Site icon IMLebanon

هل تضع واشنطن يدها على تحقيقات المرفأ؟

كتب داني حداد في موقع الـ mtv:

 

ندخل هذا الأسبوع الشهر السابع على انفجار المرفأ. الحقيقة غائبة، والعدالة مفقودة. موقوفون لا ذنب لهم، ومتورّطون مجهولون. فهل ستتغيّر الصورة مع تعيين محقّق عدلي جديد؟

كثيرةٌ هي الروايات التي تسمعها، من رجال قانون وأمن. من هذه الروايات أنّ حزب الله قام بحرق ما تبقى من نيترات الامونيوم لإزالة أي دليل على استخدامها، وأن تقديراته الفنيّة لم تأتِ مطابقة للواقع، فوقع الانفجار الكارثة وبالتالي ليس من مصلحتهِ الكشف عما حصل، حتى لا يحمل وزر ما يقارب أكثر من 200 ضحيّة، فيفضّل نظرية “الاهمال” حيث تتمّ التضحية ببعض الرؤوس الامنية والقضائية والسياسية، ويُقفل الملف.

أما في الرواية الثانيّة فتتّجه أصابع الاتهام نحو العدو الاسرائيلي الذي قد يكون ضرب المرفأ بصاروخ أو بالليزر، كما أفاد أحد الطيارين الالمان، من دون أن يكون مُقِدّراً لحجم الضرر الذي سيقع في العاصمة اللبنانية لعدم علمِه بكميّة المتفجرات الموجودة، فليس من مصلحتهِ أيضاً ان يكشف عما قام بهِ، حتى لا تُلاحق إسرائيل امام المحافل الدوليّة بجرائم ضدّ الانسانيّة، خصوصاً أنّ الدولة العبريّة على مشارف الانتهاء من إتفاقيات التطبيع والسلام مع معظم دول الخليج العربي.

والغريب، في هذا الاطار، أنّ حزب الله لم يتّهم، للمرة الأولى في تاريخه، إسرائيل، كما أنّ الأخيرة لم تتّهم أيضاً حزب الله، هو أمر يقتضي التوقف عندهُ!

وتبقى الرواية الثالثة، هي رواية الاهمال السائدة والمناسبة حتى الان للجميع ولأهل الضحايا، إذ تؤدّي فعلياً الى تقاضي هؤلاء لتعويضاتٍ من شركات التامين، ولكن في هذا الاطار توجد مشكلة على مستوى الدلائل. فحتى تقرير شعبة المعلومات لم يجزم بأن التلحيم أدى الى التفجير، في ضوء استخدام شركة شبلي لجهاز تلحيم يعمل على البطارية ولا يرسل شرارات من شأنها ان تحرق!

كيف سيتخطى طارق البيطار إذاً هذه المعضلة؟ هل سيكمل كما فعل سلفه بالتوقيفات العبثية فقط ليروي ظمأ أهل الضحايا؟ وهل يرضى كلّ من فقد إبناً او إبنة أو أم أو أيّ قريب أو صديق أن يروي غضبه بدماء مظلومين؟ هل من مسؤولية على الرائد جوزف الندّاف بسبب تأخره في فتح محضر تحقيق؟ وما هو الرابط بينَ التأخير والتفجير الذي وقع بعدَ ثلاثة أشهر؟

لقد أوقف الرائد ندّاف تحقيقاته بعد التعميم الذي وصلَ إليه تسلسلاً من اللواء أنطوان صليبا بوقف اخذ أي إجراءات بسب جائحة كورونا، وذلك سنداً لتعميم النائب العام التمييزي بوجوب وقف كل التحقيقات من شهر آذار حتى منتصف شهر أيار. فهل حصلَ الانفجار في تلك الفترة؟ لا. ماذا حصلَ إذاً؟ تابع الرائد نداف تحقيقاته وعندما تأكد بأنّ النيترات ليست سماداً زراعيّاً بل هي مواد خطيرة الاشتعال والانفجار، خابر مفوّض الحكومة آنذاك القاضي بيتر جرمانوس الذي رفضَ إعطاء اي إشارة. فتوجه الرائد نداف الى مدعي عام التمييز الذي أشار عليه بأوامر عدّة نفذّها النداف في متنِ محضر قضائي.

ولكن، عندما رأى النائب العام التمييزي انه لا يوجد أيّ جرم مُرتكب، ترك المستمع إليهم في المرفأ أحراراً وختم المحضر، فأين مسؤولية الرائد نداف؟ وأين مسؤولية ضباط الامن العام الذين قاموا بواجبهم كاملاً لجهة مراسلة القيادة، وأين مسؤولية المهندسة نايلة الحاج والسائق ومتعهد التوريد جوني جرجس؟ كفانا ظلماً.

والغريب ان تقرير شعبة المعلومات وجدَ مسؤولية تقع على عاتق هذا الرائد في أمن الدولة بالرغم من انه الوحيد الذي قام بواجبهِ. ولكن ما هي الارضية القانونية التي إستندَ إليها رئيس شعبة المعلومات الذي كان استقصى عن أمن المرفأ قبل زيارة سعد الحريري إليه في ايلول 2019 وعِلم بوجود النيترات!

حضرة المحقق العدلي طارق البيطار، إن الكونغرس الاميركي صادق بدورته 116- الدورة الثانية تاريخ 22/12/2020 على مشروع قانون تحت رقم 682 كان قد تقدّم بهِ الحزبان الديمقراطي والجمهوري للمرّة الاولى سوياً والذي بموجبه وافقا على فرض محققين أجانب في ملف إنفجار المرفأ لانه لا ثقة للإدارة الاميركية بالتحقيق اللبناني، وهذا سيؤدي لاحقاً الى تدويل التحقيق، خصوصاً

أنّ الكونغرس الاميركي سيصوّت على مشروع القانون الشهر المقبل.

إنها فرصة جميع اللبنانيين برفع الظلم عن الموقوفين أولاً وكشف الحقيقة ثانياً، وبعدها ترتيب المسؤوليات.

طارق البيطار نأمل بكَ خيراً. لا تخذل الضحايا ولا تسلخ سيادة لبنان بالتحقيق.