في سعر الدولار، الّا انّ ما يخفّف عنه نسبياً هو حصوله على الضمانات الاجتماعية من مؤسسته، في حين انّ هربه من السلك سيؤدي الى حرمانه منها».
ويلفت الى «انّ رجل الأمن الذي يفرّ من الخدمة لن يجد بسهولة عملاً آخر حتى يزيد مدخوله، لأنه سيصبح مُلاحقاً ومطارداً، وبالتالي سيكون متوارياً عن الانظار ولن يستطيع ان يعثر بسهولة على عمل بديل، خصوصاً اذا طُلبت منه أوراق قانونية لتوظيفه، وعندما يتم توقيفه يُحاكم ويُطرد من السلك الأمني».
ويكشف فهمي «انّ هناك قراراً سارياً منذ فترة بعدم إعطاء عناصر وضباط الأجهزة الأمنية أذونات بالسفر، لأنّ هناك حاجة إلى كل عنصر في هذه المرحلة، الّا اذا وُجدت أسباب اضطرارية وإنسانية تبرر إعطاء استثناءات». ويشدّد على «وجوب تشكيل الحكومة فوراً لكي تتصدى للازمات المتراكمة وتَنكبّ على معالجتها، لأنّ هذه هي الطريقة الوحيدة لتخفيف الضغوط عن المواطنين والعاملين في المؤسسات العسكرية والامنية على حدّ سواء».
وعلى صعيد آخر، يوضِح فهمي انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، شَدّد خلال اتصاله به قبل أيام، على أهمية إجراء الانتخابات الفرعية من زاوية تَمسّكه بالدستور والميثاقية.
ويؤكد فهمي انه جاهز لتنظيم الانتخابات اذا قررت السلطة السياسية إجراءها «ونحن في الوزارة نستعد لها كأنها حاصلة حُكماً، الّا انّ هناك عوائق صحية ولوجستية ومالية يمكن أن تعرقل حصولها، ويبقى القرار النهائي لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال». ويوضِح انه سبق أن رفع مشروع مرسوم في 12 شباط الماضي يحدّد بموجبه موعد الانتخابات في 28 آذار المقبل، مشيراً الى انّ هذا التاريخ سيُعدّل حتماً اذا صدر القرار بتنظيمها متأخراً.