كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
في حال صدقت السلطة وأجرت الإنتخابات الفرعية في حزيران المقبل، فإن دائرة المتن الشمالي ستشهد أشرس المعارك نظراً إلى التنوع السياسي الذي يعيشه القضاء والتطاحن المسيحي الدائر فيه وعلى مساحة الوطن، في وقت يدخل عامل تقني على الخطّ قد يُفسد شراسة المنافسة ويضع الجميع أمام إحراج كبير.
إقترع في المتن في الإنتخابات الأخيرة 90402 من الناخبين إختاروا 8 مقاعد نيابية فكان الحاصل الإنتخابي الأوّلي من الأصوات 11302 قبل أن يتدنّى إلى 10671 صوتاً بعد شطب لائحة “كلّنا وطني” المدعومة من المجتمع المدني والتي لم تصل إلى الحاصل الإنتخابي لأنها حصلت على 5027 صوتاً فقط.
من جهتها، نالت لائحة “المتن قلب لبنان” المدعومة من “القوات” 13138 صوتاً وفاز النائب ماجد ادي أبي اللمع بمقعد واحد، وحصلت لائحة “المتن القوي” المؤلفة من تحالف “التيار الوطني الحرّ” وحزب “الطاشناق” والحزب “السوري القومي الإجتماعي” والمرشح سركيس سركيس على 38897 صوتاً وفاز منها 4 مرشحين هم مرشّح “الطاشناق” أغوب بقرادونيان و3 للعونيين هم ابراهيم كنعان والياس بوصعب وإدي معلوف، وحصدت لائحة “الوفاء المتنية” التي فاز منها النائب الراحل ميشال المرّ على 13779 صوتاً، في وقت نالت لائحة “نبض المتن” التابعة لحزب الكتائب 19003 أصوات وحصدت مقعدين هما النائبان المستقيلان سامي الجميل والياس حنكش.
هذا في انتخابات عامة يكون التجييش في ذروته، أما في انتخابات فرعية فتكون نسبة المشاركة أقل، لكن للمتن نكهته الخاصة دائماً في الإنتخابات الفرعية، والجميع يتذكّر المعركة القاسية التي خاضتها المعارضة المسيحية عام 2002 ودارت بين مرشحها غبريال المرّ والمرشحة ميرنا المرّ والتي إنتهت بفوز غبريال المرّ، أما المعركة الفرعية الثانية المهمة فكانت عام 2007 وتمثّلت بسقوط الرئيس أمين الجميل أمام مرشّح “التيار الوطني الحرّ” كميل خوري.
اليوم، وفيما تجرى الإنتخابات الفرعية في كل الدوائر على أساس النظام الأكثري، فإن انتخابات المتن تجرى على أساس القانون النسبي بعد شغور 3 مقاعد كان يشغلها الجميل وحنكش والمرّ.
وبعيداً من الحسابات السياسية، هناك شقّ تقني يتحكّم بهذه الإنتخابات، فاذا أرادت جميع القوى خوض السباق منفردةً ومن دون تحالفات فهناك مشكلة جوهرية تتمثّل في الحاصل الإنتخابي، فلكي تتأهل أي لائحة وتنال مقاعد نيابية يجب أن تحصل على الحاصل الذي هو عبارة عن قسمة عدد المقترعين على عدد المقاعد.
وكما أشرنا، لامس الحاصل الإنتخابي في الإنتخابات الأخيرة 11 ألف صوت، بينما حسابات هذه المرة مختلفة تماماً لأن عدد المقترعين إذا تراجع سيبقى نحو 80 ألف مقترع وفق معظم التقديرات، أما عدد المقاعد فهو 3 مقاعد وليس ثمانية، وبالتالي يكون الحاصل الإنتخابي قرابة 27 ألف صوت، فأي لائحة بمقدارها الحصول على هذا الرقم وحيدةً خصوصاً إذا كثرت لوائح المجتمع المدني وتفرّقت الأصوات؟
في انتخابات 2018 العامة حصلت لائحة تحالف “التيار الوطني الحرّ”- “الطاشناق”- “القومي”- سركيس على 38 ألف صوت لكن “التيار” كان في أحسن أحواله ولم يشهد التراجع الكبير الذي يعيشه اليوم، وهنا يُطرح سؤال كبير عن تصويت “الطاشناق”: فهل سيحجب أصواته عن حلفائه السابقين أي آل المرّ إذا قرّروا ترشيح أحد افراد العائلة أو إنه سيقسّم الأصوات؟
وإذا لم يحجب “الطاشناق” هذه الأصوات، فإن تحالفات العونيين مختلفة، فالمرشح على اللائحة البرتقالية سركيس سركيس حصل على 5234 صوتاً تفضيلياً، ومرشح القومي غسان الأشقر حصد نحو 3200 صوت، وغسان مخيبر 2600 صوت وكورين الأشقر 700 صوت تقريباً، وبالتالي فان “التيار” من دون هذه التحالفات غير قادر على الوصول إلى الحاصل الإنتخابي لوحده، هذا إذا لم نحتسب التراجع في شعبيته والتي تتحدّث عنها أهم مراكز الأبحاث.
وما ينطبق على “التيار الوطني” ينطبق بالتأكيد على كل اللوائح الأخرى إن كانت مجتمعاً مدنياً أو “كتائب” أو آل المرّ، فإذا قرروا خوض السباق النيابي لوحدهم من دون تحالفات، فكما يبدو ظاهراً، لن يستطيع أي منهم الوصول للحاصل الإنتخابي إذا كان نحو 27 ألف صوت.
