شدد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي على أنه “لم يدع أبداً إلى مؤتمر تأسيسي، بل أن المطلوب اليوم هو إقرار حياد لبنان والعودة إلى الطائف والدستور والحفاظ على العيش المشترك الذي يُمثل رسالة لبنان”، سائلًا: “لماذا فريق في لبنان (حزب الله) سيتحكم بالحرب والسلم، في وقت يقول الدستور إن قرار الحرب والسلم تُقرره الحكومة اللبنانية”؟
وحمّل الراعي، في مقابلة مع “الحرة” (ستبث كاملة عند الساعة 10:05 مساء بتوقيت بيروت) “كل الطبقة السياسية مسؤولية ما وصل إليه لبنان”.
وعبّر عن تأييده لمطالب “الثورة التي نريدها ثورة حضارية تعرف كيف تطالب وبماذا تطالب ولا تكون فوضى يدخل عليها مندسون للتخريب وتشويه صورته”، رافضاً “المطالبة بإسقاط النظام وهذا كلام كبير والمطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية كلام أكبر ونحن لا ندعم هذه المطالبات”.
وعن سؤاله حول من يُرشح لرئاسة الجمهورية، أجاب الراعي: “ليس عملي أن أرشح أشخاصاً، ولكن أنا أقول على رئيس الجمهورية أن يكون إنساناً متجرداً من أي مصلحة وحاضر حتى يضحي في سبيل المصلحة العامة وخدمة الوطن” .
وفي موضوع السلام مع إسرائيل، قال: “هناك مبادرة بيروت للسلام فليعودوا إليها، ما هي الشروط على الدول التي تريد التفاهم وما هي الشروط على إسرائيل ولكن لدينا ليس الدولة التي تعالج الموضوع، هناك حزب الله الذي يقرر الحرب والسلام مع إسرائيل وليس الدولة”.
نص المقابلة
س: بداية، هل ما نعيشه اليوم من لا استقرار هو دليل على فشل لبنان الكبير الذي رعته الكنيسة عام 1920؟
الراعي: لبنان الكبير لم يفشل. ما فشل هم السياسيون ولبنان باقي، عاش مئة سنة وبدأنا بالمئة سنة الثانية ولكن مع الأسف، الجماعة السياسية هي التي فشلت لكن لبنان بحد ذاته لم يفشل أبداً. نستطيع اليوم أن نرى الشعب مستمراً أكثر من السلطة السياسية.
س: ما أطلقتموه في 27 فبراير، هل هو حجر الأساس للاستقلال الثالث؟
الراعي: ما أطرح هو أن اليوم لبنان وصل إلى مرحلة خطرة. ظهرت في المؤسسات المشلولة والبرهان على ذلك منذ سنة نتخبط لتشكيل حكومة. الشعب البوم يموت جوعاً ويطالب والدولة غير موجودة. وأسبابه أن لبنان خلافاِ لطبيعته وهويته أُدخل في قضايا دولية وإقليمية تحالفات ونزاعات وحروب أعادته إلى الحالة التي هو فيها اليوم، وحين رأيت أن هذا الوجه الآخر لا تستطيع الطبقة السياسية أن تتواجد على طاولة واحدة وتطرح الحلول رأيت من واجبنا أن نرفع قضتنا إلى الأمم المتحدة حتى يكون في مؤتمر، كمؤتمر الطائف الذي انعقد حين لم يستطع اللبنانيون أن يتفاهموا في ظل الحرب التي كانت دائرة فكان الطائف حتى نوقف الحرب.
س: هل تتحدث اليوم عن مؤتمر تأسيسي جديد؟
الراعي: كلا. أوضحت أكثر من مرة أن المؤتمر الذي أدعو إليه الآن، نحن اللبنانيون علينا تحضيره بما معناه علينا تشخيص مرضنا انطلاقاً من أمور ثلاثة: وثيقة الوفاق الوطني الطائف التي مع الأسف لم تنفذ لا بكامب نصها ولا بروحها وهذا التعثر الحاصل منذ 30 سنة أوصلنا إلى أن نقع الآن.
