Site icon IMLebanon

الحريري ضد “حكومة مثل سابقاتها”… واجتماعه مع عون رهن بتبدّل الأجواء

كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الأوسط:

أكد الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، أنه لن يوافق تحت أي اعتبار على تشكيل حكومة ليس مقتنعاً بها وتكون على شاكلة الحكومات السابقة بما فيها الحكومة الحالية التي أخفقت جميعها في تحقيق الإصلاحات المطلوبة للانتقال بلبنان من مرحلة التأزُّم الاقتصادي والمالي إلى مرحلة التعافي على المستويات كافة. ونقل عنه مصدر في «تيار المستقبل» في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنْ لا مجال للبحث في توسيع الحكومة، وأن المطلوب المجيء بحكومة من وزراء مستقلين واختصاصيين ومن غير المنتمين للأحزاب تستعيد ثقة اللبنانيين ومن خلالهم المجتمع الدولي.

 

وجدّد الرئيس الحريري، حسب المصدر في «تيار المستقبل»، تمسّكه بتشكيل حكومة من 18 وزيراً، رافضاً زيادة عددها إلى 20 أو 22 أو 24 وزيراً، ولافتاً في الوقت نفسه إلى أن المبادرة الفرنسية ما زالت قائمة بوصفها الوحيدة لإنقاذ لبنان شرط الالتزام بالمواصفات والشروط التي حددها الرئيس إيمانويل ماكرون.

 

وقال الحريري، كما نقلت عنه المصادر، إن «ما سمعناه مؤخراً لا يقود إلى حل المشكلة ولا يشكل مشروعاً لفتح الباب أمام الانتقال بالبلد من التأزّم إلى الانفراج، وإنما يُقحمنا في مزيد من المشكلات نحن في غنى عنها، وبالتالي نُهدر الفرصة المتاحة أمامنا لوقف الانهيار».

 

وغمز الحريري من قناة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، من دون أن يسمّيه بقوله إنه لن يحيد عن المواصفات والمعايير التي طرحها كإطار عام لتشكيل حكومة مهمة تحاكي المبادرة الفرنسية ومن خلالها المجتمع الدولي.

 

وربط الحريري معاودة التواصل مع رئيس الجمهورية ميشال عون، لاستئناف التشاور في تأليف الحكومة بتبدّل الأجواء الحالية لمصلحة الحل بتسريع ولادتها، مؤكداً في نفس الوقت أن «البلد مع تراكم الأزمات لم يعد يحتمل التفريط بالفرصة المتاحة أمامنا لإنقاذه، خصوصاً في ضوء عودة المجتمع الدولي للاهتمام بلبنان والذي تمثّل في حملات التضامن فور الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت».

 

وأبدى الحريري، حسب المصدر، ارتياحه للنتائج التي أسفرت عنها جولته على عدد من الدول، وتحديداً بالنسبة إلى إعادة ترميم علاقات لبنان بعدد من الدول العربية من جهة، والتحضير لمرحلة ما بعد تشكيل الحكومة من جهة أخرى.

 

على صعيد آخر، كشفت مصادر سياسية أن «حزب الله» وبخلاف ما تردّد أخيراً، ليس في وارد القيام بوساطة للدفع باتجاه معاودة تزخيم المشاورات والاتصالات المؤدّية إلى تذليل العقبات التي لا تزال تؤخّر ولادة الحكومة والتي أضاف إليها باسيل عقبات أخرى لا مبرر لها عندما قرر أن يفتح النار على جميع المكوّنات السياسية الرئيسة المعنية بتشكيل الحكومة باستثناء حليفه «حزب الله».

 

وعَزَت المصادر السياسية السبب إلى أن «حزب الله» ليس في وارد الضغط على حليفه باسيل وهو لا يزال على قراره مراعاته، رغم أنه على يقين بأن باسيل في تصرفه كرئيس للظل في غياب أي دور لعون هو مَن يعيق تأليف الحكومة. وقالت إن الأمين العام للحزب حسن نصر الله، لم يطرح في خطابه الأخير مبادرة لتبديد هذه العقبات، وإنما حاول الالتفاف على تشكيل حكومة من 18 وزيراً بطرحه تسوية يصعب عليه تسويقها ما دام يقترح توسيعها في مقابل تفهّمه لمطالبة الحريري بوزارة الداخلية وبرفضه الثلث الضامن في الحكومة.

 

وقالت إن نصر الله طرح بطريقة أو بأخرى على الحريري الدخول في مقايضة تقوم على تفهّمه لشروطه في مقابل موافقته على توسيع الحكومة لضمان تمثيل النائب طلال أرسلان، مع أنه سبق لـ«حزب الله» أن وافق على أن تشكَّل الحكومة من 18 وزيراً، وعاد وانقلب عليها بالتكافل والتضامن مع عون الذي كان قد سبقه للتراجع عن تعهده للحريري بأن تتشكل من 18 وزيراً.

 

ورأت أن باسيل اتخذ قراره أن يستعدي جميع المكوّنات السياسية ما عدا «حزب الله»، ظناً منه أنه يقدّم نفسه للشارع المسيحي على أنه المظلوم الوحيد لعله يتمكن من إعادة تعويم نفسه. وقالت إن الحزب يرفض الضغط على حليفه ليس لمراعاته فحسب لغياب الحليف المسيحي الذي يوفر له الغطاء السياسي، وإنما لأنه يشكّل له خط الدفاع الأول لترحيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد جلاء الموقف بالنسبة إلى احتمال معاودة المفاوضات الأميركية – الإيرانية بتدخّل من دول الاتحاد الأوروبي.

 

لذلك، ليس في مقدور «حزب الله»، كما تقول المصادر، القيام بدور الوسيط رغم أنه على تواصل من حين لآخر مع الحريري في مقابل إصراره على أن يُبقي على ورقة تأليف الحكومة في خدمة باسيل الذي ينوب عن عون في احتجازها، إضافةً إلى أنه ينأى بنفسه عن الالتفاف على المبادرة التي طرحها حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والتي ما زالت قائمة من دون أن يوظّف فائض القوة الذي يتمتع به لتعبيد الطريق أمام تسويقها لئلا يصطدم بحليفه الآخر باسيل.