Site icon IMLebanon

مطالبات طرابلسية بإقالة نهرا… ويمق: تعرّضت لعمل “إرهابي”

كتب مايز عبيد في صحيفة نداء الوطن:

إستخدم محافظ الشمال رمزي نهرا جواب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي على كتاب سابق كان قد وجّهه إليه، طالباً فيه السماح بالتحقيق مع رئيس بلدية طرابلس رياض يمق وقائد شرطة البلدية، بحسب الأصول، عقب حريق مبنى البلدية، والغموض الذي لا يزال يكتنف الحادثة، لجهة عدم تدخّل شرطة البلدية ليلة الحريق لردع الفاعلين. فطلب نهرا من يمق الحضور إلى مكتبه في سراي طرابلس بناءً على جواب وزير الداخلية، فحضر يمق ظهر الأربعاء. وبحسب مصدر قريب من يمق، فإنّ نهرا كان فظّاً كعادته، وقاسياً حتى في اللفظ والتعبير. لم يحترم مكانة رئيس البلدية، ووجّه إليه الإساءات المتكرّرة والشتيمة، وأراد تحميله مسؤولية كلّ ما جرى ليلة الحريق، وكأنّه يحاول التغطية على شيء ما، من خلال ذلك.

وفي ختام اللقاء، طلب نهرا من يمق توقيع محضر الإجتماع الرسمي من دون قراءته، فرفض الأخير وصوّر المحضر لكي يعرف على ماذا سيوقّع، فما كان من نهرا إلا أن أقفل عليه الباب وطلب من حرّاسه الشخصيين توقيفه حتى يسلّم جهاز هاتفه ويمسح الصور. عاد يمق ـ ودائماً بحسب المصدر القريب منه ـ وأرسل كتاباً بما اعتبره اعتداء شخصياً من نهرا بحقّه، وشكوى إلى رئيس الحكومة ووزير الداخلية. ولما أيقن أن الكتابين وصلا، عقد مؤتمره الصحافي لتوضيح ما جرى.

جدل حول القضية

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي نقلت ليل الأربعاء – الخميس خبر تعدّي المحافظ نهرا على رئيس البلدية، الأمر الذي أثار موجة استياء واسعة في أوساط المجتمع المدني والأهالي والفاعليات، الــذين رفضوا هذا الإعتداء واعتبروه اعتــــداء على طرابلس وأهلها. واجتمع عدد من فاعليات المجتمع المدني أمام مبنى البلدية، في وقفة تضامنية مع رئيس البلدية واستنكاراً لما جرى. وعقد رئيس البلدية مؤتمراً صحافياً في قصر نوفل، اعتبر فيه تصرّف المحافظ معه بمثابة العمل “الإرهابي وإساءة، ليس إلى رياض يمق إنما إلى طرابلس وأهلها”. وتمنّى لو يعفينا وزير الداخلية من التواصل مع المحافظ من الآن وصاعداً ويتمّ التواصل معه شخصياً في القضايا التي تخصّ بلدية طرابلس.

وبحسب معلومات “نداء الوطن” فإنّ يمق، وبعد عودته من اللقاء العاصف مع المحافظ، طلب إلى أحد القريبين منه تسريب ما جرى معه في الإجتماع على وسائل التواصل الاجتماعي، بانتظار ردّ رئيس الحكومة ووزير الداخلية على الكتاب الذي أرسله إليهما بعد ظهر الأربعاء ليعقد بعدها مؤتمره الصحافي.

ردّ المحافظ

وأصدر المحافظ نهرا بياناً جاء فيه: “جرى استدعاء رئيس البلدية للتحقيق معه، بناء لطلب وزير الداخلية والبلديات، وأثناء توقيعه على اقواله، عمد الى مغافلة المحافظ وتصوير أجزاء من محضر التحقيق، الأمر غير الجائز قانوناً، فتمّ الطلب منه بمسح الصور عن هاتفه فأبدى امتعاضاً واثار جدالاً حول الموضوع في غير مكانه ولم يقم أحد من الحراس بمحاولة انتزاع هاتفه او لمسه او توجيه اي كلام اليه، وتم تخييره ما بين مسح تلك الصور أو تدوين الواقعة في المحضر، فاختار تدوينها، وهذا ما حصل بالفعل. وانّ افتعال هذا النوع من المشاكل والبطولات الوهمية هدفه الوحيد هو حرف التحقيق عن مساره الطبيعي والقانوني، وتوجيه الأنظار الى مكان آخر للهروب من المسؤولية”.

من جهتها قالت أوساط قريبة من نهرا لـ”نداء الوطن” أنّ يمق “يحاول خلق بروباغندا من القضية لجمع التأييد حوله من الثوار واستقطاب أعضاء البلدية المعارضين بحجّة أنه المظلوم والمدافع عن طرابلس؛ وكل ما يقوله لا يمتّ إلى الواقع بصلة”.