ثانياً، الدستور الذي عدل في ضوء اتفاق الطائف وكلنا نعلم أن هذا الدستور وضعوه إلى جانب ويخلقون أعرافاً وتقاليد خارجة عنه، وفي الدستور هناك ثغرات متروكة، فوصلنا إلى مكان ليس فيه حوار لأن كل واحد منهم خلق دستوره.
وثالثاً ميثاق العيش معاً. هذه النقاط الأساسية، وأنا لم أدع ولا أدعو ولا سأدعو إلى مؤتمر تأسيسي اطلاقاً. نحن لسنا بحاجة إلى مؤتمر تأسيسي، نحن فقط بحاجة إلى أن نعود لنحافظ على هذه الثلاث ودائع الأساسية التي تكوّن هوية ورسالة لبنان.
س: ما هي الثغرات (الدستورية) التي علينا إعادة النظر فيها؟
الراعي: حين تحدثنا عن الحياد، تحدثنا عن 3 مقومات أساسية سمّيناها عناصر مترابطة بعضها ببعض لا تقبل الانفصال، أولاً الحياد وهو عدم دخول لبنان بأي أحلاف أو نزاعات أو حروب إقليمية أو دولية لأنها خارجة عن طبيته وعن تكوينه السياسي والجغرافي وعن هويته الأساسية وهي أنه حيادي. ثانياً، لماذا؟ لأن لبنان لديه دور غير الحرب. لديه دور السلم والسلام كونه مكاناً للتلاقي ولحوار الحضارات والأديان. ثالثاً، لأجل كل هذا، مطلوب أن تكون الدولة اللبنانية قوية بجيشها الخاص من أجل ضبط سيادتها الداخلية أي بمعنى لا يكون لدينا دويلات وجمهوريات في الداخل وأن يكون لديها سيادة وهذا ما نفتقده اليوم لدينا سيادة على الورق فقط. العنصر الثالث والأساسي أن يكون هناك دولة لديها سيادة قوية وأن يكون لديها جيشها القوي الخاص الذي يحفظ سيادتها الداخلية والخارجية أي تستطيع أن ترد أي اعتداء يأتيها من إسرائيل أو من أي دولة أخرى.
هذا كله معناه الحياد، وليس جزءاً من دون آخر أو حياد الضعيف، بل حياد القوي والمتماسك.
س: حين نقول إن هوية لبنان هو المقاوم ضد إسرائيل في المنطقة العربية؟
الراعي: كلا هذه ليست هوية لبنان. كل دولة عليها أن تقوم بمعنى أن تحفظ نفسها من أي اعتداء والمقاومة بدأت قبل حزب الله. بدأت عام 1975. المقاومة الشعبية أي ليس هناك شيء اسمه المقاومة، لفئة من دون سواها. يعني يجب أن كون هناك جيش يقاوم وحين يحتاج، الدولة تقول للشعب تفضلوا معنا.
س: يعني اليوم بعد 27 فبراير نقول إن المقاومة اللبنانية بدأت لاستعادة الدولة وهيبتها؟
الراعي: ما أريد أن أقوله إن المقاومة هي من صميم كل دولة. طبيعة الدول أن تكون جاهزة لمقاومة كل اعتداء عليها ولكن تقاوم بجيشها وليس أي شيء آخر. وهنا أريد أن أسأل سؤالاً بسيطاً، لماذا لم نُقر الاستراتيجية الدافعية المشتركة التي هي تعاون الجيش اللبناني مع سلاح حزب الله. من أيام الرئيس (السابق) ميشال سليمان، دُرست وأُقرت الاستراتيجية الدفاعية المشتركة. في خطاب القسم لرئيس الجمهورية الحالي أيضاً تحدث عن الاستراتيجية الدفاعية.
