كتبت كلير شكر في صحيفة نداء الوطن:
بعد تجاذب استمرّ لأشهر، وأخذ وردّ جعل من دفتر الشروط موضع مراسلات غير ودّية بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات، أعلن المدير العام لإدارة المناقصات الدكتور جان العلية عن اجراء 3 مناقصات، في شهر نيسان المقبل، لشراء كميات من مواد، الفيول اويل Grade A، والفيول اويل Grade B، والغاز اويل، لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، وذلك انفاذاً لقرار مجلس الوزراء رقم 4 تاريخ الثاني من تموز الفائت.
فعلاً، يمكن “أرشفة” المرحلة الشاقة من المفاوضات التي شهدها الدفتر قبل صياغته بنسخته النهائية، لما تعرّض من تعديلات وتنقيحات قبل تفاهم الفريقين على النقاط الهامة، ولم تخل من حملات شنّت من قِبل بعض الحزبيين، بحق العليّة، تبيّن في ما بعد بأنّها تجنّ بحقه.
أما أكثر النقاط التي شهدت سجالاً بين الفريقين، ما اضطرهما إلى الاحتكام إلى رئاسة الحكومة لتفسيرها وتوضيحها، فكانت تلك المرتبطة بطبيعة الشركات التي يحقّ لها المشاركة في المناقصة، إلى أنّ تمّ الاتفاق على اعتماد الصيغة التي تقول إنّه يحق لأي “شركة عالمية: وطنية، لبنانية أو غير لبنانية”، تتوفر فيها الشروط المنصوص عليها في دفتر الشروط. بالتوازي، فقد تمّ تخفيض حجم أعمال الشركة التي يحق لها المشاركة، ليصير مليونيّ برميل سنوياً من أي من المشتقات النفطية، أي ما يعادل المليار دولار. في المقابل، فقد تمّ تضمين الدفتر بنداً ينصّ على أنّه “لا يجوز بالمطلق التعاقد من الباطن”.
في الواقع، إنّ هذه الضوابط التي سعى العلية إلى تضمينها الدفتر، كانت تهدف بنظره إلى تحصين المناقصة ومنع تعريضها للطعن، ولذا أصرّ على تعريف العارضين الذين يحقّ لهم المشاركة، فاتحاً باب المنافسة أمام الشركات اللبنانية ذات المواصفات العالمية، اذا ما كانت راغبة بالمشاركة، مقابل منع التلزيمات الباطنية، منعاً لتكرار تجربة سوناطراك مع “زيد آر إينرجي” و”بي بي إينرجي”.
وهذا ما يثبت بأنّ الاتهامات التي كانت تساق ضدّه بأنّه يسعى لإدخال وسيط لبناني إلى المناقصــة، لم تكـــن تستـــند إلى أي وقــــائع حقيقية، بدليل مبادرته إلى طلب تضمين بند منع التلزيمات الباطنية، واصراره على تحديد موقف واضح وشروط تحالف الشركات.
وعندما اقتنع بعدم جدوى تحالف الشركات لا سيما بعد نجاح تجربة العقود الفورية spot cargo، اقترح تعديل صياغة المادة المرتبطة، للتشدد في منع تلزيم بالباطن بشكل واضح وقاطع.
وفي حال أراد كل من شركات “زيد آر” أو “بي بي” أو أي شركة مماثلة لديها حجم يتجاوز المليونيّ برميل، فعليها المشاركة بالمباشر من دون الاختباء وراء شركات عالمية، خصوصاً وأنّ حجم أعمال هاتين الشركتين يتخطى المليار دولار، الشرط الوارد في الدفتر ولا يمكن استبعادهما كونهما مسجلتين في الخارج أصلاً. ولذا تمّ توضيح بند الشركات العالمية، بالإشارة إلى أنّها لبنانية وغير لبنانية.
ومع ذلك، فإنّ إجراء المناقصة في شهر نيسان المقبل، لا يعني أبداً أن مسارها مفروش بالورود. اذ تواجه تحدي اقناع الشركات الكبرى في الاستثمار في بلد، خزينته مفلسة، وتعاني من عجز غير مسبوق. وها هي مؤسسة كهرباء لبنان تشكو من عدم فتح الاعتمادات المستندية اللازمة “لباخرة تحمل الفيول ومن صعوبة استكمال الاجراءات المصرفية، الأمر الذي ادى الى انخفاض مخزون الفيول Grade A وGrde B الى مستوياته الدنيا وقد أشرف على النفاد”.
وقد حاول الوزير ريمون غجر منذ أسبوع تأمين التوافق السياسي على إقرار قانون يسمح بإعطاء “كهرباء لبنان” سلفة خزينة مخصصة لشراء المحروقات. ولكن حتى اليوم لم تُنجز المهمة، ولا توافق سياسياً عليها، لا بل أقحمت المسألة في بازار الخلاف حول تأليف الحكومة.
والمؤسسة تشير إلى أن سلفة العام الماضي تكفي حتى نهاية آذار. بعد ذلك، لن يكون بالإمكان شراء الفيول إذا لم تقر السلفة. فكيف يمكن إجراء المناقصة في ظلّ الخلاف الحاصل حول سلفة الخزينة؟ وماذا لو بقيت حكومة تصريف الأعمال وحالت الخلافات دون ولادة حكومة جديدة ووضع موازنة العام 2021؟