كتبت سمر فضول في “الجمهورية”:
تدفع الأزمة الإقتصادية والمالية الحادة الجيل الشاب إلى اتخاذ الهجرة خياراً أوّل من دون الإلتفات الى تداعياتها السلبية على لبنان. ووسط التخبّط الرسمي لإيجاد الحلول المستدامة، يضيق هامش الخيارات لدى الجيل «المنتج»، ويزيد عامل الـ «لا ثقة» في المنظومة الحاكمة.
فالشباب اللّبناني الذي تخرّج حديثاً، يجد نفسه أمام السفارات يبحث عن جواز لمستقبله المهمّش في الداخل.
أمّا الموظفون في القطاع الخاص، فإمّا طُردوا أو يعيشون هاجس «الطرد» في أي لحظة، فيما قضى سعر الصرف على رواتب العاملين في القطاع العام، وباتت السوق السوداء مقصلة لأموالهم.
المؤسسة العسكرية بعديدها وعتادها ليست بعيدة عن الوضع الداخلي، ويتخوّف كثيرون من تأثير الانهيار الاقتصادي والمالي على المؤسسة ودورها المحصّن للسلم الأهلي والدفاعي، وهي الركيزة الأخيرة «الصامدة» قبل إنهيار الدولة، وعامل ثقة لوجود مؤسسة ضامنة للوطن. تالياً، يصبح السؤال عن مدى تأثير الأزمة عليها مشروعاً، ويقودنا الى ماهية الحلول المتوافرة لدى القيادة لمواجهة الصعاب.
وفي هذا الإطار، تعود مصادر عسكرية في حديثها لـ «الجمهورية»، الى «ثمانينات القرن الماضي، حين مرّ لبنان في ظروف إقتصادية صعبة جداً، أدّت الى تدهور سعر صرف اللّيرة، وانعكس ذلك غلاء في الأسعار والسلع الأساسية، وهو السيناريو المشابه لما يحصل اليوم. ورغم ذلك، تمكّنت القوى العسكرية من الصمود في وجه هذه المصاعب والإستمرار في تأدية مهماتها على أكمل وجه».
وفي حين تشير المصادر الى أنّ موضوع الفرار، أُعطي أكثر مما هو على ارض الواقع، من خلال تضخيمه وتصويره بصورة أكبر من حجمه، أكّدت في الوقت عينه أنّ أسباب الهروب التي حصلت، هي نفسها التي تحصل في معظم جيوش العالم، وكانت تحصل سابقاً ولا تزال، ولا تتعلّق بالوضع الاقتصادي مباشرة، إنما في غالبها بالمخالفات التي يقوم بها العسكر، ويقدّم البعض استقالته.
وعلى عكس ما يُشاع ويُقال، تكشف المصادر أنّ لدى القوى العسكرية اليوم عدداً كبيراً من طلبات «الإسترحام» قيد الدرس لعناصر سُرّحوا سابقاً من الجيش لأسباب طبية أو مسلكية..». وتوضّح، أنّ «الأسباب الموجبة لرغبتهم في العودة متعددة، منها الإستقرار المادي، فالجيش لا يطرد عناصره، ومهما لحقت بالبلاد من أزمات يبقى راتب العنصر مؤمّناً ويصله كل آخر شهر، وأبرزها «الطبابة» المؤمّنة للعسكريين وعائلاتهم حتّى بعد تقاعدهم، وهو من أهم المتطلبات الحياتية، خصوصاً مع الغلاء اللاحق بالقطاع الصحي في يومنا هذا».
أمّا عن إمكانية زيادة رواتب العسكريين، فتلفت المصادر الى أنّ القيادات العسكرية لم تتبلّغ بعد أيّ تعميم من هذا القبيل»، ما يعني أنّ الرواتب ستبقى على ما هي.
صحيح أنّ المرحلة صعبة، ولكن القيادة تحصّنت وتداركت الامر لإمرارها بأقل أضرار ممكنة، عبر اتخاذ سلسلة قرارات وإجراءات داخلية تهدف الى ترشيد الإنفاق، الّا أنّ الإتكال الأكبر يبقى على المساعدات الخارجية والدعم المقدّم. ومن أبزر الخطوات المتخذة:
– ترشيد الإنفاق، أي حصره بالضرورات فقط.
– الترشيد في المأكل والمحروقات.
ـ تقليص الدورات التدريبية في الخارج.
– التخفيف من التدريب.
– تقليص ساعات الطيران.
– العمل على اصلاح الطوّافات بالإعتماد على المهارات الداخلية لكي لا يتكبّد الجيش تكاليف اصلاحها في الخارج.
أمّا كل ما يتعلّق بالحفاظ على الإستقرار العام، فلا يمكن أن يدخل ضمن خطة الترشيد.
يُدرج البعض في التسريبات الواردة والمضخّمة عن عمليات فرار عسكريين، في اطار الحملة الممنهجة التي تُقاد ضدّ المؤسسة العسكرية عبر الأطراف المعروفة، بهدف ضرب معنويات الجيش، وإظهار ضعف القيادة في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي انسحبت على مختلف المؤسسات في الدولة.