س: هل أنتم مع استراتيجية دفاعية أو مع نزع سلاح حزب الله؟
الراعي: الاستراتيجية الدفاعية المشتركة مع حزب الله لأنه هو من يحمل السلاح. والسؤال لماذا لم تُطبق لكي نخرج من هذه المشاكل الموجودة حالياً، لماذا فريق في لبنان سيتحكم بالحرب والسلم في وقت يقول الدستور إن قرار الحرب والسلم تُقرره الحكومة اللبنانية بثلثي عدد الأصوات، لكن فعلياً ما الذي يحصل؟ ولماذا لا نقر الاستراتيجية الدفاعية المشتركة؟ لماذا؟
س: تحدثت أنه حررنا الأرض والآن نريد أن نحرر الدولة. ممن ستتحرر من سيطرة الحزب على مفاصل الدولة وقرار الحرب والسلم؟
الراعي: كلا كلا. تتحرر من هيمنة الطبقة السياسية التي أخذت الشعب رهينة من دون أن تحل أي شيء. الشعب يجوع وعاطل عن العمل والمسؤولون يريدون تحقيق مصالحهم فقط فيما الشعب في مكان آخر. إذاً، مسؤولو هذه الدولة لا يقومون بواجباتهم في خدمة الشعب.
س: عندما نتحدث عن مسؤولين لا يقومون بواجباتهم، هل نقصد رئيس الجمهورية، مجلس النواب، مجلس الوزراء؟
الراعي: كل الطبقة الحاكمة. من يحكم المؤسسات الدستورية، من رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب، جميعهم.
س: حضرتك تتحدث عن تحرير الدولة، كأنك أطلقت ثورة مكملة لـ”17 أكتوبر” أو من نوع آخر، هل بكركي قادرة على أن تترجم الحالة الاعتراضية لحالة سياسية هي تؤسس للمرحلة اللاحقة؟
الراعي: الثورة حالة اعتراضية على الوضع الذي وصل إليه الشعب الذي صار غير موجود ونحن بلد ديمقراطي، بمعنى حين يعبر الشعب وصار مظاهرات كثيرة حتى قبل الثورة وهم لا يكترثون، وكأنهم يقولون للناس تكلموا ما أردتهم نحن نقوم بما يحلوا لنا. أتت الثورة وباركناها ونباركها ولكن نريدها ثورة حضارية تعرف كيف تطالب وبماذا تطالب، ولا تكون فوضى يدخل عليها مندسون للتخريب وتشويه صورتها ولكن الثورة ضرورية.
س: في غياب السلطة، أنت مع أن يحصل تظاهرات تقول للمسؤولين نحن هنا؟
الراعي: أنا ونحن جميعاً مع الثورة الحالية بمطالباتها المحقة. ما هو المحق؟ يريدون الحياة الكريمة وتأمين عمل، يريدون استقرار، يريدون حقوقهم، يريدون أن يحيوا بكرامة، لا يريدون الهجرة، ضد الفساد، يريدن بقاء المال العام.
س: حين يطالبون بإسقاط النظام واسقاط رئيس الجمهورية، هل أنتم مع هذين المطلبين؟
الراعي: هذا المطلب لا نمشي فيه ولا ندعمه وليست هذه الطريقة. إسقاط النظام هذا كلام كبير وإسقاط رئيس الجمهورية كلام أكبر، نحن لا ندعم هذه المطالبات أبداً، نحن نحترم المؤسسات الدستورية ونحافظ عليها جميعها، ولكن ما يجب أن يطالبوا به هو حقهم على السلطة أن تؤمنه للمواطنين.
س: هل ستدفعون بمطلب انتخابات نيابية مبكرة؟
الراعي: إذا كان هناك مجال نعم. ولكن أعتقد أن الوقت قصير والانتخابات الفرعية غير قادرين على القيام بها، ولكن نحن مطلبنا الأساسي صار أن تحصل الانتخابات النيابية في مايو 2022، ونطالب أن يحصل في أكتوبر 2022 انتخاب لرئيس الجمهورية، لا نريد أن يمدد المجلس النيابي لنفسه تحت أي ذريعة ولا نريد التمديد لرئيس الجمهورية أو أن يحصل فراغ. هذا مرفوض رفضاً قاطعاً وكلياً.