وهنا تظهر ثغرة كبرى في هذه الإنتخابات لم يلحظها القانون النسبي الذي أقرّ عام 2017، فقد تناولت المادة 43 من قانون الإنتخاب الجديد موضوع الانتخابات الفرعية، وأشارت إلى أنه إذا شغر أي مقعد من مقاعد مجلس النواب بسبب الوفاة أو الإستقالة أو إبطال النيابة أو لأي سبب آخر، تجرى الإنتخابات لملء المقعد الشاغر خلال شهرين من تاريخ الشغور، و تجرى الإنتخابات الفرعية لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى العائد لها هذا المقعد وفقاً لنظام الاقتراع الأكثري على دورة واحدة، أما إذا تخطى الشغور المقعدين في الدائرة الإنتخابية الكبرى اعتمد نظام الإقتراع النسبي وفق أحكام القانون النسبي الذي أقر عام 2017. وتطبّق إستثنائياً أحكام القانون رقم 25 تاريخ 8-10-2008 المتعلّق بالإنتخابات النيابية في ما يخص الاقتراع الأكثري على أحكام هذه المادة بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون (النسبي).
وفي المحصلة، تُطبّق على الإنتخابات الفرعية مسألة توزيع المقاعد وفق القانون النسبي الذي تجرى على أساسه الإنتخابات العامة، لكنه لم يلحظ نقطة مهمة وجوهرية، وهي كيف يمكن إحتساب الفائزين في حال لم تنل أي لائحة الحاصل الإنتخابي، خصوصاً أن هذا الأمر سيخلق إشكالية جديدة في البلد.
وهنا لا بد من التذكير بالمادة 98 من قانون النظام النسبي والتي تناولت طريقة إحتساب الفائزين ولم تتناول عدم حصول اللوائح كلها في نفس الدائرة على الحاصل الإنتخابي، وفي ما يلي نص المادة:
“1 – يتم تحديد عدد المقاعد العائدة لكل لائحة إنطلاقاً من الحاصل الإنتخابي.
2 – لأجل تحديد الحاصل الانتخابي، يصار الى قسمة عدد المقترعين في كل دائرة إنتخابية كبرى على عدد المقاعد فيها.
3 – يتم إخراج اللوائح التي لم تنل الحاصل الإنتخابي من إحتساب المقاعد ويعاد مجدداً تحديد الحاصل الإنتخابي بعد حسم الأصوات التي نالتها هذه اللوائح.
4- تمنح المقاعد المتبقية للوائح المؤهلة التي نالت الكسر الأكبر من الأصوات المتبقية من القسمة الأولى بالتراتبية على أن تتكرر هذه العملية بالطريقة عينها حتى توزيع المقاعد المتبقية كافة .
وفي حال بقاء مقعد واحد وتعادل الكسر الأكبر بين لائحتين مؤهلتين، يُصار الى منح المقعد الى اللائحة التي كانت قد حصلت على العدد الأكبر من المقاعد. وفي حال حيازة اللائحتين على المقاعد ذاتها فيُمنح عندها المقعد للائحة التي نال مرشحها، الذي حلَّ أول، النسبة المئوية الأعلى من الأصوات التفضيلية. وفي حال تعادل النسبة المئوية والأصوات التفضيلية لمرشحي المرتبة الأولى في اللائحتين، يُمنح المقعد للائحة التي نال مرشحها، الذي حلّ ثانياً، النسبة المئوية الأعلى من الأصوات التفضيلية. وهكذا دواليك.
5 – بعد تحديد عدد المقاعد الذي نالته كل لائحة مؤهلة، يتم ترتيب أسماء المرشحين في قائمة واحدة من الأعلى الى الادنى وفقاً لما ناله كل مرشح من النسبة المئوية للأصوات التفضيلية في دائرته الصغرى.
تحتسب النسبة المئوية من الأصوات التفضيلية لكل مرشح على أساس قسمة أصواته التفضيلية على مجموع الأصوات التفضيلية في الدائرة الصغرى.
في حال تعادل النسبة المئوية من الأصوات التفضيلية بين مرشحّين، يتقدم في الترتيب المرشح الأكبر سناً، وإذا تساووا في السِنّ يُلجأ الى القرعة من قبل لجنة القيد العليا.
6 – تجرى عملية توزيع المقاعد على المرشحين الفائزين بدءاً من رأس القائمة الواحدة التي تضم جميع المرشحين في اللوائح، فيعطى المقعد الأول للمرشح الذي حصل على أعلى نسبة مئوية من الأصوات التفضيلية ويمنح المقعد الثاني للمرشح صاحب المرتبة الثانية في القائمة وذلك لأي لائحة انتمى، وهكذا بالنسبة للمقعد الثالث حتى توزيع كامل مقاعد الدائرة للمرشحين المنتمين لباقي اللوائح المؤهلة.
7 – يراعى في توزيع المقاعد على اللوائح الشرطان الآتيان:
– ان يكون المقعد شاغراً وفقاً للتوزيع الطائفي للمقاعد و/أو في الدائرة الصغرى اذ بعد إكتمال حصة مذهب و/أو الدائرة الصغرى ضمن الدائرة الإنتخابية يخرج حكماً من المنافسة باقي مرشحي هذا المذهب و/أو الدائرة الصغرى بعد أن يكون استوفى حصته من المقاعد.
– أن لا تكون اللائحة قد استوفت نصيبها المحدد من المقاعد، فإذا بلغت عملية التوزيع مرشحاً ينتمي الى لائحة إستوفت حصتها من المقاعد يتم تجاوز هذا المرشح الى المرشح الذي يليه”.