لا كيمياء بين الطرفين

الحادثة بين الرجلين ليست من فراغ. فلا كيمياء تجمع يمق ونهرا الذي سعى لتنحية الاول عن رئاسة اتحاد بلديات الفيحاء، ثم جاءت مسألة إحراق مبنى البلدية “شحمة على فطيرة” العلاقة بالنسبة إلى المحافظ، الذي يتمسّك بتصريح سابق لرئيس البلدية قال فيه بأنه “لم يرغب بتدخّل شرطة البلدية لأنّه لا يريد أن تسيل دماء في المدينة”، ليتّهم رئيس البلدية وقائد الشرطة المحسوب عليه بالتواطؤ والتقصير مع المعتدين.

من جهته، رئيس البلدية الذي يهتزّ مجلسه منذ مدّة بسبب الخلافات الداخلية بين أعضائه، يشعر بأنّ “هناك أيادي خفية كانت وراء تحريك الخلافات داخل المجلس البلدي في وجهه، وصولاً إلى ليلة الحريق”، ولا يستبعد “أن يكون لتحريض المحافظ عليه صلة بالأمر وبكلّ ما يجري”.

موقوفو الأحداث الأخيرةفي هذه الأثناء، لا تزال قضية توقيف أكثر من 20 شاباً أمام المحكمة العسكرية في قضية أحداث طرابلس الاخيرة تتفاعل، وقد تمّ الادّعاء عليهم جميعاً بتهم الإرهاب، بينما تم إرجاء جلسة الإستجواب التي كانت مقرّرة الأربعاء بسبب عطل في الإنترنت. ويشعر الأهالي بـ”أنّ قضية التوقيفات تحصل بشكل سياسي بحت، وأنّ هناك ظلماً كبيراً قد وقع على أبنائهم الذين ما زالوا موقوفين وهم شبان نزلوا إلى الساحة للتعبير عن غضبهم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وبكل سلمية، فتمّ تلفيق تهم الإرهاب الجاهزة بحقهّم”.

جعجع: المطلوب إطلاق كل من هو بريء

وفي السياق، لفت رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع والذي يتقاطع مع مخاوف أهالي الموقوفين، فأكّد “اننا كنّا في طليعة من دعا إلى الاقتصاص من كلّ مخلّ بالأمن، ومعاقبة كل من استغلّ التظاهرات الاحتجاجية بسبب سوء الأوضاع المعيشية باللجوء إلى التخريب، وأكدنا في أكثر من مناسبة أنّ الانتظام العام من المسلّمات والخطوط الحمر التي يجب عدم المساس بها حرصاً على الاستقرار ومنع انزلاق البلد إلى الانفجار، ولكن هذا لا يعني إطلاقاً ان تستغل السلطة أحداث طرابلس من أجل معاقبة من لا يجب معاقبته، وأن يذهب “الصالح بعزا الطالح”، فالظلم غير مقبول، ومن يظنّ أنّ بإمكانه أن ينتقم من طرابلس لكونها خزّاناً ثائراً ومنتفضاً فهو مخطئ، ومحاولاته ستبوء حتماً بالفشل”.

وتساءل جعجع: “هل يعقل مثلاً أن يتمّ اتهام قاصرعمره خمسة عشر عاماً بالإرهاب؟ وهل يجوز توقيف كلّ من كان في الشارع من دون تمييز بين من تظاهر وعبّر سلمياً عن سخطه وغضبه، وبين من لجأ إلى تخريب الممتلكات العامة والخاصة؟ طبعاً لا يجوز. المطلوب إطلاق كل من هو بريء، والمعاقبة حصراً لكلّ من أثبتت التحقيقات انه لجأ إلى التخريب تشويهاً لصورة طرابلس ولأهداف المتظاهرين”.

وترى أوساط طرابلسية مطّلعة أنّ “إحراق مبنى البلدية جاء للتغطية على الإحتجاجات التي كانت تدور أمام سراي طرابلس ولوأدها، عبر تحويل الأنظار إلى مكان آخر”. والمحافظ نهرا، بحسب هذه الأوساط “يعرف تماماً ما يدور في كواليس التحقيقات، وسيجري طمس تحقيقات حريق البلدية من دون ذكر الحقيقة”.

وخلال مؤتمر يمق الصحافي ، انبرى أحد الشبان الحاضرين وقال له: “هذه الدولة على طرابلس وليست معها، لا تنتظروا شيئاً منها. شباب طرابلس دائماً تهمة الإرهاب جاهزة بحقّهم، وإذا ما بحثنا عن الإرهاب الحقيقي ومن أحرق مبنى البلدية ستجدون أنه رمزي نهرا دون سواه، الذي يغطّي فساد جبران باسيل وفساد هذه المنظومة السياسية التي تعبث بطرابلس، ولا أحد يستطيع أن يضعه عند حدّه”.

وبالعودة إلى حقيقة ما جرى بين المحافظ والبلدية والحديث الذي دار والأسئلة التي وجّهها نهرا إلى يمق، فإن مكتب المحافظ، كما يقال، بداخله كاميرات كانت تسجّل ما يجري، وعلى وزير الداخلية فتح تحقيق بالأمر ومراجعة التسجيلات لتبيان الحقيقة، في وقت ينفي فيه نهرا مزاعم يمق بالإعتداء عليه، بينما يتكتّم يمق عن البوح بالأسئلة التي وجّهها نهرا إليه.