س: ما الذي سيساعدكم في جعل المؤتمر الدولي الذي طالبتهم به، حقيقة؟
الراعي: أن يكون مطلباً شعبياً. الشعب مأخوذ أسير، ماذا يفعل ولمن يلتجئ؟ حين حصل الطائف كان هناك إجماع؟ آنذاك كان يُمسك الحكم الرئيس عون حين كان آنذاك رئيساً للحكومة لم يكن مع الطائف ولم يكن عناك إجماع حول الاتفاق. نحن اليوم نبحث عن إجماع دولي لإقامة هذا المؤتمر.
س: هل لمست إجماعاً دولياً حول هذا المطلب؟
الراعي: لنا حوالي العام نعمل مع الدول العربية والغربية الصديقة وغيرها من خلال سفرائهم أو غيرهم ونتحدث معهم حول هذا الموضوع لأن كل الناس تعلم الواقع اللبناني، والكل يُرحب لأنهم يرون مذلة الشعب اللبناني أين أصبحت.
س: بكركي ستسير في هذه المبادرة إلى النهاية؟ ستتحقق؟
الراعي: نحن سنستمر إلى النهاية من أجل كل لبنان حتى لو رفض جزء من اللبنانيين هذه المبادرة لأننا نعمل من أجل خير كل اللبنانيين وكل لبنان.
س: البعض يتحدث عن أنه لم تطرق إلى حزب الله في خطاب أمس (السبت)، وتحدثت عن عملية انقلاب على الدولة، فمن يقوم بهذا الانقلاب؟
الراعي: المسؤولون في الدولة هم من قاموا بالانقلاب على الدولة فهم لا يُطيقون الطائف ولا الدستور والعيش المشترك لا يحافظون عليه. الطبقة السياسية انقلبت على الدولة والشعب هو ضحية.
س: المشكلة اليوم بالطبقة السياسية أو بهيمنة الحزب على الدولة؟
الراعي: المسؤول اليوم هم الطبقة السياسية، حزب الله وغير حزب الله.
س: هل صحيح أن اللواء عباس إبراهيم (مدير عام الأمن العام) حمل مبادرة حوار بينكم وبين حزب الله؟
الراعي: هناك لجنة بين بكركي وحزب الله وهي عادت للاجتماعات، وسنفعل هذه الاجتماعات ونحن نريدها والبرهان أنها موجودة منذ أيام البطريرك صفير، توقفت لفترة وعدت أحييتها بالأسماء نفسها والآن هناك توجه لإحيائها وأنا من أول يوم أقول، لماذا سنختلف على معنى الحياد مع حزب الله وعلى مفهوم المؤتمر الدولي أتمنى أن نلتقي أنا وإياهم وأشرح لهم، وأتمنى من كل قلبي أن يزوروا بكركي وليست أول مرة أدعوهم فيها.
س: على ماذا ستركز على اللقاء بينك وبين قيادة الحزب؟
الراعي: بدءاً بالحياد والمؤتمر الدولي وأي موضوع آخر تريدون. ليس لدينا مصالح إلا لبنان وكل الشعب اللبناني. ليس لدينا ارتباطات مع أحد ولا أجندة مع أحد ولا مشاريع خاصة فينا كبطريركية.
س: هناك إجماع مسيحي حول ما تطرحونه ولكن البعض يقول إن التيار الوطني الحر يتحفظ على بعض هذه العناوين، وموقف جمهور التيار لم نره في الصرح؟
الراعي: لا أعلم من كان موجوداً ولكن لا أعتقد أن هذا الكلام صحيح. قبل يوم كان نواب ووزراء من التيار هنا وليس هناك خلاف معهم. لم أتحدث مع رئيس الجمهورية في موضوع المؤتمر الدولي ولكن مع التيار تكلمنا مطولاً.
