كتب زينب حمود في “الاخبار”:
لن تنتهي زيارة «الميكانيسيان» من دون أن يعرض عليك شراء «Depot» البيئة («Catalyzer») الموجود في عادم سيارتك بالعملة الصعبة. عروضات مغرية، مماثلة، تعجّ بها مواقع التواصل الاجتماعي بأسعار تصل إلى 2000 دولار للـ«ديبو». سرّ رواج هذه التجارة يكمن في احتواء هذه القطعة من السيارة على معادن ثمينة كـ(البلاتينيوم والروديوم والبلاديوم) ازداد الطلب عليها وارتفع سعرها بعد توقف عمل معظم المناجم في العالم مع انتشار جائحة «كورونا».
الـ «Depot» الذي «كان سعره 50 دولاراً يُدفع اليوم 300 دولار سعراً له»، بحسب مدير شركة Elecat Group لبيع عوادم السيارات أيمن منصور. وهو «مبلغ محرز»، مع ارتفاع سعر صرف الدولار، ما «يدفع كثيرين اليوم إلى الاستغناء عنه في سياراتهم». أما السعر فيكون بحسب بلد المنشأ والمواصفات. «فكندا، مثلاً، تتشدّد في المواصفات وتفرض على هذه الصناعة استخدام مواد ذات جودة عالية للحفاظ على البيئة. لذلك يُعتبر سعر الديبو الكندي الأعلى». في لبنان، يؤكد منصور، «لا توجد عوادم متكاملة مصنّعة محلياً مزوّدة بديبو أساساً». لذلك، «يكفي أن السيارة تمشي من دونه حتى يقوم بعض الميكانيكيين بسرقة هذه القطعة الثمينة التي غالباً ما لا يلحظ الزبون وجودها». فيما يُقدم اليوم كثيرون من أصحاب السيارات على الاستغناء عنها مقابل بضع مئات من الدولارات، لأنهم يجهلون أهميتها للسيارة».
لم يتوقف مصلّح الـ«اشابمانات» عن الإلحاح على علي حمود بشراء «ديبو» سيارته لأنه «يضرّ بمحركها»! وفي كل مرة كان يرفض حمود البيع، كان الرجل يرفع السعر «حتى كدت أقع ضحية الإغراء لو لم أسأل كثيراً عن وظيفة الـDepot وأهميته»، يقول حمود.
«الميكانيسيان» الذي ينجح في إقناع الزبون ببيع الـDepot يضمن الحصول على «كوميسيون» يُراوح بين عشرة دولارات و30 دولاراً بحسب وائل الذي يعمل في تصليح السيارات. إذ أن «الجميع صاروا يعرفون الأسعار، أما إذا كان الزبون جاهلاً بالأسعار فمن المؤكد أن نسبة الربح تتضاعف».
يبيع الشاري الـ«ديبو» الى وكيل يعيد تصديره، أو إلى شركة إعادة تدوير تستخرج منه المعادن وتصدّرها إلى الخارج. ومن الشركات الأجنبية التي تستورد هذه القطع: Umicore البلجيكية، BASF البريطانية، Environment Recycle الأميركية، وشركات ألمانية ويابانية أخرى.
يؤكد رئيس مصلحة تسجيل السيارات في وزارة الداخلية أيمن عبد الغفور أن نقاط فحص معاينة ميكانيك السيارة التي حددها القرار 824 الصادر عن وزارة البيئة، عام 2003، «لا تشمل Depot البيئة». إذ أن وجود الـ Depot «يرتبط بالبيئة لا بسلامة المركبة. علماً أن قانون السير الجديد فرض وجوده في السيارة، لكن تبقى العبرة في التنفيذ». وهذا تعدّ صارخ على البيئة، والصحة العامة، «ويخالف كل الاتفاقيات الدولية التي وقّعتها الدولة اللبنانية للتخفيف من تلوث الهواء وإدارة المواد الكيماوية»، بحسب الخبير البيئي ناجي قديح. فالـ Depot «قطعة أساسية في السيارة تمتص الغازات المضرة بالبيئة التي تنتج عن احتراق الوقود في محركها، وتمنع انبعاثها من الفوهة الخارجية لمؤخرة العادم بعد تحويلها إلى غازات أقل ضرراً. والغازات التي تعالجها هذه القطعة هي أول أوكسيد الكربون (CO)، أوكسيد النيتروجين، وغاز الهيدروكربون غير المحترق. وعندما تخرج هذه الغازات السامة إلى الهواء ترفع نسبة التلوث وتعرض السكان للأمراض التنفسية وأمراض القلب».
إلى جانب الأضرار البيئية، يوضح المهندس الميكانيكي حسين فرّوخ أن خطورة الاستغناء عن «ديبو البيئة» تكمن في احتمال تسرب غاز أول أوكسيد الكربون من الـ«إشابمان» إلى داخل مقصورة السيارة، «وهو غاز لا لون له ولا رائحة، ويؤدي إلى وفاة السائق بعد نصف ساعة من استنشاقه في حال كانت نوافذ السيارة مغلقة». كما يؤثر غياب الـ«ديبو» على حاسة سمع السائق بسبب شدة صوت الاهتزاز الذي يحدثه في السيارة، والذي «قد يصل إلى 85 ديسيبل بحسب مقياس السمع». أما في ما يخصّ الحركة الميكانيكية للسيارة، فإن غياب «Depot» قد يؤدي إلى تنشيطها بنسبة قليلة، إلا أنه يزيد من صرفها للبنزين.