بإمكانيات محدودة جدّاً وأعطال متزايدة، يواصل عناصر الدفاع المدني مهامهم من دون تردد، ورغم تعدد المطبات التي تعرقل حسن سير نشاطهم، يسعى المتطوعون إلى تخطّيها وتلبية نداءات المواطنين باللحم الحي. حتّى أن هؤلاء يخاطرون بحياتهم في سبيل سلامة غيرهم، في حين أن التأمين الصحي على السيارات والآليات متوقّف منذ 24 كانون الثاني الماضي.
مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار اختصر عبر “المركزية” ابرز الصعوبات والتحديات التي يواجهها الدفاع المدني حالياً، لافتاً إلى أنها “متعددة ويمكن حصرها في الملفات الأربعة الآتية: بدايةً، ملف تصليح الآليات. إضافةً الى ما نعانيه من نقص حاد في عدد الآليات، فإن أحدث آلية لدينا يعود تاريخ صنعها إلى أكثر من 20 سنة. ومع صعود أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، برزت مشكلة اساسية هي عدم قدرتنا على تصليح الآليات، إذ ان صلاحية المدير العام لصرف المال من موازنة المديرية العامة 3 ملايين ليرة لبنانية والتي لم تعد تفي بالغرض للقيام بأية تصليحات بسيطة، تبعاً لسعر الصرف الحالي، أضف إلى ان موازنة 2021 خُفِّضت بنسبة 30%.
ثانياً، نعاني من مشكلة نقص المحروقات. إذ وبعد تعذر الوصول إلى حل نتيجة قدوم عارض واحد للمشاركة في المناقصة الخاصة بالمحروقات، لجأنا الى الاستعانة بقيادة الجيش التي زودتنا بهذه المادة حتى 30-10-2020. ولكن ازاء عدم وجود قانون يجيز لنا تسديد المستحقات المالية للجيش، لم يعد بإمكاننا الاستمرار بتأمين المحروقات بهذه الطريقة. فأعددنا مشروع قانون في هذا الخصوص وهو بعهدة مقام مجلس الوزراء حالياً.
ثالثاً، أضيفت مؤخرا مشكلة انتهاء العقد مع شركة التأمين لتغطية كلفة الطبابة للمتطوعين اذا ما تعرضوا لأي اصابة خلال تنفيذ المهمات، وتغطية تكاليف حوادث السير المتعلقة بالآليات. ولكن وللسبب عينه المرتبط بتعطّل مناقصة المحروقات، لم يتقدم الا عارض واحد أيضا لمناقصة التأمين، ولذا لم نتمكن من ايجاد الحل في انتظار المناقصة اللاحقة التي حدد موعدها في 23 آذار المقبل.
اما الملف الرابع، والاساسي فهو تثبيت المتطوعين. وهذا ما عملت عليه طويلاً منذ أن تبوأت منصب مدير عام الدفاع المدني ولغاية اليوم. فقد اعددنا القانون 289/2014. وكان بالإمكان إنجاز هذا الملف الا انه لم يتم رصد الأموال اللازمة لتغطية كلفة التثبيت حتى الآن”.
وأكّد خطّار أن “التواصل مع كافة المعنيين دائم وتتم مناقشة ملفات الدفاع المدني للتوصل الى ايجاد حلول للازمات الكبيرة التي تعترض سير عمل هذه المديرية العامة، لا سيما في ظل الظروف التي تمر فيها البلاد على كافة الأصعدة. إلى ذلك، لم أوفر جهداً لمحاولة تأمين الحاجات الملحة مثل تصليح الآليات، وتوفير المحروقات، وكذلك مسألة التأمين عبر المساعدات والهبات الخجولة، وفقاً للأصول، على أمل أن تعود الأمور الى سابق عهدها لنتمكن من تسيير العمل وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء”.
وعن كيفية مواصلة العناصر نشاطهم والحافز لتأدية واجبهم، أوضح أن “لا ريب أن ايمان هؤلاء الشبان برسالة الدفاع المدني التي تقوم على التضحية اللامتناهية في سبيل إنقاذ الأرواح والممتلكات، يحفزهم على تأدية واجبهم من دون كلل او ملل رغم كافة الصعوبات والتحديات. وكان لافتاً مؤخراً المبادرات التي قامت بها البلديات وعدد من الفعاليات والافراد في المناطق لدعم المراكز وتمكين عناصر الدفاع المدني من الاستمرار بتلبية نداءات المواطنين وتنفيذ المهام الموكلة إليهم”.
وعمّا إذا كان من الممكن أن تتهدد مهام الدفاع المدني نتيجة المشاكل وصولاً إلى توقفها نهائياً، أجاب خطّار “لا يجوز الحديث مطلقاً عن توقف مهمات الدفاع المدني. فهذا الجهاز حاجة ملحة للمجتمع في كافة الظروف والأوقات سواء أكانت الموسمية او اليومية او الاستثنائية. انطلاقاً من هذا الواقع يمكننا الحسم ان حاجة المجتمعات إلى تأمين الحماية المدنية تحول من دون التفكير بامكانية إيقاف المهمات نهائيا ولأي سبب كان”.