كانوا هنا مرة وسئلوا إذا كانوا مع الطرح، قالوا: فلنُحل أولا القضايا بين بعضنا البعض وأنا أقول نعم، لأنه لا نستطيع حل القضايا داخلياً قبل موت لبنان فلنقوم بمؤتمر دولي. المطالبة بمؤتمر ليست هواية وعيب علينا أن نطالب بمؤتمر دولي ولكن العيب الأكبر هو ألا يجلس رئيس الجمهورية والرئيس الحكومة المكلف ويحلوا قصة الحكومة. عيب أكثر أن نجلس 4 أشهر من دون حكومة شرعية ودستورية، هذا العيب الكبير.
نحن ككنيسة نظمنا أنفسنا مع المؤسسات الخيرية الموجودة على الأرض ومع الرهبانيات والأبرشيات والرعايا من أجل أن نمسك الأرض وبالتالي نحاول أن نساعد الناس الذين هم بحاجة..
س: هل يُمكن أن تطلق مبادرة جديدة بين الرئيسين لحلحلة الموضوع الحكومي، خصوصاً أن جلستك الأخيرة مع رئيس الجمهورية كانت عاصفة ووجهت له أسئلة مباشرة؟
الراعي: صحيح، واجتمعوا يوم الثلاثاء قبل الميلاد وعلى أساس أن يكون الاتفاق هدية للبنانيين قبل العيد، ولكن خرج الرئيس الحريري (رئيس الحكومة المكلف)، وقال لدينا اجتماع الأربعاء والذي عادوا واختلفوا فيه. أنا أقول على صوت عال، لا مبرر للخلاف ولا مبرر أن لا يكون هناك حكومة أو أن يجلسوا سوياً لمعالجة الموضوع.
س: ما هو جوهر الخلاف بينهما (عون والحريري) هل صحيح الثلث المعطل؟
الراعي: أنا سألت الوزير باسيل (صخر الرئيس اللبناني) وقال لي لا نريد الثلث المعطل، وأنا لا أدخل في هذه الأمور، أنا أقول ليس هنالك مبرر لعدم قيام الحكومة، فليضعوا جانباً حساباتهم الشخصية وحساباتهم المستقبلية، وليضعوا أمامهم الحسابات الوطنية والحل يحصل في ربع ساعة.
س: هل قصدت الحسابات المستقبلية أي الوصول لكرسي الجمهورية؟
الراعي: عليهم أن لا يقوموا بالحسابات. من يريد أن يحكم عليه أن يكون حراً من ذاته ومن غيره. حين أكون حراً ومتجرداً أحل القضايا في جلسة واحدة.
س: هل تُلمح بأن قرار العماد عون هو بيد حزب الله؟
الراعي: يمكن أن يكون كذلك وأيضاً يمكن للرئيس سعد الحريري أن يكون مرهوناً لأحد آخر. لا أعرف لمن، أنا أتحدث بالمبدأ. كل مسؤول في كنيسة والدولة والمجتمع عليه أن يكون حرا من ذاته ومصالحه، إذا كان يستطيع فليحكم وإن لم يستطع فليتنحى عن الحكم.
س: ولكن ما جوهر الخلاف بينهم؟
الراعي: لا أعرف ولا يهمني. أنا أقول إنه لا مبرر للخلاف لأنه بين تأليف الحكومة وبين أن نرى الشعب يموت من الجوع كالمرأة التي رأيناها في التقرير، أعتقد أنها أهم بكثير من أن نتوقف عند تأليف الحكومة. هي صورة عن الشعب اللبناني، وبالتالي علي أن أتجرد من شروطي ونظراتي وحساباتي لأنني في خدمة الشعب وليس أي أحد آخر. إذا استطاعوا ذلك بالتالي هم يعيشوا مسؤوليتهم. وبالتالي أنا أقول ما أراه وأتوقف عند هذا الحد.
س: هل تعتبر أن اتفاق مار مخايل بين الحزب والتيار حمى لبنان؟
الراعي: لم يسألوني رأيي حين وقعوه (حزب الله والتيار الوطني الحر) وبالتالي لا أستطيع أن أعطي رأيي إن كان متعثراً. ولا أعرف ما يوجد بينهم الآن.
س: هل أداء التيار الوطني الحر حمى حقوق المسيحيين؟
الراعي: هو يعرف. فليعمل جردة حسابات ويرى. بالنسبة لي حين يكون هناك دولة قائمة ومحافظة على مؤسساتها حسب الأصول والدستور، تُحمى حقوق كل اللبنانيين.
س: هناك من يقول إن رئيس حزب القوات سمير جعجع جيّش وحشد لمحاولة الاستفادة سياسياً من هذا الأمر؟
الراعي: وما الذي يمنعه. نحن لم ندع أحداً، نحن لسنا أصحاب الدعوة ولم ننظم هذا اللقاء، بالعكس نحن لم نكن نريده بسبب كورونا وبسبب الأوضاع، ولكن الشعب قام وعبر واعتبر أنه إذا جاء إلى بكركي فهو بالمكان الذي يستطيع فيه أن يعبر بحرية. قرأنا كم أن الشعب متعطش لأن يُسمع صوته وبكركي تدعم وتحمي الصوت الحر.
س: هل يدعم الفاتيكان المؤتمر الدولي؟
الراعي: الفاتيكان ليس دولة تقولين لها أريد هذا الأمر فادعمني. الفاتيكان يستمع ويعمل بطريقته، لو نقرأ ما قاله قداسة البابا للسلك الدبلوماسي ممثلاً بـ 167، يقول لهم إن المجتمع الوطني مدعو أن يعتني بلبنان فماذا نفهم منها؟
س: هل تعتبر أن خطاب شد العصب المسيحي فات عليه الزمن؟
الراعي: نحن خطابنا دائما لبناني. وأعود وأقول، حين يكون لبنان بسلام يعني جميعنا بسلام وبالتالي نكون نؤمن حقوق كل الناس أما أنا الماروني سأطالب للموارنة والشيعي للشيعة والدرزي للدرزي وبالتالي نكون قد فتتنا البلد، لبنان ليس كذلك.
س: لماذا لم يتعال القادة الموارنة عن مصالحهم الشخصية واجتمعوا على المصلحة الوطنية؟
الراعي: إذا هم لم يجتمعوا ولم يُلبوا فهذا شأنهم، ولكن أنا أعود وأقول لك ليست هذه هي القضية المطروحة لدي. أنا يهمني الشعب اللبناني. هم لديهم ارتباطاتهم وأسبابهم، وكل هذا يلعب دور.
س: هل هو طموح الرئاسة؟
الراعي: ليس بالضرورة. السياسيون لديهم أجنداتهم حساباتهم وارتباطاتهم لا يمكن تجريدهم، بكركي ليس لديها مصلحة ولكن هم بلى، نحن نريد مصلحة الوطن والوحدة اللبنانية وليس الوحدة المارونية أو الشيعية أو السنية لأننا بذلك نُقسم لبنان وليس هذا لبنان إطلاقاً.
س: من ترشح البطريركية لرئاسة الجمهورية المقبلة؟
الراعي: ليس عملي أن أرشح أشخاصاً، ولكن أنا أقول على رئيس الجمهورية أن يكون إنساناً متجرداً من أي مصلحة وحاضر حتى يضحي في سبيل المصلحة العامة وخدمة الوطن، وبالتالي فليُنتخب، أما من مُرشحي فهذا لا أقوله أبداً.
س: هل هناك أحد في هذه المواصفات؟
الراعي: نعم إذا بحثوا هناك الكثير من الشخصيات الممتازة جداً.
س: هل تخاف الكنيسة من التغيير الديمغرافي؟
الراعي: هذا واقع موجود. مرينا بظروف كثيرة والهجرة طالت الجميع ليس فقط المسيحيين. ولكن طريقة العيش، من الإنجاب إلى الطلاق، هذا ما غير الأعداد. ولكن ليس هذا ما يحمي، ما يحمي هو هذا اللبنان المكون من الجناحين بثقافتهم ودورهم وهذا ما يقيم لبنان وإذا لم نحافظ على لبنان آمناً، هذا الطير لا يستطيع الحياة.
س: هل الحديث عن “وقف العد” كما يقولون هو حديث يجوز في هذا الوقت؟
الراعي: هذا حديث قيل في الطائف وهو موضوع مقلق، لأن الجميع اتفقوا على المشاركة في الحكم مناصفة، وفي الطائف قالوا نجدد ميثاق 1943 وقالوا نحن لا نعد الآن ونعتبر المسيحيين والمسلمين الجناحين سوياً، هذا ما قالوا من أجل المحافظة على جوهر الكيان اللبناني ولبنان هذا قيمته. لبنان المسيحي لا طعمة له ولبنان المسلم لا طعمة له. أنا أريد المسلم اللبناني كي أعيش معه لأننا كونا ثقافة مشتركة والمسلم اللبناني يريد نفس الشيء أيضاً. لبنان ليس قطعة أرض فقط.
س: هل التوجه للمطالبة بتحقيق دولي في تفجير مرفأ بيروت، هو نتيجة عدم ثقة بالقضاء اللبناني؟
الراعي: أنا تحدثت عن تعاون لأن الموضوع واسع ولا يستطيع قاضي لبناني واحد أن يدرس الموضوع المرتبط أيضاً، من أين أتت الباخرة وكيف توقفت وماذا حصل ومن ثم هناك ضحايا سقطوا غير لبنانيين أيضاً، وبالتالي المجتمع الدولي معني والأقمار الاصطناعية تُصوّر والتعاون مع القضاء الدولي هو من أجل أن نصل بسهولة إلى هذه المواضيع الشائكة.
وأيضاً هناك تدخل سياسي في القضاء اللبناني ورأينا كيف قامت قائمتهم على القاضي صوان. أريد أن أسأل لو طلب أن تُنزع الحصانة عن النواب والوزراء كانوا سيفعلونها؟ طبعاً لا. ما يحصل أمامنا هو تدخل سافر بالقضاء.
س: هل يُمكن أن تذهبوا إلى طرح موضوع السلام مع إسرائيل في المرحلة المقبلة؟
الراعي: هذا موضوع واسع ولكن أريد أن أذكر أنه في مؤتمر بيروت للسلام الذي عقدته الجامعة العربية، وضعوا خلالها الشروط وكُل من يقوم بالسلام يعتمد على الشروط الموضوعة آنذاك. وبالتالي ادرسوا الموضوع. هناك مؤتمر أقيم من أجل هذا الأمر.
س: هل البطريركية تؤيد قطار السلام الذي انطلق في بعض الدول العربية؟
الراعي: نحن نؤيد السلام أينما كان. نؤيد التفاهم بين الدول وليس الحروب، نؤيد المؤتمرات بين الدول لا الحروب. الحروب بغيضة تخرب الدول ويدفع ثمنها الشعب. ليس هناك من حرب إلا وخربت الدول وجوعت الناس. نحن مع السلام، ومن هذا المبدأ مطلوب من الدول المعنية أن تفتح الموضوع وتدرسه من كل الجوانب. هناك مبادرة بيروت للسلام فليعودوا إليها، ما هي الشروط على الدول التي تريد التفاهم وما هي الشروط على إسرائيل، ولكن ليس لدينا الدولة التي تعالج الموضوع، هناك حزب الله الذي يقرر الحرب والسلام مع إسرائيل وليس الدولة.
س: هل أنت مع ترسيم الحدود؟
الراعي: نحن حدودنا البرية محددة منذ عام 1920 واسمها الحدود الدولية ويرجعوا لها وتترسم كما هي لا زيادة ولا نقصان إن كان من جهة سوريا أو إسرائيل، والحدود البحرية يقومون بترسيمها الآن في اللجان المشتركة.